رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

حزنت وتأثرت كثيراً لرحيل وفقدان أستاذى ومعلمى وأخى وصديقى العزيز الكاتب الصحفى الكبير عباس الطرابيلى أحد أهم أعمدة الصحافة العربية وليست المصرية فقط، فكتاباته ومقالاته وأعمدته اليومية فى الصحافة المصرية مقروءة ومحبوبة فى الوطن العربى، فهو كاتب موسوعى شامل يكتب فى جميع المجالات السياسية والاقتصادية والتاريخية والجغرافية وحتى المطبخ له فيه أكثر من كتاب، وعن هذا المجال صورت معه أكثر من حلقة تليفزيونية، حيث كانت روحه مرحة ويحب الطعام والطهى خاصة الأسماك فقد كان دمياطياً أصيلاً يحب مدينته ومحافظته ويعتز بانتمائه لها. ولى معه حلقة مميزة فى برنامج «الصالون» تقديم عمرو قنديل وإخراج المخرج الكبير الراحل خالد رزق أذيعت فى مارس 2002م وكان ضيوفه فيها الفنانة الكبيرة سميرة أحمد والموسيقار الكبير الراحل عمار الشريعى ومحافظ دمياط وقتها الدكتور عبدالعظيم وزير والسفير عبدالرؤوف الريدى والسفير محمد شاكر وزادت مدة الحلقة على الساعة وتحدث فيها عباس الطرابيلى بكل الحب عن دمياط و«الدمايطة الشغيلة الجدعان».

علاقتى بالكاتب الكبير عباس الطرابيلى بدأت عام 1984م حين أجرى لى اختبارًا فى جريدة الوفد قبل أن يضمنى لقسم التحقيقات الذى كان يرأسه، بالإضافة لعمله مساعداً لرئيس التحرير آنذاك الكاتب الكبير الراحل مصطفى شردى، حيث قابلنى وقتها وأعطانى بلوك ورق دشت مصمغ وأخذنى لغرفة فارغة لأجلس فيها بمفردى وأكتب كل أفكارى لعمل تحقيقات لجريدة الوفد وتركنى لأكثر من ساعة ثم عاد فوجدنى مازلت أكتب، حيث طرحت أكثر من 37 فكرة تحقيق وشرحت كيفية عمل كل تحقيق منها وضيوفه والأسئلة التى ستوجه لكل ضيف.. فنظر الراحل إلى ما كتبت بإعجاب شديد وأبلغنى بانضمامى لاجتماع التحرير لجريدة الوفد الغراء قبل إصدارها فى أبريل 1984م.

استمرت علاقتى بأستاذى عباس الطرابيلى فى قسم التحقيقات ومع أستاذى سعيد عبدالخالق فى قسم الأخبار، حيث أسند إلى وزارة الصحة ولاحقاً وزارات السياحة والطيران المدنى والإعلام واتحاد الإذاعة والتليفزيون.. ولم تنقطع علاقتى به بعدما حصلت مشكلة بسيطة بينه وبين صديقيه وأستاذى رحمهما الله مصطفى شردى رئيس تحرير الوفد وجمال بدوى مدير التحرير، حيث ترك عباس الطرابيلى الجريدة وتولى إدارة مكتب جريدة الاتحاد بالقاهرة، حيث ذهبت إليه للعمل معه هناك دون أن يؤثر ذلك على عملى بجريدة الوفد ومؤسسة دار الهلال. كما استمرت علاقتى به أيضاً بعد عودته لـ«الوفد» للمشاركة فى الإعداد لإطلاق الوفد اليومى الذى صدر فى مارس 1987م.

وكان عباس الطرابيلى صديقاً للأستاذين مصطفى شردى وجمال بدوى منذ كانوا طلبة بكلية الآداب قسم الصحافة ثم عملوا معاً بعد ذلك فى مؤسسة أخبار اليوم وسافروا معاً لدولة الإمارات العربية المتحدة لإصدار جريدة الاتحاد التى حققت نجاحاً كبيراً وظلوا بها لمدة 11 عاماً ثم عادوا للعمل بالأخبار ولاحقاً تجمعوا معاً لإصدار جريدة الوفد عام 1984م ومعهم الكاتب الكبير الراحل سعيد عبدالخالق، حيث حققت الجريدة نجاحاً كبيراً غير مسبوق بجانب التأثير الكبير الذى أحدثته فى المجتمع المصرى ودورها فى كشف الفساد والتمهيد لتأسيس مصر جديدة كدولة ديمقراطية ليبرالية وتحقيق التقدم والازدهار فى كافة المجالات.

تركت جريدة الوفد لكن علاقتى بأستاذى العزيز ومعلمى الكاتب الكبير عباس الطرابيلى لم تنقطع ولم تتراجع، فكان دائماً ضيفى فى كافة البرامج التليفزيونية التى أقوم بإعدادها، حيث كان الراحل يشارك فى كل البرامج التى أدعوه إليها دون الاهتمام بالضيوف الآخرين معه فى الحلقة، حيث كان شديد الثقة بالنفس، شجاعًا لا يخشى فى الحق لومة لائم، وأذكر أن الراحل أدار حلقتين من برنامج «بعد الكلام» عام 2007م بعد إجراء جراحة القلب المفتوح وكان سعيداً لعودته للعمل بعد الجراحة ودخوله التليفزيون المصرى مرة أخرى، واستمر التواصل بيننا، حيث دعوته فى يناير الماضى- بعد تراجع أعداد الإصابات بكورونا- لتصوير أحد البرامج التليفزيونية لكنه اعتذر وأكد عدم خروجه من المنزل والالتزام بالإجراءات الاحترازية للوقاية من الوباء، كما كنت دائم التواصل معه لإبداء إعجابى بما يطرحه من موضوعات فى عموده اليومى وأناقشه فيه.

وأذكر أننا كنا سنتقدم بأوراق مسلسل تاريخى عن قصته على أن أتولى كتابة السيناريو والحوار، إلا أن هذا المشروع لم يكتب له النجاح، حيث تراجعت الدراما التاريخية كثيراً بعدما قرر وزير الإعلام وقتها أنس الفقى تخصيص ستوديو 10 للبرامج بدلاً من الدراما، حيث كان يعتبر أكبر ستوديو تليفزيونى فى الشرق الأوسط وشهد تصوير أهم المسلسلات والفوازير مثل ليالى الحلمية ورأفت الهجان.

أعتز كثيراً باستضافة أستاذى العزيز عباس الطرابيلى فى أكثر من حلقة من برنامج «السلم» على التليفزيون المصرى تقديم الإعلامية غادة شريف وإخراج المتميز عمرو منصور، حيث تم تخصيص حلقة عن طفولته ونشأته فى دمياط وحلقة أخرى عن ثورة يونيو المجيدة بعد أسابيع قليلة من سقوط جماعة الإخوان الإرهابية، كما أعتز باستضافته للمرة الأخيرة عام 2018م فى برنامج «دعوة خاصة» على شاشة التليفزيون المصرى أيضاً.

من المواقف التى لا أنساها مع الراحل عباس الطرابيلى عندما نجحت فى تصفية الخلافات التى قام بعض الحاقدين بإشعالها بينه وبين الكاتب الكبير الراحل سعيد عبدالخالق، حيث استضفتهما معاً فى برنامج «كلام رجالة» من تقديم عمرو قنديل وإخراج المبدع أسامة بهنسى، ولم يكن أى منهما يعلم هوية الضيف الآخر، حيث لمح سعيد عبدالخالق عباس الطرابيلى عن بعد يجلس فى السيارة وقال لي: «معقولة؟ّ! عباس الطرابيلي؟!» قلت «نعم.. هو اللى هيصور معاك.. وهنصفى الموضوع فى الطريق» وفعلاً ركب سعيد عبدالخالق السيارة ورغم أنهما فى البداية رفضا تصوير البرنامج معاً وتم تصوير حلقتين منفردتين، إلا أنه بعد أن سمع كل منهما ما قاله الآخر عنه وذكرياتهما الطويلة معاً تمت تصفية هذا الخلاف وعاد الود بين اثنين من أهم رموز الصحافة المصرية.

وقد تتلمذ على يد الأستاذ عباس الطرابيلى الكثير من ألمع الكتاب الصحفيين وعلى رأسهم الكاتب الكبير النائب وجدى زين الدين رئيس تحرير جريدة الوفد والأستاذ مجدى سرحان رئيس تحرير جريدة الوفد الأسبق والكاتب الصحفى سليمان جودة ووزير الدولة للإعلام الكاتب الصحفى أسامة هيكل، والكاتب الصحفى سيد عبدالعاطى رئيس تحرير الوفد السابق، كما أن الكاتب الصحفى وجدى زين الدين أيضاً من دمياط مثل الأستاذ عباس الطرابيلى وكان دائماً ما يشهد له بالكفاءة والمهارة ويتجلى ذلك بوضوح فى بصمته المتميزة فى جريدة الوفد التى يتولى رئاسة تحريرها.

رحم الله أستاذى ومعلمى وأخى وصديقى العزيز عباس الطرابيلى وأسكنه فسيح جناته ولا أقول له وداعًا.. فكتبه ومقالاته وأحاديثه باقية ولن تغيب ولن يغيب حضوره الطاغى فى كل المناسبات.. لذلك لا أقول له وداعاً وإنما أقول له إلى لقاء هناك.