رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فى ظل ما قدمته الحكومة الفرنسية مؤخرا من مشروع قانون «مكافحة التطرف الإسلامي» والذى يعد قانونا بالغ الحساسية؛ بحثت فى مكتبتى عن كتاب فرنسا جمهورية الدراويش France The republic of Darwaish للكاتب الفرنسى، موريس ماشينو الذى ألفه ليوجه من خلاله نقداً لاذعاً إلى الحكومة الفرنسية والمؤسسة الدينية بها؛ والذى شاركته الرأى فى هجومه على الرئيس الفرنسى السابق نيكولا ساركوزى والذى أطلق عليه مصطلح «القس الرئيس»؛ ودعمته فكريا فى مهاجمته البابا بندكتيوس السادس عشر، بابا الكنيسة الكاثوليكية السابق، الذى وصفه بالمتطرف والمتعصب. لأن مافعلوه من تعصب أدى إلى حالة للمسلمين مشابهة للعداء لليهود قبل الهولوكوست؛ وهذا ما يتضح فى سلوكيات الشارع اليومية فى الأونة الأخيرة. 

ولكننى تحفظت كثيرا على ما أورده فى كتابه عن أن الديانة المسيحية، ضد العقل، وتسببت فى العنف وملايين الضحايا من الأبرياء عبر التاريخ؛ لأن ما ارتكب من فظائع باسم المسيحية من خلال الحروب الصيلبية ؛الديانة المسيحية غير مسئولة عنه؛ وكذلك مايرتكب الآن من خلال الارهاب تحت مسمى داعش ومثيلتها ؛إسلامنا السمح بعيد عنه تماما. فأنا ضد النقد الشديد للمسيحية، الذى تضمنه الكتاب؛لأن هناك من يوجه أضعافه للإسلام، بل ويصف ديننا الحنيف بأنه يحمل بداخله كل مقومات العنف والإرهاب.

وطبعا الكاتب ينتقد بشدة محاولات الكنيسة الكاثوليكية العودة فى ثوب ناعم برئ لتنقض على النظام العلماني، وتقضى على كافة مكتسبات الفرنسيين العلمانية، مع ذكر بعض الأمثلة للتدليل على ذلك؛ مما يؤكد أن فى فرنسا هناك من يهاجم المسيحية بضراوة أيضا ؛ فالكتاب تحدث عن تاريخ الكاثوليكية والأفكار التى كانت تُنادى بها، والأعمال التى قامت بها باسم الدين كالقتل، والاضطهاد الجسدى والأخلاقي، مثل: الخوف من المرأة واحتقارها، وطردها من المناصب الكهنوتية والنظر إليها على أنها كائن قاصر وخاضع لإرادة الرجال إلى الأبد، لا مهمة أساسية لها سوى الإنجاب.

 والكاتب يؤكد أنه رغم ما يقال عن تجديد الكنيسة وتكيفها التدريجى مع العالم المعاصر واعترافها بالجمهورية (النظام العلماني)، إلا أنها ستظل تؤكد على أنها وحدها الديانة الحقيقية، ويهجو موريس ماشينو عودة الكاثوليكية للفضاء العام الفرنسي، بوصفها ديانةً أهدت البشرية الفظائع فقط، ويطال هذا الهجاء قصر الأليزيه أبان حكم ساركوزى ورئاسة الجمهورية التى من المفترض أن تكون علمانيةً صرفةً وسلوكهم مع البابا الكاثوليكي، يرى ماشينو أن الكاثوليكية بدأت بالتغلغل فى مؤسسات الدولة الفرنسية من جديد، ومن الممكن أن يكون لها دور اجتماعى وسياسى أكبر فى المستقبل، وهذا ما يسبب أزمات كارثية فى المجتمع الفرنسي، خاصةً مع حالات الحصار التى تمارسها الجمهورية ضد أتباع الديانات الأخرى خاصةً المسلمين، وأن هذه العلمانية تعطى للكاثوليكية مساحة واسعة للحركة داخل المجتمع وبتهجمها على المسلمين بالدرجة الأولى، وإعلاء شأن مثقفين من المفترض أن يكونوا علمانيين غير أنهم يملكون من قيم العلمانية الاسم فقط وعلى راسهم هنرى برنار ليفى !!...

وأخيرا كل ما أتمناه أن يكون هذا القانون ليس نصا ضد الأديان ولا ضد الديانة الإسلامية بشكل خاص؛ وأن يكون حقا قانون للحرية و للحماية وللتحرر فى مواجهة الأصولية الدينية؛ فأنا أرفض درويشة باريس وسقوطها فى أيادى المتطرفين  وأومن بالعلمانية التى تضمن حرية الإيمان وعدم الإيمان ؛ وتميز بين المجالين الخاص والعام. وخاصة أننا شاهدنا مؤخرا حالات جرى فيها حرمان أطفال من التعلّم فى المدرسة لتلقى تعليما مجتمعيا أو جمعيات رياضية تقوم بأعمال دعوية أو جمعيات دينية تتحدى قوانين الجمهورية. وهذا العمل التقويضى غالبا ما يكون نتيجة أيديولوجيا خبيثة تحمل اسم الاسلام الراديكالي.