عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لله والوطن

 

 

 

بعض الناس معذورون فيما يبدونه من ردود فعل مبالغ فيها أو آراء غريبة حول أحداث مسلسل «الاختيار».. وخاصة ما يتعلق بالمعارك العسكرية بين قوات الجيش من جهة وعصابات المرتزقة الإرهابيين من جهة.. والقوة والشراسة التى قد يبدو بها هؤلاء الإرهابيون لدرجة تحقيقهم تفوقًا ميدانيًا.. وتكبيدهم خسائر مادية وبشرية فادحة للقوات فى بعض الأحيان.

وعذر هؤلاء هو أنهم لم يروا.. ولم يسمعوا عن قرب.. ولم يعيشوا الأحداث عن قرب.

•• فى اكتوبر 2015

كان لى الشرف بحكم عملى الصحفى فى المشاركة بزيارة خاطفة وفريدة من نوعها لمدة يوم واحد.. الى الكتيبة ١٠١ فى العريش.. حيث مركز قيادة العمليات فى مثلث الإرهاب بشمال سيناء المكون من مدن العريش ورفح وبئر العبد.. وهى أكبر مقر عسكرى فى سيناء.. وتقع فى مربع تأمين بالغ التعقيد والتحصين.. وبداخلها يوجد مقر الحاكم العسكرى للعريش.. ومقر قائد العمليات العسكرية للجيش الثانى الميدانى فى شمال سيناء.. تلك الكتيبة التى تعد بحق ومثلما يسمونها فى الجيش والشرطة «عرين الأسود» ومصنع الأبطال والشهداء الذين رووا بدمائهم الطاهرة أرض الفيروز.

هناك استمعنا لشهادات حية من قائد الجيش الثانى والطيارين والضباط والمقاتلين وشيوخ القبائل حول وقائع الحرب والانتصارات وملحمة التحرير.. أعيد نقل بعضها هنا لربما يجد فيها البعض إجابات لأسئلتهم الحائرة.

•• مازلت أتذكر

شهادة اللواء أركان حرب ناصر محمد عاصى قائد الجيش الثانى الميدانى آنذاك.. والذى كانوا يطلقون عليه لقب «صائد الإرهاب فى سيناء».. فهو يعد من أبرز قادة العمليات العسكرية فى سيناء.. وقاد بنفسه العديد من الخطط للعمليات ضد البؤر الإرهابية والتكفيريين.. وأشرف على التطور النوعى فى استهداف رصد وتصفية قادة التنظيمات الإرهابية فى شمال سيناء وعمل تحت قيادته الشهيد البطل أحمد منسي.

أتذكر كلماته عندما بادرته بسؤال عما يتم من عمليات نوعية مضادة من جانب الإرهابيين ضد رجال القوات المسلحة والشرطة فى أوقات متفرقة.. ودلالة هذه الأعمال التى تترك أثرًا مقلقًا لدى من يتابع أحداث سيناء من بعيد؟

أجابنى قائد الجيش الثانى الميدانى قائلاً: ليس هناك ما يدعو للقلق من هذه العمليات.. فمن يضع عبوة ناسفة فى طريق مدرعة أو يضرب طلقة على ضابط أو جندى من مسافة بعيدة فهو يقوم بعمل فردى.. ويمكن أن يحدث ذلك فى أى مكان وليس فى سيناء فقط.. إنها حالات فردية لا تقلق.. كما أن هذه هى طبيعة «حرب الشوارع» التى نخوضها ضد هؤلاء الإرهابيين.

•• تلك هى المسألة

أنت تحارب عدو خفي.. شبح.. لا يواجهك.. يتنقل كالجرذان وسط كثبان الرمال فى جنح الظلام.. سلاحه الأهم هو الغدر.. وهو أدرى بكل شعاب هذه الأرض واستدراجك الى شراكه.. كما أنهم يتخفون وسط المدنيين ويتخذونهم دروعا بشرية.. ولا يجرؤ هؤلاء المدنيين على مقاومتهم لأن الذبح سيكون مصيرهم.. هكذا تكون «حرب العصابات».. وهكذا كانت معاناة كل الجيوش النظامية الكبرى التى خاضت مثل هذه الحروب.. فى فيتنام وأفغانستان وليبيا والعراق وغيرها.

سمعنا أحمد منسى يقول ذلك فى جملة قوية وموجزة فى المسلسل.. قال: نحن نخوض حرب عصابات ضد الإرهابيين فى سيناء.. وعندما نضطر الى الحرب ضدهم وفقا لطريقتهم هم فمن الطبيعى أن يسبقوننا بخطوة أحيانا».

•• نفس المعانى

سمعتها من ضابط جيش داخل الكتيبة 101.. كان يحمل رتبة نقيب مقاتل آنذاك.. واسمه حاتم السيد مصطفى.. سألته عن طبيعة العمليات القتالية للقوات المسلحة فى شمال سيناء ومدى صعوبتها؟

أجاب بكلمات بسيطة صادقة وعظيمة وعميقة المعانى والدلالات وقال: أنا انسان قبل أى شىء ولا أستطيع أن أتحمل ذنب دم انسان برىء.. لكن الصعوبة هى أننا نحارب أشباحا.. ونحرص على أن نتحرى الدقة قبل إطلاق أى رصاصة حتى لا نقتل او نصيب بريئا.. أما فى حالات وجود اشتباك مباشر مع مجموعات ارهابية فإننا نتعمد سحب الاشتباك إلى مكان بعيد عن المدنيين والمناطق السكنية.. هم ينخدعون ويظنون أننا بذلك ننسحب من أماكن الاشتباك.. لكن الحقيقة هى اننا نسحبهم إلى منطقة لا يوجد بها مدنيون.. كما أننا فى حالة احتماء الارهابى بأطفال أو نساء مثلا فإننا ننسحب لنضطره لتتبعنا حتى يمكننا الاشتباك معه فى منطقة أخرى آمنة.. وخالية من المدنيين.. حتى لو كبدنا ذلك بعض الخسائر فى الأرواح والمعدات.

•• ما نريد قوله هو: إن الحرب فى شمال سيناء صعبة.. وباهظة التكلفة.. ماديا وبشريا.. وشهدت وستشهد ارتقاء المزيد من الشهداء والمصابين.. هذه هى ضريبة الكرامة والحرية.. فلا تهنوا ولا تحزنوا على شهدائكم لأن النصر قادم لا محالة ودماءهم لا تراق سدى.