رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أنا وغيرى؛ كثيرون أصبح لقاء ترامب اليومى بالنسبة لنا بمثابة الفاصل الكوميدى؛ لفأر يحاول إخراج رأسه من المصيدة؛ بل ويتخطى حلمه ذلك أحيانا فى التفكير فى الحصول على قطعة جبنة كبرى؛ منددا بين الحين والاخر بإخراج العالم من جنة امريكا؛ وتجيء تلك التصرفات العجيبة فى ظل عالم بدأ يبحث عن هويته ويحاول الخروج من عباءة الامريكان؛ التى أثبتت الاحداث أنهم بلا هوية؛ وهذا ما أراه بمثابة سياسة الامتعاض وهو تعبير تضمنه كتاب (الهوية: مطلب الكرامة وسياسة الامتعاض) لفرانسيس فوكوياما فى العام (2018م)؛ ويعد بمثابة رؤية واضحة لهذا العالم الذى فرضه علينا أمثال ترامب؛ خاصة أنه مع بداية القرن الواحد والعشرين تجلت إشكالية التفاوت بين البشر فى العديد من البلدان حيث تذهب فوائد النمو مباشرة إلى النخبة.

 وبسبب الأزمة المالية التى عرفها العالم فى العام (2008م)، تضرر العديد من العمال العاديين وارتفعت نسبة البطالة، وبدأت سمعة الديموقراطية الليبرالية فى الأفول. لذلك لم يكن غريباً صعود دونالد ترامب إلى السلطة، وأن يصوت الشعب البريطانى لصالح الانسحاب من الاتحاد الأوربي؛ مع التضييق على المهاجرين؛ ولم تعد الأحزاب اليسارية تركز على المساواة الاقتصادية فحسب؛ بل أصبحت تدافع عن مصالح العديد من المجموعات المهمشة؛ مثل السود والنساء والمهاجرين. والسبب فى ذلك يرجع إلى أن الأفراد لا تهمهم المصلحة المادية فقط أكثر مما يطمحون إلى اعتراف الحكومات بكرامتهم، من هنا تولدت ما أسماه فوكوياما بسياسة الامتعاض التى استغلها القادة السياسيون لأجل مصالح أحزابهم على اعتبار أن المجموعة التى تُذل فى وطنها تبحث عاطفياً عن استرجاع كرامتها من خلال امتياز اقتصادى.

 وحتى على مستوى الدول نفسها، فإن روسيا والصين، مثلاً، تعتقدان أن لهما هوية لم يتم الاعتراف المناسب بها من قبل الدول الغربية العظمى، ومن ثم فإنهما يحسان بالامتعاض من سياسة هذه الدول العالمية. ومعنى الهوية، فى رأى فوكوياما، متنوع، فهو يعتمد على الوطن، أو الدين، أو العرق، أو التوجه الجنسي؛ ويعتمد فوكوياما فى كتابه على معنى دقيق للهوية يعد مهماً فى السياسات المعاصرة. فتطور معنى الهوية الحديث إلى سياسة الهوية التى تشمل «جزءاً كبيراً من الصراعات السياسية فى العالم المعاصر، من الثورات الديمقراطية لحركات اجتماعية جديدة، من القومية والتوجه الإسلامى إلى السياسة فى الحى الجامعى الأمريكى المعاصر».

والجدير بالذكر أن فكرة الهوية بدت إبان الإصلاح الدينى مع مارتن لوثر؛ إلى جانب أن الثورة الفرنسية أطلقت العنان لاتجاهين فى سياسة الهوية عبر العالم؛ اتجاه يطالب بالاعتراف بكرامة الأفراد، واتجاه يطالب بالاعتراف بكرامة الجماعات. إلا أن الاتجاه القومى قد يتجاوز المجموعة ليشمل وطناً بأكمله. وهذا ما أشار إليه فوكوياما فى حديثه عن التغيرات المعاصرة فى بعض الأنظمة السياسية. هناك عدد من القادة القوميين فى عصرنا الحالى أكدوا على السيادة والتقاليد القومية لصالح شعوبهم. مثل فلاديمر بوتين بروسيا، وأردوغان بتركيا، وأوربان بهنغاريا، وكازينسكى ببولونيا، ودونالد ترامب بالولايات المتحدة، وحركة بريكسيت فى المملكة المتحدة. إن كانت هذه الأخيرة لا يقودها قومى النزعة، فإنها بقرار انسحابها من الاتحاد الأوروبى تريد تأكيد سيادتها القومية. ومن خلال ما يحدث الآن فأنا مع فوكوياما، خاصة أن الإحساس بالهوية الوطنية يتقوى ويتم من ثم دمقرطة الكرامة، أى تعطى لكل فرد أو جماعة الاحترام الضرورى وتصان كرامة الجميع. بهذا الشكل تصبح للهوية الوطنية خصائص إيجابية شتى؛ فى ظل أن الهوية الوطنية القوية دافع أساس للتنمية والتطور.