عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بدون رتوش

رحل عن عالمنا الثلاثاء الماضى الشيخ صباح الأحمد أمير دولة الكويت.. حكيم العرب ورسول السلام ورجل المواقف والمبادئ. حظى بشعبية كبيرة داخل بلده الذى تمتع ببرلمان قوى وبصحافة حرة. شكل علامة فارقة فى منطقة الخليج ولذا يثور التساؤل: هل ستتغير التوازنات فى الخليج بعد رحيله؟ محطات يجب التوقف عندها فى حياة الشيخ صباح والذى كان سياسيا محنكا ودبلوماسيا حكيما، يعد عميدًا للدبلوماسية العربية لا سيما وقد شغل منصب وزير الخارجية لمدة أربعين عامًا قبل أن يعتلى إمارة الكويت.

كان سياسيًا من طراز رفيع ولذا نجح فى مواجهة الأزمات والتعامل معها بحرفية واقتدار، كان لاعبًا أساسيًا فى مواجهة الأزمة الخليجية، ونجح فى وقف الحل العسكرى. بغيابه اليوم يفقد الجميع فى الخليج والاقليم رجل السلام ورمز الحكمة، ويخسر المجتمع الدولى أحد أعقل رجالاته وأقطاب سياسته، ففى كل قضية تهم الإنسانية ترك الراحل بصمة إيجابية فى التاريخ. كانت الحكمة سلاحه فى التواصل مع القوى الإقليمية والدولية الفاعلة. ولا شك أن رحيله سيؤثر على التوازنات القائمة فى الخليج حيث كانت له بصمات واضحة طوال أربعين عاما أمضاها فى الخارجية الكويتية، وهى بصمات لم تقتصر عند حدود مجلس التعاون الخليجى وإنما شملت العالم العربى والدولى.

لا ينسى للشيخ صباح الأحمد دوره فى ابرام اتفاقية السلام بين شطرى اليمن الشمالى والجنوبى عام 72، ولا ينسى له الوساطة بين سلطنة عمان واليمن لتخفيف حدة التوتر بين البلدين عام 1980، ولا ينسى له أنه قاد جهودا لرأب الصدع خلال الحرب العراقية الإيرانية فى منتصف الثمانينيات. ولذا فلقد كان القائد الذى أجمع العرب على حبه. فى عهده تحولت الكويت إلى قبلة للقرارات العربية المهمة والمواقف الدولية الحاسمة فى أكثر من مرحلة بفضل مبادراته التاريخية واحتضان أرض الكويت لقمم ومؤتمرات عالمية ساهمت بشكل فاعل فى نجاحها، وعكست الصورة الناصعة والمشرقة للكويت عربيًا ودوليًا. كان للراحل محبة وتقدير ومكانة كبيرة فى القلوب اكتسبها من خلال شخصيته الأصيلة وروحه النقية وحرصه على تعزيز العلاقات الصادقة مع الدول والشعوب بما جعل الكويت فى مصاف الدول التى حظيت بالتقدير والاحترام لدى الآخرين.

إنه الحكيم الذى جنب الكويت والمنطقة والأمة الكثير من الويلات والكوارث التى كادت أن تعصف بها لولا حكمته ومساعيه الخيرة وسياساته المتوازنة التى حظيت بالتقدير فى كل مكان. إنه الحاكم الذى نشر تأثيره من خلال البراجماتية وضبط النفس ولهذا غدا الكثيرون يترحمون عليه كعملة نادرة. التقيته مرتين عندما كان وزيرًا للخارجية ورأيته أميرًا فى أخلاقه وتواضعه الجم ووطنيته الصادقة وحكمته البليغة وعروبته الأصيلة، إنه الإنسان الخلوق الذى يعرف طريق الحق ويتخذه مسارًا له، متسامح لأقصى قدر، ترفع عن الأحقاد.

أما البوصلة التى كانت توجهه دومًا فكانت مصلحة الوطن والأمة والعقيدة، إرث الشيخ صباح حافلة بالإنجازات ولهذا سيسجل له التاريخ شموخه وثباته، وتكريسه لحياته لخدمة الشعب الكويتى، وعمله لجمع كلمة دول الخليج العربى والدفاع عن القضية الفلسطينية والقضايا العربية والإسلامية، لقد كان قلب الأمة النابض الحريص على وحدتها والذى كانت أعماله خير دليل على مكانته رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.