كلمة عدل
لماذا تحول الريف المصرى خلال العقود الزمنية الماضية إلى مستهلك بدلاً من منتج؟!.. فهذه كارثة بكل المعايير والمقاييس أن نجد الريف المصرى الذى كان يمول المدينة بالغذاء يصبح من ينافسها فى الحصول على هذا الغذاء.. لقد باتت هذه الظاهرة فى الريف تحتاج إلى وقفة سريعة لإعادة الريف إلى مكانته عندما كان يحصل على غذائه بطريقته والفائض منه يصدره إلى المدينة، الآن انقلبت هذه الأمور بشكل يدعو إلى الحسرة عندما بات المواطن الريفى يحصل على كل احتياجاته من المدينة وبات ينافس أهل المدينة فى غذائهم.
فى إطار المشروع الوطنى للبلاد الموضوع بعد ثورة 30 يونيو، هناك اهتمام بالغ بالريف المصرى وبشكل لافت للأنظار، ما حدا إلى ضرورة أن يكون هناك استراتيجية جديدة لتحويل الريف إلى منتج كما كان فى السابق.
ولو تحدثنا عن ذلك نجد أن الفلاحين فى قراهم كانوا لا يلجأون أبداً الى شراء أى غذاء من المدينة، فقد كان المواطن الريفى يصنع خبزه من القمح الذى زرعه فى أرضه، الآن نجد فضيحة بكل المقاييس وهى حصول المواطنين فى الريف على الخبز من المدينة، ولم تعد المرأة الريفية تعرف إعداد الخبز.
من الأمور الأخرى المهمة أن المرأة الريفية كانت تقوم بتربية الكتاكيت، حتى إذا بلغت الذبح تقوم بذبحها ولا تحتاج الى شراء الطيور أبداً، ومن هذا نجد أيضا بيض المائدة، الآن تغيرت الصورة تماما وأصبحت الأسرة الريفية تحصل على كل غذائها من المدينة فهل هذا يعقل أو يقبله منطق أو عقل؟!. ومن الظواهر الحميدة التى كانت فى القرية المصرية، أن الفلاحين يقومون بتربية البقر والجاموس، ومنه يتم استخلاص الجبن والزبد ولا تحتاج الأسرة الريفية الى شيء بعد ذلك، إلا أن الأوضاع انقلبت حالياً وباتت الأسرة الريفية تستورد غذاءها من المدينة بما يخالف ناموس الطبيعة والحياة السوية.
فى مصر الجديدة لا بد أن تختفى هذه الصورة غير الطبيعية والسلبية فى الريف المصرى الذى كان فى يوم من الأيام يصدر الغذاء الى المدينة، وبات حالياً أمره غريبا، إنه يستورد غذاءه من المدينة، فهل هذا يجوز أو يرضى به أى عاقل؟!.. فى بناء الدولة الحديثة، يجب على الفور أن تختفى هذه الظاهرة السلبية من الريف المصري، ولا بد أن يكون الريف مصدراً للغذاء للمدينة، بدلاً من استيراد المدينة للغذاء من الخارج، مما يكلف الدولة الكثير من العملات الصعبة.
وللحديث بقية
رئيس حزب الوفد