عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رؤى

 

الذى يفتش فى المسائل الفقهية التى تطرح على العلماء أو المشتغلين بعلوم الدين، يكتشف أنها تعد جزءًا أساسيا من ثقافة السائل، وكذلك من ثقافة الفترة الزمنية التى يعيش فيها، والمؤمن فى أى ديانة يحرص دائما على أن يتتبع سنن النبى المرسل، اعتقادا منه بأنها سوف تقربه من الله أكثر وتجعله للجنة أقرب، والمسلم مثل غير المسلم يحاول بقدر ما تقليد الرسول فى سلوكياته اليومية، كيفية تناوله الطعام، الشراب، ارتداء الملابس، نوعية الملابس، طريقة جلوسه ومشيه وحديثه ونومه، ربما فاز برضا الله عز وجل وبجنته، وكما تكشف لنا المسائل عن مدى ثقافة السائل، تضع يدنا على حجم علم المفتى وسماحته ومذهبه وقدرته على فهم النصوص.

فى نهاية القرن السابع الهجرى تلقى الشيخ تقى الدين أحمد بن تيمية (661 728هـ) العديد من الأسئلة التى يستفسر فيها بعض المسلمين عن بعض سلوكيات الرسول صلى الله عليه وسلم، بعض الأطعمة التى كان يتناولها، كيفية شربه للمياه.. وابن تيمية أحد رموز المذهب الحنبلى، وعاش فترة شديدة القسوة والصعوبة، حيث كان التتار يحاولون احتلال البلدان العربية، وكانت النخب الإسلامية يختلفون حول بعض المسائل الكلامية، وكان الصراع بين المذاهب واضحا وقائما، وكان مشايخ المذاهب يدفعون بعض العامة بأسئلة لمنافسيهم فى المذاهب الأخرى، بغرض تصيد إجابات قد تساعدهم وإفساد علاقته مع الحاكم، وابن تيمية من العلماء الذين سعوا إلى إقامة علاقة وثيقة بالحكام، ودخل فى خصومات حادة وعنيفة مع بعض رموز المذاهب الأخرى.

سئل ابن تيمية (المسائل فى مجموعة الفتاوى): عن رجل قال: « إن النبى صلى الله عليه وسلم ما أكل بطيخا أصفر(الشمام) عمره « وقال الآخر: «إن النبى صلى الله عليه وسلم أكل العنب دو دو»؟، (السؤال عن حديث نسب للرسول جاء فيه:« أنه عليه السلام، قال لسلمان الفارسى وهو يأكل العنب: دو، دو». ومعناه: عنبتين، عنبتين) وفى رواية أخرى («أنه قال لسلمان الفارسى وهو يأكل العنب: يا سلمان! كل العنب دو دو».. معناه: عنبتين عنبتين، وهو من الأحاديث الموضوعة).

فأجاب ابن تيمية قائلا:« أكل العنب: دو دو » كذب؛ لا أصل له وأما البطيخ فقد كانوا يأكلون البطيخ؛ لكن المشهور عندهم كان البطيخ الأخضر، وما ينقل عن الإمام أحمد: أنه امتنع عن أكل البطيخ؛ لعدم علمه بكيفية أكل النبى صلى الله عليه وسلم، كذب على الإمام أحمد. كان صلى الله عليه وسلم يأكل فاكهة بلده ما قدمت له فاكهة. فترك أكلها لا على سبيل الزهد الفاسد، ولا على سبيل الورع الفاسد؛ بل كان لا يرد موجودا؛ ولا يتكلف مفقودا ويتبع قوله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون» البقرة 172. فأمر بالأكل والشكر.

 

[email protected]