رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مسافة السكة

 

 

 

فى عالم الفيس بوك نشاهد العجب! أصبحنا مائة مليون محلل نفسى وقاضى ومفتى! حتى أصبح لكل معصية فتوى! فالفيس بوك أصبح مستنقعاً، ومنح للأسف الجميع الحق فى إبداء رأيه بطريقة تصبح تريند! البعض عمل لمن لا قيمة له قيمة بسبب ما يسمى بالتريند! والبعض الآخر عمل من موضوع بلا قيمة ليصبح حديث المدينة ويشغل التايم لاين! فأصبح مقياس نجاح الشخص متوقفاً على التريند وأهمية الموضوع يقاس بالتايم لاين!

 فأصبحنا نتحدث ونجادل فى أمور حسمها الله فى مُحكم كتابه! أصبح البعض يحدد من يدخل الجنة ومن يدخل النار بدلًا من أن يشغل نفسه فى مباشرة أعمال تساعده على دخول الجنة! فنحن فى زمن الفتنة والقابض على دينه كالقابض على الجمر، فصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما قال: «إن الإسلام بدأ غريبًا وسيعود غريبًا فطوبى للغرباء، قيل: ومن هم؟ قال: الذين يصلحون إذا فسد الناس»، وقال أيضًا: «من أشراط الساعة أن يظهر الجهل ويقلّ العلم»، البعض اليوم يتّبع الغرب فى أزيائهم وعاداتهم وتقاليدهم حتى لو مخالفة لمجتمعاتنا، أى يفعلون ما يفعله الغرب ويشعرون بالتحضُر فاقتبسنا منهم الزى والعادات السيئة ! ويبدأ البعض بالتباهى بالمعصية جهرًا! فيشعر المُلتزم بدين الله وسنة رسوله بأنه غريب فى هذا المجتمع كالسائح فى بلد غير وطنه! فإنَّ رأيتَ مجتمعاً كهذا وأنتَ غريبٌ عنه لا ترضى به، فهذه بِشارةٌ طيبةٌ على أنك من الغرباء الذين قال عنهم رسول الله .

فهؤلاء الغرباء يزيدون إذا نَقَصَ الناس؟ أى إذا قلَّ أهلُ الخير زادَ خيرهم، وإذا قلَّ أهل المعروف زادَ معروفهم، وإذا قلَّ أهلُ الورع زادَ ورعهم، وإذا قلَّ أهلُ الالتزام زادَ التزامهم، فإذا الإنسان استقام أهله أقرب الناس إليه يرفضونه زوجته أحياناً ترفضه، وأكبر مثال على ذلك امرأة لوط، وايضًا ابن نوح، امرأة فرعون، سيدنا إبراهيم وأبيه وعم الرسول عليه الصلاة والسلام، شريكه لا يرضى ويفُض الشراكة، أصدقاؤه ينفرون منه إذا لم يتبعهم أى إذا دعوه لما نهى الله عنه ويغضب الله كرهوه، إذا دعوه لارتكاب المعاصى ورفض انقلبوا عليه، وكذلك المرأة إذا لم تُخلع الحجاب ولم تتبع أصدقاءها فى أقوالهم وأفعالهم وعاداتهم وتنجرف معهم فى المعاصى ابتعدوا عنها، فأحيانًا بُعد الناس عنك رحمة لك وحب من الله لك، فالغُربة نِعمة وليست نِقمة.

لقد أثنى الله عز وجل على عباده القليل، ومدحهم فى مواضع من كتابه، وآيات أخرى يذمّ فيها الكثير ويمدح القليل: «وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ‌ النَّاسِ لَا يَعْلَمُون، لا يشكرون، لا يؤمنون، فاسقون، يجهلون، معرضون، لا يعقلون، لا يسمعون»، كما قال ابن القيم رحمه الله : «عليك بطريق الحق ولا تستوحش لقلة السالكين وإياك وطريق الباطل ولا تغتر بكثرة الهالكين»، فهناك شعور ينتاب الإنسان المؤمن، بأن يشعُر أنه فى زمن عمّ فيه الظلم، وانتشرت فيه الفواحش، وانتشرت فيه الفتاوى، وأصبح القابض على دينه كالقابض على الجمر، يشعُر فيه المؤمن بالحيرة لكثرة الظالمين وكثرة الفاسدين وتوسوس نفسه بأن من المُحال أن كل هؤلاء الناس على خِلاف الحق !؟ أكثرُ هؤلاء الناس ليسوا على الطريق المستقيم ؟! ويتساءل دومًا أيهما على حق: أنا أم هم؟

أكثرُ الناس لا يبالون أكانت علاقاتهم مع بعضهم مشروعةً أو غيرَ مشروعة؟ أكثرُ الناس لا يبالون إذا كانت أعمالهم أساسها طاعة أو معصية؟ حتى إذا عُرِضَ على أحد وظيفة فيها غضب لله ولكن دخلها كثير فرفضها لاتهمه البعض بالجنون! فمن يتمسك بدينه وبمبادئه ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر يشعر بالغربة حتى وهو بين أقرب الناس إليه أهله، فالعبرة ليست فى كثرة العدد، فليس بشرط حينما يجتمع الكثير على أمر ما أنهم على حق، بل غالبًا هم أقرب للباطل!

‏  [email protected]