رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

 

 

بدأت الثورات العربية المعاصرة فى تونس ومصر عام 2011م بحادثتين فريدتين قتل فيهما محمد البوعزيزى الذى أحرق نفسه احتجاجا على مصادرة العربة الصغيرة التى كانت مصدر رزقه بعد معاناته من البطالة ، وخالد سعيد الذى قتل فى قسم البوليس من جراء التعذيب الذى تعرض له من قبل مخبرى الشرطة  . لقد أشعل وفاة هذين الشابين الثورة فى تونس ثم فى مصر فيما سمى من قبل  الإعلام الغربى والعالمى بـ « ثورات الربيع العربى «

وقادت هاتين  الثورتين مسيرة التغيير الذى لاتزال أحداثه مشتعلة ومستمرة فى بعض البلدان العربية الأخرى . فهل يكون مايحدث الآن من احتجاجات ومظاهرات صاخبة امتدت لآكثر من أربعين مدينه وولاية أمريكية نتيجة مقتل الشاب الأمريكى من أصول أفريقية جورج فلويد تحت قدمى الشرطى الأمريكى  هو بداية عصر» الربيع الأمريكى « ؟! هل يكون بداية لعصر من «الفوضى الخلاقة « فى الولايات المتحدة الأمريكية  التى كان ساستها وراسمو خطط استبدادها وهيمنتها على العالم هم من اصطكوا هذه المصطلحات بهدف تفتيت الدول العربية بعد هدم أنظمتها السياسية والقضاء على عوامل الاستقرار فيها ممثلة فى مؤسساتها الكبرى من جيش وشرطة وقضاء وخلافه ؟!

ربما يكون ذلك كذلك بالفعل لأنه عادة ما ينقلب السحر على الساحر ؛ فكما هللت الولايات المتحدة واحتفت بنجاح سياستها الداعمة لكل القلاقل والاضطربات والتمردات فى دول العالم الأخرى بحجة دعمها للحريات وحقوق الانسان تعانى هى الآن من نفس المشكلة التى كشفت عن أنها من اكثر الدول خرقا لحقوق الانسان وتعديا على أبسط حقوقه وهو حق الحياة ! ، وكما خططت الولايات المتحدة لتفتيت الاتحاد السوفيتى والكتلة الشرقية لتنفرد هى وحدها بالسيادة والهيمنة على العالم ، أصبحت هى الآن مهددة بنفس المصير ؛ فالسلطة المركزية لم تعد قادرة وحدها على السيطرة على الأوضاع وخرجت الأمور عن سيطرة مؤسسة الرئاسة الحمقاء وأيضا عن سلطة حكام الولايات الضعفاء ؛ إذ خرج المتظاهرون الغاضبون بالآلاف إلى الشوارع رغم اجراءات الحظر ورغم انتشار الوباء القاتل كورونا الذى حصد إلى الآن أرواح أكثر من مائة ألف قتيل أمريكى ! ولم يتوقف المتظاهرون عند حد التظاهر السلمى كما كان الشأن دائما من قبل بل أشاعوا الفوضى وأحرقوا المحلات ونهبوها وحاصروا البيت الأبيض وأشعلوا الحرائق حوله ، إنها اذن بوادر الثورة الشاملة فى الولايات المتحدة ضد كل مظاهر الظلم والتعسف والتمييز العنصرى المقيت الذى لايزال يعانى منه الأمريكيون السود وهم من قامت على أيديهم وأكتافهم   ولاتزال الولايات المتحدة الأمريكية .

لقد تصادف أن كنت أقرأ قبل اشتعال هذه الأحداث الأمريكية أخر ما أصدره د. حسن حنفى من مؤلفات وهو كتاب بعنوان « أمريكا : الأسطورة ، والحقيقة « الذى شرَح فيه الداخل الأمريكى كما عايشه فى الفترة ما بين 1971و1975م موضحًا أن أمريكا الاسطورة تكاد تتناقض مع الولايات المتحدة كحقائق واقعة تعانى منها صنوف البشر وأجناسهم المختلفة التى تتكون منها الولايات المتحدة.

لقد بدأت كدولة استعمارية وانتهت كدولة رمزا للاستعمار من خلال القواعد والأحلاف والقصف والعدوان وكأن العالم كله مساحة للتوسع الأمريكى «. وليقرأ الحالمون بالهجرة إليها ما كتبه البيض والسود من الأمريكيين عن «سقوط أمريكا»؛ فلقد «تخلت أمريكا عن مبادئها بالغزو والسلاح فكرهها الناس ورفضها الأحرار وتنبأ لها فلاسفة التاريخ بالسقوط والانهيار». هكذا أنهى د. حسن حنفى كتابه الصادر منذ أيام ، وهذا ما كنت قد انتهيت إليه فى كتابى « مابعد العولمة « الذى صدرت طبعته الأولى عام 2003م بناء على  التحليل السياسى والاجتماعى والاقتصادى للداخل الأمريكى وعلى التحديات الخارجية التى ستواجهها أمريكا نتيجة محاولاتها التمدد العسكرى و الاستعمارى فى العالم . إن الامبرطورية الأمريكية والهيمنة الغربية على العالم مآلها كما تقول كل الرؤى التنبؤية إلى الزوال من الآن وحتى نهاية هذا العقد ( من 2020 حتى 2030م) . وهاقد بدأت ارهاصات كل ذلك الآن ؛ فالشعب فى الداخل الأمريكى يهب الآن ثائرا مطالبا بالحقوق المنتهكة والمساواة الغائبه ، والصراع مع الخارج وخاصة مع الصين وروسيا وحتى مع المنظمات الدولية  يشتعل نتيجة السياسات الخارجية العنجهية المضطربة للرئيس ترامب ! فهل بدأ بالفعل «الربيع الأمريكى» الذى لن يكون نتيجته فقط تغيير الداخل الأمريكى بل ستعم نتائجه العالم أجمع وربما تبدأ منه دورة حضارية جديدة تنعم فيها البشرية بعالم أكثر عدلا وأكثر تعاونا وسلاما ؟! ولاشك أن الأيام والشهور القادمة تحمل الاجابة ...