رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مسافة السكة

قال الله تعالى فى مُحكم كتابه:« إنّا أنزلناه قرآنًا عربيًا لعلكم تعقلون»، كما قال سيدنا عمر بن الخطاب «تعلموا العربية فإنها من دينكم ، تفقهوا فى العربية فإنها تزيد فى العقل وتثبت المروءة» ونحن نعمل دومًا على محو اللغة العربية بأيدينا! فما يميز دولة عن أخرى اللغة والعادات والتقاليد والزى الحضاري، وإذا تأملنا فى مجتمعنا نجد أننا نتحدث بلغات أخرى غير العربية وأيضًا عاداتنا وتقاليدنا ليست مصرية حتى الزى أصبح غربيًا! فإذا قُلت إن هناك محاولة للاختراق الثقافى أى محاولة القيام بعملية التغريب اللغوى لمسخ هويتها فأصف ذلك بالعبث! فالاختراق اللغوى أشبه بالمؤَامرات ، فالمؤَامرات لم تُفلح إلا بمساعدة الخونة من الداخل، كذلك الاختراق نحن من ساعدنا على ذلك، فإذا ألقينا نظرة على الواقع نجد أن اللغتين الانجليزية والفرنسية هما اللتان تسودان العالم والأصح الإنجليزية! فإضعاف اللغة العربية يتبعه إضعاف للسيادة الوطنية، لأن الوطن وقتها يكون تابعًا لثقافة دولة أخرى وليست ثقافته الأصلية التى تُعبر عن قيم وخصائص المجتمع، فتعريف الهوية الوطنية فى كل أمّة هى الخصائص والسمات التى تتميز بها، وتترجم روح الانتماء لدى أبنائها، ولها أهميتها فى رفع شأن الأمم وتقدمها وازدهارها، وبدونها تفقد الأمم كل معانى وجودها واستقرارها.

فمن يبحث يجد أن اللغة العربية هى أقدم اللغات التى ما زالت تتمتع بخصائصها، وسميت أم اللغات نظراً لتمام القاموس العربى وكمال الصرف والنحو ، فقيل عن اللغة إنها قيمة جوهرية كبرى فى حياة كل أمة فهى الأداة التى تحمل الأفكار، وتنقل المفاهيم فتقيم روابط الاتصال بين أبناء الأمة الواحدة ، وبها يتم التقارب والتشابه والانسجام بينهم، يقول الألمانى فريتاغ : « اللغة العربية أغنى لغات العالم ، ويقول الراهب الفرنسى غريغوار : « إن مبدأ المساواة الذى أقرته الثورة يقضى بفتح أبواب التوظف أمام جميع المواطنين، ولكن تسليم زمام الإدارة إلى أشخاص لا يحسنون اللغة القومية يؤدى إلى محاذير كبيرة، وأما ترك هؤلاء خارج ميادين الحكم والإدارة فيخالف مبدأ المساواة، فيترتب على الثورة أن تعالج هذه المشكلة معالجة جدية؛ وذلك بمحاربة اللهجات المحلية، ونشر اللغة الفرنسية الفصيحة بين جميع المواطنين «!وهذا للأسف ما يحدث اليوم!»، ويقول الإنجليزى ( ويلكوكس ) : « إن العامل الأكبر فى فقد قوة الاختراع لدى المصريين هو استخدامهم اللغة العربية الفصحى فى القراءة والكتابة ».والبعض يتباهى بعدم استطاعته التحدث بالعربية وإجادته لغات أخرى أجنبية!.

والمحزن أنه فى الوقت الذى نجعل أبناءنا يهمل اللغة العربية ويركز على باقى اللغات فى الوقت الذى أدرك الغرب أهمية اللغة العربية! لذلك فلأول مرة فى التاريخ اللغة العربية رسميًا فى فرنسا! وأعلنت فرنسا أنه منذ عام 2017 بتمكين آلاف التلاميذ الفرنسيين من اختيار اللغة العربية كلغة أجنبية بعدما قررت وزارة التربية والتعليم إدراج اللغة العربية فى المناهج التعليمية ، وليست فقط فرنسا فقد بدأت كل من تركيا وكوريا والصين وعدد لا بأس به من العالم تُدرس اللغة العربية كلغة ثانية فى مدارسها فنحن بأيدينا نعمل على محو هويتنا! كما من يراجع الوثائق التى بدأت بها عملية الاحتلال البريطانى لمصر يكتشف أن أول أعمال الاحتلال هو وضع الخطة لتحطيم اللغة، يبدو ذلك واضحاً فى تقرير لورد دوفرين عام 1882 حين قال : «إن أمل التقدم ضعيف  فى مصر» ما دامت العامة تتعلم اللغة العربية الفصيحة .

كما كان التعليم فى البلاد العربية المحتلة يتم كله باللغات الأجنبية ( الإنجليزية فى مصر والسودان والعراق ) والفرنسية فى (سوريا وتونس والجزائر والمغرب)، فقد كانت لحظة النفوذ الأجنبى ترمى إلى تقديم اللغات الأجنبية فى الأقطار الإسلامية على اللغة العربية ، وقد تصدى سعد زغلول عندما تولى وزارة المعارف فى مصر لذلك وحافظ على الهوية الوطنية بحفاظه على اللغة العربية، فعندما كان التعليم فى المراحل الأولى باللغة الإنجليزية ؛ وكان كتاب الحساب المقرر على الصف الابتدائى تأليف (( مستر تويدى )) وكذلك سائر العلوم، فألغى سعد هذا كله، وأمر أن تُدرس المقررات كلها باللغة العربية، وأن توضع مؤلفات جديدة باللغة القومية، مما دفع أحد المفكرين المصريين إلى القول : « إن سعداً أحسنَ إلى جيلنا كله بجعلنا عرباً»؟! بمناسبة اليوم العالمى للغة العربية الموافق لتاريخ اليوم 18 ديسمبر «أتمنى الحفاظ على الهوية الوطنية من خلال الحفاظ على لغتنا العربية وأن نزرع فى أطفالنا ذلك بالتباهى بأنفسهم وهم يتحدثون اللغة العربية وليس التباهى عند إجادتهم لغات أخرى غير العربية».