عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بدون رتوش

فى الخامس من سبتمبر الجارى رحل عن عالمنا الأستاذ الدكتور يوسف والى بعد أن أصيب بالتهاب رئوى حاد. وقد عرفته عن قرب صادقًا أمينًا عارفًا بالله ساعيًا دومًا لنيل رضاه بوصفه الغاية العليا التى معها يتحقق له الإيمان العميق. إنه الدكتور «والى» المسكون بعمق التقوى والثبات على الحق. جمع مواصفات شتى تصدرها التواضع والتعفف والنزاهة والزهد فى أجل معانيه. تحلى بالأخلاق الحميدة وتعامل مع الناس بروح رطبة ندية. إنه صاحب العزيمة الذى جاهد وكبح أية رغبة قد تنتاب الإنسان للانتقام ممن يسىء إليه، فلم يحدث أن أساء إلى أحد بالقول أو الفعل، فعلى العكس كان يعفو ويصفح عمن يسىء إليه.

كان صادقًا وفيًا لكل العهود والمواثيق طوال فترة عمله فى الدولة، فهو المسئول الأوحد الذى لم يتقاض راتبه من الدولة، وطوال فترة عمله لم يستخدم إلا سيارته الخاصة ولم يستفد ماليًا من المناصب التى شغلها، ولم يحصل على أية امتيازات، ولم يتقبل أية هدايا، فكل الهدايا التى قدمت إليه موجودة بالمتحف الزراعى الذى يضم المقتنيات التاريخية وعالية القيمة. من أكثر الشخصيات التى أثير حولها الجدل. طاردته الشائعات لا سيما شائعة أصوله اليهودية. وهى الشائعة التى نسجتها فى الأساس فئة الإخوان المسلمين الباغية. أجريت معه عدة لقاءات صحفية وكنت عندما أتطرق معه لهذه الشائعة كان يبتسم ويكذبها قائلًا: (أسرتى تنتمى إلى قبيلة الحنابشة التى وفدت من أرض الحجاز واستوطنت بالفيوم. جدى «موسى ميزار» ارتبط بالثورة العرابية وكان أحد المساهمين فى تمويلها ومات حزنًا على هزيمة أحمد عرابى). الشائعة الأخرى التى لعب الإخوان دورًا فى ترويجها شائعة المبيدات المسرطنة وإلصاقها به. ولقد برأته المحكمة من هذه التهمة التى ألصقت به وهى استخدام مبيدات زراعية محظورة دوليًا تؤدى للإصابة بمرض السرطان.

عاش يوسف والى حياة بسيطة بعيدة عن الترف، فالزهد هو رافده، والكفاءة هى مقصده، والإخلاص هو ديدنه. لم يكترث بالشائعات، ولا بما يردده البعض عنه. رفض الدخول فى الرد على أية مهاترات أثيرت حوله، ووجد أن السكوت من ذهب، وأن التجاهل هو الطريق السليم وهو الحكمة بعينها، ولهذا نأى بنفسه بعيدًا عن الدخول فى صراعات سياسية. كان عاشقًا للحياة البسيطة، ملتحفًا بالزهد الطوعى، فلم يكن يلقى بالًا للثروة ولا للثراء، وعلى العكس مال إلى تقليص عدد الأفدنة التى ورثها عن والده وهى مائة وسبعة فدادين. وأثناء توليه مهام وزارة الزراعة بادر فخفض عدد هذه الأفدنة إلى خمسين فدانًا فقط , قبل أن يعمل على خفضها ثانية لتصبح خمسة وثلاثين فدانًا فقط.

كان- رحمه الله- ودودًا متواضعًا عاشقًا للزراعة التى أحبها ودافع عن الرقعة الزراعية المصرية، ووقف ضد البناء على الأرض الزراعية، ولذا كان همه زيادة الرقعة الزراعية إلى أكثر من ثمانية ملايين فدان وتحقيق الأمن الغذائي. كان يوسف والى وزيرًا غير تقليدى يكرث كل وقته لعمله، ولهذا عزف عن الزواج. بقى يوسف والى ناسكًا صوفيًا قريبًا من الله عز وجل صامدًا فى محراب الزهد الطوعى حتى وافته المنية ليظل إيمانه الشديد وصلابته وزهده وقربه لله مثار جذب وإعجاب من قبل الكثيرين. تغمده الله برحمته وأسكنه فسيح جناته.