رؤى
طبعا تتذكرون عبدالسلام النابلسى وإسماعيل ياسين وزينات صدقى فى فيلم حلاق السيدات، الذى عرض سنة 1966، اخراج فطين عبدالوهاب، سيناريو وحوار أبوالسعود الإبيارى، وتتذكرون عندما أقامت الفنانة كريمة حفل طلاق من النابلسى، وزينات صدقى لما كانت بتقول لإسماعيل ياسين: عيب يا ترمس، بالطبع تتذكرونه جيدا لخفة دم الفيلم وبساطته، نحن اليوم لن نذكركم بتفاصيله ولا بأطرف مشاهده وحواراته، بل استدعيناه بسبب المهنة التى كان يمتهنها النابلسى وياسين، وهى الكوافير، أو حلاق السيدات، فى هذه المهنة تجلس السيدة ويمسك الكوافير شعرها ويقصه أو يفرده، بعض الرجال لم يتقبلوا هذا على زوجاتهم ولا بناتهم، وقبل سنوات قريبة ارسلوا إلى دار الإفتاء يسألون عن شرعية ذهاب زوجاتهم إلى الكوافير، هل يجوز ان تجلس زوجته بين يدى رجل يقص ويفرد ويصفف شعرها؟. كما وصلت بعض الأسئلة من رجال يعملون فى مهنة كوافير، استفسروا فيها عن شرعية مهنتهم هذه؟، الإجابات جميعها جاءت بالتحريم، لأن شعر المرأة عورة ولا يكشف سوى على زوجها أو محارمها، وأفتت الدار بحرمانية عمل الرجل بوظيفة كوافير، لأنه فى النهاية غريب عنها ولا يحق لها أن يمسك أو يرى شيئا من جسد المرأة الأجنبية عنه.
الطريف أن أرشيف دار الإفتاء الذى يعود إلى أكثر من مائة سنة، يخلو من فتاوى عن هذه القضية، وظننت وأنا اقلب فى أرشيف الفتاوى المطبوع أننى سوف أجد عشرات الأسئلة تعود إلى الثلاثينيات والعشرينيات والخمسينيات، لكن للأسف لم أجد فتوى واحدة، وكل ما عثرت عليه فتوى فى غاية الطرافة تعود إلى عام 1966، سأل فيها نائب مأمور عن كيفية تعامل زوجته مع شعرها، حيث إن الماء يفسد شعر المرأة، فكيف تتطهر من الجنابة، كتب يقول: «المرأة المتحضرة الآن تحتفظ بشعرها بالصورة التى أعدها الحلاق، ومن هذه الصور ما يستمر شهورا، وقد تمتد إلى سنة دون أن يمسه الماء لما تتكلفه هذه العملية من المال، وقد تتكرر عملية الاتصال الجنسى كثيرا لاسيما فى أول عهدها بالزواج، فهل من الجائز شرعا أن تتم الطهارة من الجنابة مع احتفاظ المرأة بشعرها على الصورة السابق إيضاحها، مع أن الماء قد لا يصل إلى بشرة الرأس؟».
الطريف أن المفتى آنذاك الشيخ أحمد هريدى، تعامل مع السؤال فقط ولم يتناول شرعية جلوس زوجة السائل بين يدى رجل غريب، ولا حتى أبدى اندهاشه من بقاء زوجة الرجل لفترة قد تمتد لسنة دون أن تستحم أو تتطهر من الجنابة أو حتى تغسل شعرها، لماذا؟، الله أعلم.