عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

كان لى صديق من أصحاب المال والأعمال مرشح لعضوية مجلس الشعب، وفى أحد أيام فترة الدعاية الانتخابية، قابلته بالصدفة وحوله مجموعة من المواطنين يتجاذب معهم الحديث الذى كان يدور حول هتعملنا إيه فى الدورة الجديدة،  وكان يرد على كل سؤال بعبارة واحدة وهى: أنا عمرى خذلتكم!

صديقى المرشح كان وجهه مصفراً، أشعث أغبر، البدلة مكرمشة، وتبدو أكبر من مقاسه بسبب الريجيم القاسى الذى فرضته عليه ظروف الانتخابات ووجوده أطول فترة مع الناخبين فى الشارع أو فى السرادقات أو فى دوار العمد.

انتحيت بصديقى المرشح جانباً؛ حكى لى عن جدول أعماله فى هذا اليوم، قال انه ذهب فى الصباح الباكر إلى مستشفى كذا  وهى مستشفى فى الريف  للاطمئنان على زوجة أبو اسماعيل التى كانت تضع مولودها، ودفع تكاليف المستشفي،  وأرسل خلفها أحد رجاله بالدقيق والسمن والزيت والسكر، ومبلغ لزوم سبوع المولود.

وتوجه بعد ذلك إلى أسرة توفى عائلها لأداء واجب العزاء، ثم ضرب مشوارا الى المجالس القومية المتخصصة لاستلام قرارات العلاج على نفقة الدولة لبعض المواطنين المرضى من أهالى  الدائرة، ثم توجه الى قسم الشرطة لضمان عدد من أهالى الدائرة  وقعت بينهم مشاجرة وتم القبض عليهم، وعندما علم عن طريق التليفون بالواقعة توجه الى القسم والتقى السيد رئيس المباحث وتعهد له بإجراء الصلح بينهم مقابل عدم عرضهم على النيابة خاصة وأن المشاجرة لم يسفر عنها إصابات؛ أشفقت على صديقى لأننى أعرف حياته الخاصة وطريقة إدارته لمؤسسته العريقة وهيبته وسط موظفيه  وعماله وكأنه الآمر الناهي، وسألته على فين العزم حالياً قال سأخطف رجلى الى المكتب، وعندى موعد فى المساء للتوفيق بين راسين فى الحلال، كتمت ضحكة فى صدرى؛ وسألته: “ليه؟! هو انت اشتغلت مأذون كمان”، قال لا مش بالضبط أنا مدعو كشاهد على عقد القران، وقلت له  توكل على الله ربنا يعينك.

تذكرت هذه الواقعة التى حدثت بالضبط خلال فترة التسعينيات وأنا أشاهد أحد المرشحين فى الانتخابات الحالية من نفس طبقة صديقى من أصحاب المال والأعمال يوجه رسالة إلى اهالى الدائرة عن طريق الفيديو يقول لهم فيها: أنا خادمكم المطيع، أينما تولوا وجوهكم تجدونى معكم ألبى مطالبكم، ويضيف المرشح: أنا استجبت لدعوتكم لى بالترشح، وهذه ثقة أعتز بها.. طبعاً حضرة المرشح لم يقصد من كلامه بأنه خادم الشعب لأن الشعب هو السيد، وهو مصدر السلطات وله السيادة فى وطن سيد، وأن السيادة للشعب وحده يمارسها ويحميها، لكنه يتصرف من خلال فقه اللحظة والمناسبة التى فرضت عليه أن يتذكر سلطة الشعب، والتى يتم تجاهلها بعد حصول المرشح «أى مرشح» على ما يريد، ويقوم بإغلاق صفحة الشعب ويفتح كتابه هو الشخصى حتى تنقضى الخمس سنوات، ويتذكر الشعب مرة أخرى يقف نفس الوقفة أمامه ثم يلوذ الى نعمة  النسيان.

الشعب هنا يعيش على الحلم بطريقة زورونى كل 5 سنوات مرة  ولا تنسونى كده بالمرة، لكن الشعب قادر أن يفرض السيادة،  ويمنح ثقته لمن يشاء ويحرم منها من يشاء عن طريق التفرقة بين من يمثله وبين من يمثل عليه، وذلك يتطلب حرص الشعب على الإدلاء بصوته فى الانتخابات ليكون مسئولاً عن اختياراته بعيدا عن كلام الأفلام الذى رأيناه فى فيلم ناقش قضية الانتخابات بدقة، وهو فيلم بخيت وعديلة، وكلنا ضحكنا على الطفل الذى كان يحمله جميل راتب فى فيلم طيور الظلام وهو ينظر إلى عادل إمام الذى كان يقول له بوسه من بقه.