رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ندي

 

 

نواصل رحلتنا فى البحث عن مشروع أديب نوبل نجيب محفوظ المسرحى.

وحول الاقتراب اكثر من عوالم نجيب محفوظ المسرحية، يذكرنا الكاتب محمود كحيلة في أحد أعداد مجلة "العربي" الكويتية في 2015 بأحد تصريحات نجيب محفوظ في مجلة "المسرح" المصرية عام 1979 وهو يبرر علاقته القديمة بفن المسرح، وكمشاهد عاصر أقطاب الفنانين مثل نجيب الريحاني "1889- 1949" وعلي الكسار "1887- 1957" بقوله: "حضرت بصحبة أبي بعض تمثيليات الريحاني والكسار، وبدءاً من عام 1925 عرفت الطريق إلى روض الفرج، وكان حافلا بمقلدي هذين العلمين، فشاهدت كثيرا من المسرحيات التي كانوا يقدمونها في أزمنة سابقة أثناء الحرب العظمى "حرب 1914" وبعد ذلك عرفنا طريقنا في المسرح المصري في الثلاثينات وما قبلها قليلا، شاهدنا يوسف وهبي وفاطمة رشدي والكسار وعزيز عيد.

ويبدو أن " محفوظ "في الكتابة المسرحية المعلنة وقتذاك التي جاءت فى أعقاب النكسة تحديدا , هي رد فعل نفسي مرير لخسارة جيش مصر والجيوش العربية المشاركة معاً، أو لخيبة الأمل التي مُنِيَ بها "أبناء الضاد" جميعا إزاء صدمة النكسة وتداعياتها، خصوصا وأن نجيب محفوظ وجيله من المفكرين والمبدعين قد أدركوا جميعا بوعيهم وثقافتهم أن المسرح هو المنبر الذي يستوعب صدمة هذا الحدث، فلا قصيدة نزار قباني "أصبح عندي الآن بندقية" بصوت أم كلثوم ولا ديوانه المعروف في ذلك الزمن "هوامش من دفاتر النكسة" يشفي غليل أو يضمد جراح الروح، وإنما المسرح كفن حواري بين مرسل "مؤلف" ومتلقي "متفرج" كفن يحتمل المكاشفة والتعرية والخطاب المعلن، بعيدا عن الرمز والتورية والمرسل والمجاز واصوات العليم واللا عليم كما يفعل الشعر والسرد.

ما أنتجه نجيب محفوظ في ذلك الزمن قد يعد بسيطا ومحدودا في عوالم المسرح، أو لا يعدو عن سبع مسرحيات من دون زيادة او نقصان، لا تعرف عنه أو عنها شيئاً,  ولكنه "محفوظ"يلقي بك في قلب أحداثها ومعتركاتها بسهولة، من دون أن يترك لك أثراً نفسياً أو جمالياً أو دلالياً فيها, وكان بارعاً في التخفي عنها، ومتبطراً في الزهد عنها طالما أنها لم تمس وتراً أو فعلاً في المشهد المسرحي العربي لأسباب نذكرها فيما بعد.

إنه موقف شديد الأهمية ويفرض العديد من التساؤلات فقد توارى نجيب محفوظ بهذه المسرحيات السبع ضمن ثلاث مجاميع قصصية معروفة من نتاجه السردي المعروف ضمن رؤيته الاستشرافية في عالم إبداعه الطويل، حينماأخفى هذه المسرحيات السبع في ثلاث مجاميع قصصية معروفة له ومنها: مجاميع قصصية "تحت المظلة" 1969، "الجريمة" 1973، "الشيطان يعظ" 1979.

وينبغي التذكير بأن لمحفوظ مجموعتين قصصيتين سابقتين لهذه المجموعات الثلاث هما: "دنيا الله/ 1961، وخمارة القط الاسود/ 1964" على حسب طبعاتهما المتعددة، من دون أن يتوافر فيهما أي نص مسرحي مبكر، الأمر الذي يعزز قناعتنا الشخصية بأن أحداث النكسة العربية الشهيرة كانت المنطلق الأول لكتابة نصوصه السبعة المذكورة على وفق جرعات متعددة من السنين، قد تحتمل صبوات النفس أو البكاء على زمن مضى وانقضى عظة يتعظ بها كل من طالع اهوالها المؤلمة.

ولو شئنا الوقوف على محتويات المجاميع القصصية الثلاثة المذكورة وما تتضمن من مسرحيات، لوجدنا أن الاولى تتضمن خمسة نصوص مسرحية، لعل أهمها درامياً ثلاثة منها حملت عناوين "التركة" يميت ويحيي" النجاة" التي اصطفاها المخرج المصري الراحل أحمد عبد الحليم ضمن عرض مسرحي واحد تحت عنوان ذات المجموعة القصصية "تحت المظلة",  وقد جاء هذا العرض – كما تواترت أخباره من خلال ما كتب عنه في مجلة "المسرح" المصرية- رمزيا بأحداثه وشخصياته التجريدية التي تصل حد العبث واللامعقول، ومنها الشيخ الصالح صاحب الكرامات وابنه الضال الفاسد كصورة من صور عالم تقليدي أعلنت مؤسسات الثورة المصرية ضرورة إبادته وقتذاك، أو ذلك الفتى الذي أهينت كرامته ,أو ذلك الرجل الذي يتستر على امرأة مجهولة تقتحم شقته على حين غرة، ولكنه يتستر عليها حتى النهاية، حتى وإن داهمته الشرطة مع صديقه الوفي ضمن استمرارية عبثية تذكرنا بمسرحيات يوجين يونسكو غير العقلانية بظروفها وملابساتها التي تحتمل التجريح أو الاساءة من دون فهم لما يحدث.

في حين تضمنت المجموعة القصصية الثانية مسرحية واحدة بعنوان "الجريمة" من ذات الفصل الواحد، وبطلاها شابان يدعيان بـ الأبيض والأحمر حسب قمصانهما اللذين تجلببا بهما، ضمن مناخ تعبيري معلن أو منولوج مشترك يتعلق بعروس قادمة، وكأن هذا المنولوج يجري بين المرء ونفسه أو بين الذات والقرين.

أما المجموعة القصصية الثالثة لنجيب محفوظ "الشيطان يعظ" التي تضمنت 12 قصة قصيرة فتحتوي على نص مسرحي آخر هو "الجبل",  وفي هذا النص ثمة جنوح إلى التراث الإسلامي الأموي ضمن مفهوم "العدالة" الاجتماعية، لجأ اليه "محفوظ" في آخر كتاباته المسرحية، وكأنها من تلبيس ابليس الذي أراد ان يحول ديننا السهل البسيط الى دين كهنوتي معقد.

 

[email protected]