عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

 

فى حياتنا أناس ليسوا كالناس بل هم أرواح شفافة تسعى بيننا كنسائم الربيع التى تلفح وجوهنا فنشعر بالسمو والسعادة وحلاوة الحياة ، وهم لايملكون لأحد  حقدا ولايضمرون لأحد شرا ، لايعنيهم من الدنيا إلا أن يخلصوا فى عبادة الله وفعل الخيرات ونشر الحب والفضيلة بين البشر ، إنهم يقاومون الشر بالحب ويهزمون العنف باللين ، أرواحهم دائما معلقة بحب الله وعشق نبيه الكريم محمد صلوات الله وسلامه عليه وحب آل بيته الكرام  وحب الأئمة الأربعة وكذا الأقطاب الأربعة أئمة الصوفية ( السيد البدوى – أبو العباس المرسى – أحمد الرفاعي وابراهيم الدسوقى ) وتجد قلوبهم معلقة بحب كل هؤلاء بشغف لايماثله شغف . ومن شدة تعلقهم بالنبي محمد وآل بيته وهؤلاء الأقطاب الأربعة يقضون حياتهم بين أضرحة واحتفالات موالد هؤلاء يتغنون بحب النبي وينشدون الأناشيد الصوفية ويهيمون بذلك لدرجة الغياب عن الوعي ( الوعي بالدنيا الفانية و والذهاب بعيدا فيما وراءها أملا فى لقاء الله ورسوله ) . إنهم من يعرفون فى حياتنا ب "الصوفية" ، وفرق شاسع بين الصوفية الحقيقيين وبين المدعين الذين يتخذون من الطرق الصوفية مجالا للوجاهة والارتزاق أو يتمسحون فيها وهم بملابس بالية وهيئة رثه !!

إن من هؤلاء الصوفية من يوقفون حياتهم على المدائح النبوية . ولقد عايشت واحدا من هؤلاء ، وكثيرا ماكنت أسمعه يردد هذه المدائح فى جوف الليل وأطراف النهار بصوته الشجي مثل رائعة أحمد شوقي " ولد الهدى فالكائنات ضياء وفم الزمان تبسم وثناء،  الروح والملأ الملائك حوله للدين والدنيا به بشراء ، والعرش يزهو والحظيرة تزدهى والمنتهى والسدرة العصماء ، والوحي يقطر سلسلا من سلسل واللوح والقلم البديع رواء ، ياخير من جاء الوجود تحية من مرسلين الى الهدى بك جاؤوا ". أو يتعنى بأعنية الحاج محمد الكحلاوي الشهيرة " لاجل النبي ، لاجل النبي ، تقبل صلاتي على النبي ، لاجل النبي ياإله الكل كونلي انت عالم بي كلي .. انا فى جاه النبي تكرم عبيدك والنبي ، أنا حبيب النبي يوعدكوا يارب بالنبي ..". وحينما سألته ولم أكن أعي الكثير حينها : من أين لك هذا ؟! وماهذا الكلام الجميل والصوت الجميل ؟ قال إنه كله من عند الله . وحكى لى قصته مع المدائح النبوية قائلا : حينما كنت طفلا فى الخامسة أو السادسة من عمري  أخذنى زوج أمى وكان رجلا طيبا جدا لم يذكر لى اسمه أبدا ، أخذنى معه - بعد أن قطعت شوطا معقولا من التعليم وحفظ القرآن فى "كُتاب"  القرية - إلى مولد سيدى ابراهيم الدسوقى وكذا موالد البدوي وأبى العباس و الرفاعي ، وكنت أحفظ كل ماأسمعه من المنشدين وخاصة المنشد الكبير السيد حواس ، وذات يوم وأنا فى حوالى الثامنة من عمري سمعنى وأنا أنشد احدى القصائد فاكتشف في مالم أكن أعرفه عن نفسي وقدمنى للسيد حواس فى أحد تللك الموالد بعد أن ألبسنى جلبابا وشالا جديدين ، فما كان من السيد حواس إلا انتفع بيى فى فترات استراحته من الانشاد ؛ حيث قدمنى لأول مرة فى احدى حفلاته وحزت اعجابا شديدا من الحاضرين فأصبحت فقراتتي معه كثيرة وأكثر طولا ، وكنت أجوب البلاد معه طولا وعرضا أنشد أناشيدى فى حب النبي وكانت أياما وسنوات مباركه استمتعت فيها ولاأزال بحب النبي وحب آل بيته ولم يعد  لي منذ تلك الأيام من الدنيا سوى هذا العشق للنبي والانشاد فى حبه .

ولما سألته : وماذا أوقفك عن ذلك الترحال والانشاد ، قال : لقد مات السيد حواس وتزوجت أنا واضطررت بالتالي للعودة إلى قريتي والاستقرار فيها لمتابعة أعمال الزراعة وفلاحة الأرض . لقد أصبحت مسئولا عن بيت وأسرة لابد أن أرعاها وأولاد لابد أن أعلمهم وأربيهم ولم يكن ممكنا أن أجوب الآفاق مادحا وأتركهم . لكننى يابني لم أفقد يوما شغفى بحب الله ورسوله وآل بيته ومشايخنا وخاصة البدوى الأحمدى الذي أنتمى لطريقته الصوفية ولازلت أتوق إلى اليوم الذى يمكننى أن أعود فيه إلى متابعة هذا الطريق الروحي الذي لايحس بحلاوته إلا من عاشه وان كنت أعوض ذلك  الآن بهذه المدائح النبوية التى أشدو بها لنفسى بين الحين والآخر حينما يكابدنى الشوق وخاصة فى هذا اليوم المبارك – يوم عرفه - وحجاج بيت الله الحرام يتنسمون فيها بريح النبي وحلاوة الطواف حول بيت الله الحرام  .

 لقد أديت فريضة الحج مرتين لكننى أحج مع الحجاج كل عام وأنا أتابعهم يوما بيوم وهم يؤدون المشاعر المقدسه ، وان كانوا هم يقولون لبيك اللهم لبيك فى وقت وعيهم فأنا أقولها مستيقظا ونائما ، فى سري وفى علني ،  وأتمنى من الله دائما أن يكون لقائي به فى هذا اليوم المبارك حتى ألقاه صائما ملبيا محبا له ولنبينا الكريم الذى أتوق إلى صحبته فى الجنة فقد وعد محبيه بذلك . وتمر السنوات ويموت هذا الرجل فى نفس اليوم الذي تمناه من ربه . إنه أبى الذي مات فى مثل هذا اليوم – يوم عرفه – من سنوات لم أعد أذكرها . رحمه الله ورحم كل من أحب الله ورسوله كل هذا الحب . وكل عام وأنتم بخير.

 

[email protected]