رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لازم أتكلم

 

 

تحدثت الخميس الماضى عن النقص الشديد فى غرف العناية المركزة بالمستشفيات العامة والخاصة، واحتياج مصر إلى 40 ألف سرير على الأقل لتجاوز هذه الأزمة، التى زاد من حدتها فيروس كورونا، وتطرقت إلى محاولات الحكومة سد النقص تدريجيا فى بعض مستشفيات القاهرة الكبرى على حساب محافظات الأقاليم والمدن الصغرى والقرى التى يعيش مرضاها مأساة مستمرة، ويعانون الأمرين فى سبيل الحصول على سرير رعاية ولو لمدة يوم واحد.

فعلى الرغم ما نسمعه من رصد المليارات لتطوير قطاع الصحة، لا تزال أقسام الرعاية الفائقة بمستشفيات مصر دون المستوى، وخاصة المستشفيات العامة الحكومية، ولا أكون متجنيا إن قلت إن بعض هذه الأقسام لا يليق أبدا برعاية مواطن يحمل الجنسية المصرية، ولا تصلح أصلا لعلاج حيوان يجد كل الرعاية والاهتمام فى أوربا والدول المتقدمة، وكم من نائب بمجلس النواب ولجنة الصحة رفعوا أصواتهم وصرخوا ونادوا وطالبوا بسرعة إنقاذ هذه الأقسام السيئة والمتهالكة الأجهزة، وذهبت طلباتهم أدراج الرياح.

ورغم أن رئيس الوزراء سبق وأن كلف وزيرة الصحة بوضع برنامج وخطة زمنية لعلاج هذا النقص، ما زالت طوابير المنتظرين سرير رعاية تمتد طولا وعرضا فى شتى محافظات مصر، فى ظاهرة ليست وليدة كورونا، إنما تسبق ظهوره بسنوات، والسبب بالطبع معروف، وهو نقص الميزانية المخصصة لوزارة الصحة، وتلك مخالفة صريحة للدستور الذى نص على ألا تقل ميزانية وزارة الصحة عن 3% من إجمالى الميزانية العامة للدولة.

وحسب إحصائية أخيرة فإن معدل الأسرة وصل من 1 إلى 4 لكل 1000 مواطن، وهو رقم ضئيل جدا مقارنة بالأرقام العالمية (9 أسرة لكل ألف مواطن)، فأين ذهبت الخمسة مليارات التى خصصها رئيس الوزراء لتطوير هذه الأقسام؟ والأخطر من ذلك أن نسبة أسرة الرعاية المركزة فى المستشفيات الحكومية لا تزيد على 5% من إجمالى عدد الأسرة، ووفقا للكثافة السكانية وزيادة معدلات مرضى القلب والصدر فى مصر ينبغى ألا تقل هذه النسبة عن 25%، وهى نسبة تكشف حجم الأزمة ومخاطرها.

والمشكلة الأكبر أن ثلث أسرة الرعاية المركزة لا يعمل بشكل جيد، إما لتهالكه أو لعدم وجود طاقم تمريض داخل المستشفيات الحكومية، حيث يبلغ معدل نقص الممرضين فى هذا القطاع إلى 55% من الممرضين و35% من الأطباء. وإذا فاز المريض بسرير بعد رحلة عذاب لذويه، لا يجد اهتماما إلا فى أضيق الإمكانيات المتاحة، حيث توجد ممرضة أو اثنتان على الأكثر تخدم ما يقرب من 20 مريضا (قلب ومخ وباطنة وطوارئ) فى وحدة العناية المركزة.

وهناك حالات يمتد بقاؤها لأكثر من أسبوعين، وفى حالات كثيرة يضطر الطبيب أن يكتب خروجا لمريض رعاية، حتى يتسنى له علاج أو إنقاذ حالة أخرى حرجة، مما يمثل ضغطا عصبيا ونفسيا على كل الفريق الطبى وإدارة المستشفى. وفى مستشفيات كثيرة يضطر ذوو المريض إلى شراء العلاج من خارج المستشفى، ناهيك عن سوء الخدمة والإهمال الذى يؤدى إلى إصابة العديد من المرضى وخاصة كبار السن بقرح فراش بسبب بقائهم مدة طويلة على السرير دون نظافة جيدة، إضافة إلى العطب الذى يصيب معظم الأجهزة من حين لآخر وخاصة أجهزة متابعة الوظائف الحيوية والتنفس الصناعى والمضخات الكهربائية.

إن غياب رؤية واضحة وواقعية من داخل المستشفيات لتطوير هذا القطاع، سيظل عقبة رئيسية أمام الخطوة الأولى لعلاج الأزمة، وهى تخصيص غرفة عمليات جادة تعمل على مدار الساعة داخل المستشفيات، وتوجيه المرضى بناء على خرائط توفير الغرف داخل المستشفيات المختلفة، مع إعطاء الأولوية للموقع الجغرافى والقرب المكانى للمريض.

أو إذا كانت الخطوة الأساسية هى زيادة ميزانية هذا القطاع، فإن الإسراع فى توفير المظلة التأمينية الشاملة لكل المصريين سيساهم فى علاج هذا التشوه، ولن تكون هناك وساطات ولا مجاملات كما يحدث الآن، وكل ما أتمناه أن يتحرك رئيس الوزراء ووزيرة الصحة لإنقاذ أقسام ووحدات الرعاية المركزة من الإهمال وسرعة تنفيذ برنامج تطويرها كماً وكيفاً، فهؤلاء المرضى وخاصة الفقراء منهم فى أمس الحاجة للرعاية، ولا سيما أن معظمهم من كبار السن، وليس بهذه الطريقة السيئة نرد الجميل لآبائنا وأمهاتنا، وهم الذين أعطوا لمصر الكثير والكثير فى حياتهم العملية.

[email protected]