رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

 

يحتاج المناضل الوفدى السكندرى إبراهيم طلعت إلى مزيد من الاهتمام الذى يليق بمكانته الفريدة فى التاريخ الوطنى المصرى، فهو واحد من الأعلام العلامات مقدمى الدروس النبيلة فى معانى الانتماء والتضحية والترفع عن الصغائر والتفاهات.

للرجل سجل حافل من العطاء فى سنوات ما قبل يوليو 1952، وكان يؤمل أن تكون حركة الضباط إيذانا بميلاد مرحلة جديدة تنتصر للديمقراطية والإرادة الشعبية، وتعلى من شأن الدستور والحريات غير المقيدة، وتتيح للمصريين حق اختيار حكامهم فى انتخابات حرة نزيهة؛ لكن شيئا من أحلامه لم يتحقق، بل إن صداقته الوثيقة مع عدد غير قليل من القادة الجدد، وفى مقدمتهم البكباشى جمال عبدالناصر، لم تحل دون تعرضه للاعتقال بلا تهمة!.

فى عدد جريدة «المصرى»، صباح يوم 21 أبريل 1953، يطالع القراء ما يكتبه جمال عبدالناصر، ويقول فيه تحت عنوان «إبراهيم طلعت.. وطنى مكافح»: (سُئل البكباشى جمال عبدالناصر عن الأسباب التى أدت إلى اعتقال الأستاذ إبراهيم طلعت المحامى فقال: كانت قد وصلت إلينا وشايات خاصة بالأستاذ إبراهيم طلعت وقد عكفنا على دراستها والتثبت منها، فوجدنا أنها جميعا كاذبة لا أساس لها من الصحة، وبمجرد اتضاح ذلك أُخلى سبيله ليستأنف نشاطه العملى فى حرية تامة. وإنى لأنتهز هذه الفرصة لأؤكد أننا نكن لصديقنا الأستاذ إبراهيم طلعت كل احترام وتقدير لكفاحه المعروف ضد الطغيان، وقد كنت أود زيارته فى مكتبه، ولكنه لم يكن فى ذلك الحين بالإسكندرية. ولا يسعنى إلا أن أتمنى له كل توفيق ونجاح، وأرجو أن تستفيد به بلاده الفائدة المرجوة من شخص وطنى مكافح مثله).

لا تحتاج وطنية المحترم إبراهيم طلعت إلى شهادة من عبدالناصر أو غيره، لكن الكلمات المنشورة تكشف عن ازدواجية لافتة ما زلنا ندفع ثمنها حتى الآن: إدراك قيمة الأفذاذ من الرجال، والتفنن فى إيذائهم!.

كيف يتم الاعتقال اعتمادا على وشايات رخيصة، وماذا لو لم يتم اكتشاف أكاذيب الواشين؟!.

لماذا يتصور عبدالناصر وأمثاله فى كل زمان ومكان، أنهم يحتكرون الوطنية ويمتلكون وحدهم الحقيقة المطلقة؟!.

لا شك أن الاعتذار المقدم من جمال عبدالناصر على هذا النحو العلنى الصريح، فعل إيجابى شجاع محمود، لكن الأمر ليس شخصيا ينتهى بكلمات الإشادة والثناء. القضية تتجاوز الأستاذ إبراهيم وتتعلق بالمنهج الكارثى الذى تأسس قبل سبعين عاما ولم يتوقف العمل به بعد!.

كان من الميسور على المحامى الوفدى عاشق الوطن والمنافح عن حقوق الشعب أن يصعد إلى القمة ويتقلد المناصب الوزارية، وكان متاحا له أن يفيد من علاقاته مع الحكام الجدد شريطة أن يؤثر الصمت ويتخلى عن مبادئه وثوابته، لكن أمثال إبراهيم طلعت لا يفعلون، فهم لا يملكون من الأسلحة إلا الإيمان بالوطن والديمقراطية والتشبث بالقيم النبيلة التى لا يزلزلها سيف السلطان أو ذهبه.

إلى اليوم الأخير من حياته الحافلة بالعطاء والدروس، كان إبراهيم مخلصا لمبادئ الوفد بلا ذرة واحدة من التنازل، مؤمنا بحزب الثورة الشعبية العظيمة التى تؤسس لميلاد مصر كما ينبغى أن تكون، مبشرا بالديمقراطية والتعددية والحكومة الدستورية والانتصار لكرامة الإنسان وحريته الكاملة فى اعتناق ما يشاء من الأفكار والرؤى.

على روحه السلام.