عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كلمة

 

عندما يطغى الظلم والقهر تزداد الحاجة وبإلحاح شديد إلى التغيير ويزداد الإصرار على ضرورة دفع الظلم مهما كلفنا من ثمن، تحضرنى فى هذه اللحظات حكمة عظيمة للحكيم الصينى كونفوشيوس:» إن الحاكم الظالم أخطر على الناس من النمر المفترس». لم تأت كلماته الحكمية من فراغ، بل جاءت من وحى الدنيا وتجارب الحياة، فالظالم دائمًا فاقد لكثير من الصفات الحسنة وهو يشعر بهذا النقص يحاول أن يسد شعوره هذا بالتوسل بالظلم، وأن حب الرئاسة من أخطر الأهواء عند البشر؛ لأن المصاب بمرض حب السلطة يحاول بشتى الوسائل والأساليب المحافظة على منصبه ومقامه، ولو بالقتل وإخماد الأصوات وتشريد الناس ظنًا منه أن ذلك يوجب حفظه للكرسى؛ فى حين أن العدل هو الذى يوجب بقاء السلطة لا الظلم، أما ظلم الناس لأجل الأسياد، فهذه جريمة تعد أبشع من جريمة الظالم، فإن التابع يحاول أن يؤمن مصالح سيده لكى يبقى فى منصبه؛ فيقترف مختلف أنواع الظلم والطغيان لكى يثبت لسيده استحقاقه للبقاء فى منصبه، وهنا تكون الطامة الكبرى؛ فإن التابع هو سوط الجلاد الذى يستخدمه لجلد المظلومين، وأحيانًا يكون التابع الذى ينفذ إرادة سيده أشد ظلمًا وفتكًا وهم دائمًا مثل فئران الموانئ يقفزون من مركب إلى أخرى ويتلونون كما يريدون كالحرباء..

لا تظلمن إذا ما كنت مقتدرًا

فالظلم ترجع عقباه إلى الندم

تنام عيناك والمظلوم منتبه

يدعو عليك وعين الله لم تنم

أما إذا لم نزجر الظلم ونترك الظالم على ظلمه؛ فتصبح حياتنا كشريعة الغاب يأكل القوى الضعيف، فلا يأمن أحد من أحد، وتسود الفوضى وينعدم الأمن، وقد توعد الله الظلمة فى كتابه العزيز؛ قال تعالى: إنّا أعتدنا للظالمين نارًا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوى الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا، وقال فى محكم آياته: «يدخل من يشاء فى رحمته والظالمين أعد لهم عذابًا أليمًا، وقال سبحانه فى الحديث القدسى: «يا عبادى إنى حرمت الظلم على نفسى وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا». ان الظالم يسفك الدماء الذكية ويحجر على المفكر فكره وعلى العالم علمه وعلى الداعية دعوته وعلى الأديب أدبه وعلى المبدع إبداعه لتوهمه أنه كبر مفكر والعالم الأوحد والأديب العالمى وأنه الوحيد العبقرى وأن الظلمة قد لا يقتلون الأنفس وإنما يقتلون المبادئ والطموحات والإبداعات والمواهب؛ وهذا من أعظم الظلم الذى إذا وجد فى أمة، فهذا أكبر كارثة يمكن أن تواجهها فى حياتها، إن الظالم قتل الأصوات كلها إلا صوتًا واحدًا يمدحه،ويثني عليه ويسبح بحمده صباح مساء، إن الظالم قطع الايادى كلها إلا يدًا تصفق له، أباد المواهب كلها إلا موهبة تقدسه وتعظمه، مشكلة الظالم انه لا يستمع إلى نصيحة ولا يقبل حوارًا ولا يحتمل معارضة؛ إن التاريخ لا يظلم أحدًا وأن ما فعله الظالمون مسطر فى قلوبنا، وسيأتى يوم ترد فيه المظالم إلى أهلها.