رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

الهدهد

فى شتاء 2000 قررت أن أتخلى عن بلاط صاحبة الجلالة وأمتهن مهنة أخرى ذات عائد سريع وربح وفير، تنكرت فى جلباب أسود و«شبشب» ممزق، حنيت ظهرى، وبأدوات التجميل غيرت ملامحى، وكنت أقرب لسيدة عجوز، بضع ساعات قليلة عشتها أنا وزميلى وحيد شعبان وعدسة الزميل حسام محمد فى رحاب سيدنا الحسين والسيدة زينب رضى الله عنهما نتسول من المارة ونستجدى مشاعر المواطنين وعندما وصلنا لمنطقة الزمالك تم القبض علينا، عدنا إلى الجريدة بعد الإفراج والتعرف على هويتنا والغرض من هذه الجولة، ومعى 80 جنيهاً حصيلة ثلاث ساعات فقط «شحاتة»!!!!، وبما أن هذه التجربة مضى عليها 21 عاما فلكم أن تتخيلوا كم يجنى المتسول الآن؟!!!!

ثلاث ساعات فقط كشفت لنا النقاب عن عالم خفى وبشع.. مافيا على اعلى مستوى.. ترتيب دقيق ومنظم..الشخص الفلانى فى المكان الفلانى.. ويا ويل أى غريب يفكر فى اقتحام عالمهم.. وهذا ما حدث معى وقتها وتحديدا فى السيدة زينب، س وج «انتم مين، وتبع مين» انتهى استجوابنا بتهديدى بمغادرة المكان فى أسرع وقت وإلا....

صحيح التسول موجود فى كل دول العالم.. ولكن عندما تصبح مهنة من لا مهنة له ووسيلة سريعة لثراء صاحبها، وبما أن 90٪ من المتسولين عصابات محترفة وغير مستحقين للدعم والمساعدة، فحتما نواجه خطرا يهدد المجتمع من الناحية الأمنية والاقتصادية والمجتمعية، اختلفت الإحصاءات الدالة على عدد المتسولين فى مصر، آخر رقم صادر عن المركز القومى للبحوث الجنائية من نحو أربع سنوات كان 41 ألف متسول فى مصر، وإحصائية أخرى تؤكد أنهم تجاوزوا نصف مليون متسول !!!

بغض النظر عن الرقم الحقيقى..الواقع يؤكد ارتفاع الأعداد بشكل رهيب لا مثيل له، وأضحت الشوارع والميادين مرتعا لكل الأجناس والإعمار تحديدا فى إشارات المرور وأمام البنوك وأماكن الصرافة ومحلات الملابس والحلويات والمولات، وعلى الأرصفة، وعلى سلالم المترو كبار السن، فتيات وشباب،، أطفال من مختلف الأعمار..

 لم تكن الملابس الرثة والاقدام الحافية دليلاً على الفقر والحاجة للشحاتة، كما كانت من قبل، بل بات الأطفال فى ابهى صورهم، يرتدون «الترنجات والأحذية»

 قد تجد شاباً يافعاً أنيقاً أو رجل «آخر شياكة» لا يخطر ببالك أن يطلب أحدهم مساعدة، وعندما تعتذر بأدب..لا يتوانى فى الإلحاح بشكل مستفز.

سبق أن كشف إمام مسجد السيدة زينب بالقاهرة فى أحد التصريحات الصحفية، أن أحد موظفى بنك أجنبى شهير، وهو فى زيارة للمسجد، رأى أحد المتسولين أمام المسجد، وأخبرهم أنه عميل لديهم فى البنك، ويمتلك فى رصيده نحو مليونى جنيه.

أيضاً «كامل بيه» أشهر متسول فى بنى سويف كان دائم التردد على البنك الاهلى فرع بنى سويف يمتلك أكثر من ثلاثة ملايين جنيه داخل البنك، وعمارتين بمنطقة الهرم وفيصل فى محافظة الجيزة حسب ما أكده أحد رواد مواقع التواصل الاجتماعى وكان شاهد عيان عليه!!

أما على المستوى الشخصى.. كنت أشاهدها بعينى يومياً..سيدة عجوز..قصيرة..ذات «أتب» مميز وحول بعينيها تتواجد دائماً فى إحدى المناطق الراقية فى القاهرة تقضى نصف يومها تتسول فى تلك المنطقة ثم تستقل ميكروباص وتنزل فى الإشارة قبل مستشفى القصر العينى بكورنيش النيل دون أن تدفع ثمن الأجرة لأن معظم السائقين يعرفونها ويتعاملون معها على أنها فقيرة ومحتاجة. 

وعندما يحين الليل تعود لذات المنطقة الراقية وتدلف لمقلة لب شهيرة تقف فيها نحو ربع ساعة أو يزيد ثم تنصرف لحال سبيلها، فى البداية اعتقدت أن عمال المقلة يعطفون عليها، ولكن عندما سألت البائع عنها وماذا تريد كانت الصدمة..ابتسم قائلاً: «بتيجى كل يوم تجمد الفكة اللى معاها»

سألته فى ذهول: كم تبلغ قيمة ما تجمد يومياً؟!!!

أجاب فى حسره: 200, 250 هى ورزقها بقى

 ويستمر حديث العالم الخفى للثراء.. المقال القادم بإذن الله

[email protected]