عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

 

يتميز الانسان عن سائر الكائنات الاخرى باحتياجه الى حيز خاص ومجال من حوله يمارس فيه خصوصيته وتفرده عن الآخرين ولا يعنى ذلك انعزاله واستغناءه عن الاخرين، فالانسان هو الكائن الوحيد الذى يحتاج الى مساحة خاصة به يتمتع فيها بحريته ويمارس فيها خصوصيته لاختلافه عن  الحيوانات التى تعيش فى قطعان من اجل البقاء ولا تميز فيها لحيوان عن آخر.

فرغم ان الانسان يعيش فى جماعات ويتعاون مع الاخرين فى قضاء احتياجاته المختلفة الا انه يحتاج الى مجال خاص به على المستوى الشخصى وعلى المستوى العائلى او الاسرى، فالانسان يحتاج الى سكن خاص يستقل فيه هو واسرته، ولكن فى ظل الزيادة السكانية الرهيبة وتكدس الريف الذى ضاق بسكانه ونزحوا الى الحضر والمدينة و شكلوا فائضا ضخما من ذوى الدخول المحدودة والعاطلين والباحثين عن الرزق فى اعمال وانشطة هامشية غير منتجة وتأثير ذلك على المستوى الحضارى المناسب للمدينة و سكانها حيث يتخذون من المناطق العشوائية والعشش الصفيح البدائية وغير الادمية مأوى لهم، مساكن غير مقبولة عمرانيا واجتماعيا ولا توجد بها مرافق او خدمات وليس فيها نظام للنظافة.

 وتبلغ الكثافة السكانية فى هذه الأماكن درجة كبيرة تتجاوز كل المعدلات المقبولة انسانيا وتشكل مناخا ملائما لتفاقم الامراض الجسدية والنفسية والاجتماعية وارتفاعا ملحوظا فى معدلات الجرائم بانواعها المختلفة، حيث تفرز هذه البيئة السلوك العدوانى و التحرش الاجبارى والجرائم الجنسية والادمان والانانية ومعاداة الآخر ولفظه وتؤدى الى انتشار الاوبئة والامراض وسهولة انتقال العدوى وانتشار القاذورات والحشرات لصعوبة الابقاء على البيئة النظيفة فى ذلك المناخ.

فنجد ملامح الافراد فى الشوارع منقبضة عابسة تعانى من الضيق والعصبية، المشكلة فى وجود بشرى مكثف تكثيفا هائلا يجعل الحياة جحيما بشريا لا يطاق، فالانسان لا يستطيع ان يحيا فى سعادة ويزاول وظائفه العليا كانسان إلا وهو يحيا كإنسان فلا تقتصر متطلباته على الطعام والكساء فحسب بل يحتاج الى مساحة او حد ادنى منها ضرورى لحركته وتنفسه ووجوده ككائن بشرى حى، فهناك مساحة حرجة لازمة لوجود كل انسان على حدة ليتكون مجتمع صحى، فإذا تضخم العدد وتجاوز هذه المساحة الحرجة ووصل الى درجة من التلاصق و التكثف غير البشرى بالمرة فلابد ان تحدث لهذا الكائن البشرى تغيرات وامزجة واتجاهات مرضية وانواع من الخلل والخبل على المستوى الفردى والجماعى غير المسبوق.

فالمأزق البشرى الخطير الذى نعانيه الان هو اتجاه قطاعات عريضة من الشعب رأت فى التكاثر والتكثف دفاعا مغلوطا عن النفس ربما ، سرطانا جماعيا ربما، نزوة لحياة لا متعة فيها الا الطعام والجنس ربما، ولكن نتائج هذا الانفجار وتداعياته تطلب منا ان نعيها تماما ونتداركها وإلا هلكنا، حيث معظم مشاكلنا مرجعها هذا التضخم السرطانى الهائل فى عدد السكان والافواه، فمعظم السلوكيات والاخلاقيات المنحرفة المستحدثة مرجعها التلاصق الجسدى الذى تعدى المسافة الحرجة واعتدى على التفرد البشرى الواجب ليكون الانسان بشرا سويا وجعلت الناس يلفظون بعضهم بعضا مما يهدد الامن و السلام الاجتماعى ويتطلب منا وقفة حاسمة لمواجهته.

مستشار رئيس الحزب للعلاقات العامة