رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مسافة السكة

أؤمن بأن الفن رسالة، وخاصة الفن الهادف الذى يستطيع إيصال رسائل للناس بطريقة بسيطة مُقنعة، فعقب مشاهدتى لفيلم صاحب المقام انتابنى شعور بالفضول الذى جعلنى أتساءل ما الرسائل التى يريد المخرج ايصالها للناس؟ وعقب تسلسل الاحداث استطاعت ان اصل لبعض من تلك الرسائل، فاستطاع المخرج بحرفية شديدة توضيح واستعراض بعض من حقائق الحياة الدنيا، فبداية هناك أنواع من الرزق إذا أساء صاحبها استخدامها أصبحت نقمة لصاحبها، فالنعمة التى تُبعد صاحبها عن خالقه فهى ابتلاء وليست نعمة!

فكثرة المال قد يكون لعنة لصاحبها فأول ما تفعله لصاحبه ان تبعده عن خالقه، ويزداد غروره ويصبح شخصاً نرجسياً وتسوء اخلاقه اذا اساء استخدامها فتسرقه الدنيا من نفسه ! ليس فقط رزق المال بل كل رزق منحه الله لأحدهم واساء استخدامه انقلب لنقمة كالمنصب ايضًا! فقد جسّد المخرج ذلك من خلال البطل آسر ياسين فقد ظهر من خلال دوره أنه لديه المال الكثير الذى جعله يستقوى ويظن انه مالك الدنيا بمن فيها وايضًا استطاع ان يُجسد للمشاهد تأثير ذلك على شخصيته، فشخص يتعامل مع الجميع معاملة سيئة وسيئ الاخلاق وبالتالى يكرهه الجميع بسبب سوء خلقه وتعامله السيئ ! ولكن استطاع المخرج ان يُظهر حقيقة الانسان ومدى ضعفه! وان التوفيق من عند الله وليس ذكاءً او شطارة من الانسان! فالله قادر على ان يُسلب منك كل شىء بعد ما منحه لك! ولكن الله يمتحننا ويرجعنا له بالابتلاءات ولله حكمة فى خلقه وشئون خلقه وفى احداث الحياة قد لا يستطيع عقلنا استيعابها الا بعد معرفة حكمة الله فيما حدث! فالابتلاء بالأذى  الذى يقربك من الله خير من النعم التى تبعدك عنه!

وقد يظن الانسان انه بعيد عن خالقه، ولكن باب التوبة دائمًا مفتوح لمن اراد التوبة والرجوع الى الله سبحانه وتعالى، وتطرق المخرج لذلك بالإضافة الى أمر هام الا وهو استعجال استجابة الدعاء، فالكثير منّا يشتكى تأخر إجابة الدعاء، والبعض الآخر ينظر لغيره بانه استجاب له وهو لا، فالانسان بالمقارنة يجلب لنفسه الحزن والضيق فمن راقب الناس مات همًا ! فأغلب الضيق الذى يشعر به البعض هو النظر لرزق غيره للدرجة التى تعميه عن عدّ النعم التى يمتلكها! فالسعادة فى الرضا والقناعة وعدم النظر لرزق الغير.

ومن الرسائل الهامة أيضًا ان الله اذا اراد شيئًا ان يقول له كن فيكون، فحينما يأذن الله بإجابة دُعائك فسيسخر الكون كله لأجل تحقيق احلامك وأهدافك، كما أن الله وحده من يعلم من أين مأخذك، ففى لحظة يتغير كل شىء للأسوأ أو للأفضل، فالله قادر على كل شىء، فالتوحيد ليس مجرد جملة نتلفظها بل التوحيد حياة نعيشها بأن لا إله الا الله، يجب أن نؤمن بتلك الجملة فلا مُنجى الا هو، فقد شاهدنا العديد من الأحداث سواء على المستوى الفردى او الدولى كيف لوباء مثل كورونا أرعب الكثير، فالفرح والحزن يأتى فى لحظة، المرض والعافية تأتى ايضًا فى لحظة ! فحدث صغير يقلب حياة الانسان رأسًا على عقب سواء أكان حادث مُفجع أم حادث مُفرح!

وفى النهاية، أشكر المخرج ماندو العدل على تقديم مثل ذلك العمل ولكل أبطال الفيلم الذين جسدوا أدوارهم بكل حرفية بحيث استطاعوا ايصال تلك الرسائل بطريقة مبسطة وواضحة، ونتمنى أن تسير الدراما كما هى فى الآونة الأخيرة لدورها الأساسى الا وهى تنمية وعى المجتمع والرقى بالفكر والنفس للإنسان.

[email protected]