عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

على فكرة

استعادت" الدولة "مكانتها ودورها الحيوى فى معركة التصدى لوباء كورونا عالميا، وإذا جاز أن يكون للكوارث فوائد، فقد كشف تفشى وباء فيروس كورونا، جوانب الخلل فى النظام الدولى بشرقه وغربه وشماله وجنوبه وفقرائه وأغنيائه، كما سلط الضوء فى الوقت نفسه على عناصر القوة، التى مكنت بعض الدول من القدرة على المواجهة والعلاج ومنع تفشى الوباء، وهى نفسها العناصر التى بدت غائبة عن الدول الغربية التى اجتاحها الوباء فأربكها وباتت بؤرته، فقد ظهر الخلل متسعاً ومتعاظماً فى الدول التى تمتلك أنظمة صحية متقدمة، ولأن الجانب الأكبر من تلك الأنظمة يديره القطاع الخاص، بدت فى تلك اللحظات نمراً من ورق، وهو الأمر الذى جعل الولايات المتحدة الأمريكية تصبح أكبر بعد فرنسا وإيطاليا و البرازيل فى عدد الإصابات والوفيات..

من جانب آخر بدت الأنظمة الصحية التى تهيمن عليها الدولة أكثر قابلية وقدرة على التحكم فى تفشى الفيروس، وتقدم التجربة الصينية نموذجاً فذاً فى هذا الجانب، من حيث كفاءة التصدى للوباء، وثقة المواطنين فى النظام الصحى الذى تهيمن عليه الدولة وتديره، وانتقال تلك الثقة من داخل الصين إلى خارجها بمساعدة الدول الغربية الكبرى فى حرب المواجهة، سواء فى إيطاليا أو فرنسا، ثم التنافس السريع حاليا بين الدول الكبرى من أجل التوصل للقاح فعال لمقاومته وعقار للشفاء منه.

فى مصر برغم الكلفة الاقتصادية الباهظة للتصدى لذلك الخطر، بدت الحكومة المصرية فى أحسن حال من حيث الاستعداد والتخطيط والتوازن والشفافية فى الإجراءات المتخذة، وبرغم أن النظام الطبى فى مصر غير مشهود له بقدرات فائقة، وليس فى أحسن حالاته، فقد تمكن أن يوظف طواقمه الطبية الجسورة التى تتحلى بالكفاءة ومعداته وأجهزته التوظيف الأمثل فى حرب المواجهة، لعل ذلك النجاح هو أحد أهم الجوانب الطيبة لتلك الأزمة، التى زلزلت أفكاراً ثابتة، تفقد الثقة فى النظام الطبى المصرى، والحديث هنا عن المنظومة الصحية الرسمية المملوكة للدولة التى تستهدف حماية صحة المصريين، بينما لا يسعى القطاع الطبى الخاص سوى للربح وتكديس الثروة، بصرف النظر عن كفاءته أو انعدامها.

فتحت أزمة فيروس كورونا الباب على مصراعيه لبحث ملف الطب والاطباء فى مصر، ولعل هذا أحد الجوانب الطيبة لتلك الأزمة، التى نتمنى أن يبقى مفتوحاً بعد زوالها، وجاء قرار الرئيس السيسى بزيادة بدل المهن الطبية بنسبة 75% عن القيمة الحالية للأطباء بالمستشفيات الحكومية والجامعية، وإنشاء صندوق مخاطر للعاملين فى المهن الطبية، ليبشر أن الملف قد فتح بالفعل ليصبح بندا ثابتاً على جدول أعمال الحكومة لتقوية النظام الصحى الرسمى وتنقيته من الشوائب، وعلاج نقاط ضعفه، ووضع العنصر البشرى من الأطباء والعاملين به فى الوضع اللائق من حيث الأجر وظروف العمل وكثافته ومجالات التدريب، وقبل هذا وبعده، البحث عن الأسباب التى خلفت ظاهرة خطيرة هى هجرة الأطباء للخارج..

فى الولايات المتحدة الأمريكية والدول الرأسمالية الأخرى، يدور حديث جدى حول فشل القطاع الصحى الخاص فى التصدى للجائحة وترتفع المطالبات بألا يترك أمر الرعاية الصحية للمواطنين إلا فى أيدى الدولة، وهو الجانب الأكثر إشراقاً فى تلك الأزمة غير المسبوقة عالميا إذ تعود الدولة بطلاً فى التصدى للوباء بعدما قاد النظام الرأسمالى بكل قوته، على الأقل، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حرباً لهدم مؤسساتها، دفاعاً عن الربح بلا ضوابط فى السوق الحرة التى باتت تتحكم فى مستقبل البشر، و لاحماية بها سوى لأقلية من الأثرياء وذوى النفوذ !