مسافة السكة
دفعنى ما قاله الرئيس عبدالفتاح السيسى، عن اعتبار «سرت والجفرة» خطًا أحمر بالنسبة لمصر، للبحث عن أهمية هاتين المنطقتين ووجدت أن خليج سرت فى شمال دولة ليبيا ويُطل على البحر الأبيض المتوسط من الجنوب، تُقدّر مساحته بثمانين ألف كيلو متر مربع، مُحاط بالأراضى الليبية من الثلاث جهات، ويُشكّل مساحة من سواحل ليبيا بحيث يمتدّ من رأس بنغازى شرقًا إلى رأس الزروق فى مصراتة من الغرب، ويربط بين دول إفريقيا الوسطى ودول أوروبا كما يُعتبر ممرًا للسفن المُتوجهة لشبه الجزيرة العربية، كما أن موقع خليج سرت الاستراتيجى ساهم بشكل كبير فى تطوير الحركة التجارية للسفن لعبورها ورسوها به مما زاد من عملية التبادل التجارى فى الاستيراد والتصدير.
يُعرف عن خليج سرت قوة التيار المائى به بحيث يسحب السفن إلى الشاطئ، فيما تتركز فيه معظم موانئ تصدير النفط فى دولة ليبيا، كما أن العمق الكبير له منحه أهمية استراتيجية كبيرة من خلال ربطه بين الحضارة الأوروبية من الشمال والحضارة العربية من الجنوب، ومن الجدير بالذكر أن هذا الخليج يمتلك فى باطنه الكثير من الثروات الاقتصادية.
تعتبر سرت القاعدة الخلفية للهجوم على الموانئ النفطية من الغرب لكل من أراد السيطرة على القسم الأكبر من مخزون النفط الليبي، فالمدينة تجاور الهلال النفطى الليبى الذى يضم أكبر مخزون نفطى فى البلاد يشكل نحو 80% من صادرات ليبيا النفطية، وتعد السيطرة على سرت بوابة التى يتم العبور من خلالها نحو كنوز ليبيا التى تقع على مسافة 150 كم فقط شرق سرت.
كما يحوى خليج سرت ثروات طبيعية تتربص بها شركات التنقيب العالمية، بعد أن تم الكشف عن أكبر مخزون غاز داخل حوض جوفى يحمل اسم المدينة، «حوض سرت»، الذى يعد أحد أسباب الصراع البارد بين إيطاليا وفرنسا اللتين تخوضان منافسة شرسة عبر شركتيهما «توتال وإيني» من أجل ضمان حصصهما فى امتيازات التنقيب والإنتاج مستقبلًا، واستراتيجيًا أيضًا، يعتبر ميناء سرت الأكبر فى ليبيا ويسهّل خطوط الإمداد فى حالة الحرب.
كما أن سرت أهم مركز بحرى فى العالم لمبيض الأسماك، إضافة إلى امتلاكها أرضا مستوية مسطحة صالحة للزراعة بمساحات شاسعة، وموقعها وسط وقلب الساحل الليبى تتحكم فى الشرق وفى الغرب الليبي، إضافة إلى أنها على أطرافها حوض سرت النفطى الكبير، كما أن منطقة خليج سرت وما حولها تعتبر من أهم مصائد التونة فى العالم خاصة نوع Bluefin Tuna بسبب دفء مياه الخليج ما يدفع الأسماك من معظم بحار العالم تهاجر إليه لتحط فيه بيضها، بدخل سنوى يقارب 8 مليارات دولار.
بعد عرض أهمية سرت ننتقل لتوضيح مدى أهمية الجفرة، فهى تقع فى منتصف ليبيا وتربط الجنوب بالشمال، وهى منطقة عسكرية وبها حقول نفطية وقريبة من طريق واحة جغبوب، ويمكن الوصول منها إلى واحة سيوة المصرية، وهى طرق يمكن استغلالها من قبل العناصر المسلحة والإرهابيين والميليشيات، لذا حدد الرئيس السيسى «سرت والجفرة» الخط الأحمر بالنسبة لمصر، لأن التعدى على هاتين المنطقتين تهديد للأمن القومى المصرى يجب التصدى له.