عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

تأملات

أعتبر نفسى من بين أكثر المهمومين بتنمية سيناء، أمنيتى أن أغمض عينا وأفتح أخرى لأجدها عامرة بالبشر كما القاهرة والإسكندرية أو على الأقل سوهاج وأسوان وكفر الشيخ.

وانطلاقا من ذلك الاهتمام حاولت قدر إمكانى أن أطوف بأرجائها من جنوبها لشمالها مرورا بوسطها.. فيما مضى وقبل نحو أكثر من 30 سنة شددت الرحال إلى شرم الشيخ ومعى خيمة ووابور جاز وأكل خفيف سريع الإعداد بصحبة مجموعة من الأصدقاء للتمتع بسحر تلك البقعة الرائعة، وقتها لم يكن هناك أى فندق ولا حتى مخيم بخليج نعمة أو غير نعمة!.

فى محاولة التعرف على آفاق التنمية بها زرت منجم أبوزنيمة والتقيت أكثر من محافظ لجنوب سيناء. زرت العريش أكثر من مرة والتقيت عددا من رؤساء القبائل وحضرت فرحا بدويا للتعرف على عادات أهل سيناء. حتى مع مرور العمر وجدت نفسى منذ سنوات اخترق وسط سيناء بالسيارة مع الأسرة فى مغامرة انتهت بالإقامة فى فندق فى طابا كأسرة مصرية وحيدة بين مجموعات اجانب مقيمين هناك.

ولذلك أشعر بسعادة بالغة بالاهتمام الكبير الذى يوجه لسيناء السنوات الأخيرة وهو اهتمام عبر عنه الرئيس السيسى بقوله أن تنمية سيناء تصب فى صميم الأمن القومى المصرى. أتصور أن هذا هو الفهم الصحيح الذى يجب أن يتم التعامل مع سيناء على أساسه. وقد أكد هذا الفهم رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى فى تصريح له الخميس الماضى معززا إياه بالإشارة إلى سعى الدولة، على خلفية هذه الرؤية، لتنفيذ مشروعات عملاقة وغير مسبوقة على أرض سيناء فى جميع المجالات.

أتصور أن أى مواطن يمكن أن يلمس صدق هذا التحول وصدى هذا الاهتمام بسيناء فى التحول الذى أصبحت تحتله مدينة مثل شرم الشيخ أو دهب فى برنامجه للسياحة الداخلية.. لقد أصبحت المدينتان مثلا وكأن الذهاب إليهما عبارة عن «فركة كعب» بالتعبير الدارج.. لم تعد سيناء بعيدة عن قلب وعقل وتحرك المواطن المصرى.. ذكر لى أحد الأصدقاء مرة أنه فى رحلة لشرم الشيخ أسعده بقدر ما أحزنه اكتظاظها بالمصريين حتى لتشعر أنك فى مصيف بالساحل وسط غياب للأجانب – بعد حادث الطائرة الروسية.

مما يثلج الصدر فى الكلام المشار إليه لرئيس الوزراء الدكتور مدبولى حجم ما تم إنفاقه هناك على تنمية تلك البقعة الغالية على مدى السنوات الست الماضية، وهو مبلغ 600 مليار جنيه مصرى. إنه رقم ضخم، بل بالغ الضخامة يعكس المكانة التى تحتلها سيناء ليس فى عقل صانع القرار المصرى وإنما فى موازنته وخططه للمستقبل كذلك!

من متابعتى السريعة لما يتم يمكننى القول إن سيناء شهدت طرقا على مدى تلك السنوات ربما لم تشهدها منذ أن أطلق عليها هذا الاسم! ما يحدث ليس إنشاء طرق وإنما ما ذكرته من قبل فى مقال سابق فى الإشارة لما يحدث فى مصر عامة هو ثورة طرق والتى تعتبر أساس أى عملية تنمية منها بالطبع الأنفاق الأربعة التى تم إنشاؤها أسفل قناة السويس، إلى جانب حفر نفق «أحمد حمدى 2» مما يقضى على عزلة سيناء عن الدلتا بشكل شبه تام.

إذا دخلت فى تفاصيل المشروعات التى أشار إليها الدكتور مدبولى شعرت بأن صدرك ينشرح بحالة من الانبساط والسعادة.. مثلا.. مثلا ستبدأ الدراسة فى جامعة الملك سلمان بفروعها الثلاثة.. رأس سدر، الطور، شرم الشيخ مع بداية العام الدراسى الجديد خلال أيام، لتضيف أساسا عمرانيا جديدا للتنمية فى سيناء.

غير أنه للدقة والإنصاف وللخروج من دائرة الثناء فقط إلى دائرة التناول الموضوعى، فإنه بمنطق التغذية الاسترجاعية لنتائج الإنفاق على عملية التنمية فى سيناء أعتقد أن الأمر بحاجة إلى وقفة تفسر لنا ما أراه لغزا أحار وأتصور أن كثيرين مثلى يحارون فى حله، وهو عدم وجود حالة من التناسب بين ما يتم انفاقه على عملية التنمية وحجم التزايد فى الكثافة السكانية فى سيناء، باعتبار أن هدف التنمية فى النهاية هو البشر وزيادة معدلات سكناهم فى هذه البقعة من المحروسة.

صحيح طبعا أن تطور حركة العمران البشرى تشبه عملية نمو الإنسان ذاته من مولود إلى طفل إلى صبى، أى تتسم بالتدرج والذى قد لا تلحظه العين إلا أنها حتى على المدى القصير لا بد لها من نتائج. ودون ادعاء الفهم أو الحكمة أتصور – مع اعتذارى عن أى تجاوز فى هذا الطرح – أن هناك خطأ، إن لم يكن أخطاء فى خطة تنمية سيناء لا بد من محاولة تحديدها والتوصل إليها والعمل على تجاوزها. إذا كان المجال مسموحا للاجتهاد، وأتصور أنه كذلك.

وللخروج من عملية التعميم إلى التحديد أطرح مثالا واحدا أشرت له من قبل، يتعلق بحالة الإسكان والتى تتضمن إنشاء مساكن عادية على غرار تلك المقامة فى المحافظات القديمة مثل القاهرة والإسكندرية ربما لا تناسب المواطن السيناوى، الذى يفضل المنزل البدوى وهو موجود وإن كان بنسبة غير كبيرة. يعزز هذه الرؤية أن مدينة الإسماعيلية الجديدة تضم نحو 52 ألف وحدة ما يعنى أنها يجب أن تضم مائة ألف نسمة على الأقل، وهو أمر غير قائم وربما لا يقوم خلال سنوات.. فهل هناك ما يتجاوز أفهامنا؟ أعتقد!

[email protected]