رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

أعجب من سلوك المصريين فى ظل هذه الغمة التى ألمت بنا وبالعالم كله تحت اسم هذا الفيروس اللعين كورونا المستجد ؛ فهم رغم كل التحذيرات المحلية والدولية من الوزارات المعنية ومنظمة الصحة العالمية ورغم أن الاعلام المصرى بكامل عدته وعتاده وعلى مدار الأربعة وعشرين ساعة يطالبنا بالبقاء فى المنزل ويوضح لنا بكل الوسائل خطورة الزحام والاختلاط مع الآخرين حيث إن هذا الفيروس سريع الانتشار وشديد الفتك إلا أننا لا نسمع الكلام من المتخصصين سواء من الأطباء أومن المسئولين. ويتفنن المصريون فى الخروج من المنازل لا للعمل ولا لأمر ضرورى وإنما لمجرد التواجد فى الشارع بأى حجة كانت وخاصة لشراء مستلزمات رمضان وكأن رمضان هو شهر ملء البطون وليس شهر الصوم والزهد.

إن غياب الوعى ومعه غياب العقل والتفكير العقلى أصبح سمة سائدة بين المصريين اليوم رغم أن العكس ينبغى أن يسود ؛ فإن فكر أحدنا ولو لدقيقة واحدة: لم سيخرج وما ضرورة الخروج فى هذه الأوقات العصيبة سواء فى الصباح إذا لم يكن مضطرا لعمل ضرورى ما أو فى المساء وهو المفروض وقت الحظر؟! لو فكر أحدنا لحظة فى أن العدوى وربما الموت ينتظره فى الخارج لما خرج!! لو فكر واستدعى فى عقله تحذيرات المختصين وصور المصابين الذين يملؤون مستشفيات العالم وينامون فى طرقاتها وبعضهم لا يجد رعاية صحية كافية ولا اهتماما من أحد وكلهم يتألمون بشدة من هذا المرض اللعين، لو فكر وتذكر أنه بخروجه واختلاطه بالمصابين المجهولين من هذا المرض لن يتسبب فى وفاته فقط بل ربما بوفاة عائلته وجيرانه وكل من سيتعامل معهم دون وعى الصغار منهم والكبار، لو فكر واستدعى كل ذلك للحظات لما أخذ هذا القرار الأهوج وخرج من منزله تحت كل هذا الخطر وكل هذه النتائج الكارثية!!

إن الله وهبنا العقل لكى نستخدمه ونفكر من خلاله فى أى سلوك نسلكه وفى عواقب ونتائج هذا السلوك ولكننا نغيب هذا العقل ونجمده لصالح العاطفة الساذجة وادعاء الشجاعة الزائفة!! إن الوقت يا سادة ليس وقت ادعاء شجاعة زائفة وليس وقت الجرى وراء تحقيق لذات مأكل ما أو مشرب ما، إنه ليس وقت ملء البطون وليس وقت ادعاء الشجاعة وتحدى الحظر والضرب بالتحذيرات عرض الحائط!! إنه وقت إعمال العقل واستدعاء أقصى درجات الوعى لتجنب الأخطار المدمرة المهددة لحياة الأفراد والمجتمع. إنه وقت الجدية والحرص الشديدين على صحتكم وصحة الآخرين، إنه وقت التعاون لمواجهة الشدائد ومساعدة الآخرين فيما يحتاجون إليه.

إنه وقت كبت أنانية النفوس لصالح فتح آفاق الشراكة والتعاون بين الجميع فى مواجهة الأخطار. إنه وقت أن تتحد وتسخر كل الامكانيات ليس لملء البطون والاستمتاع بلذائذ الحياة وانما لمواجهة الأخطار والآثار الاقتصادية التى ربما تترتب على طول فترة انتشار الفيروس وكثرة المرضى. إنه وقت أن تتوجه كل الأنظار لتأمل ما يحدث فى العالم المتقدم من انتشار سريع للمرض والأعداد المتزايدة يوميا من الوفيات!!

إنه وقت التعلم من الآخرين، نتعلم منهم كيف التزموا بالحظر وكيف يتعاملون بجدية مع خطورة المرض وكثرة ضحاياه، نتعلم منهم كيف أن استهزاءهم بالفيروس وبسرعة انتشاره فى بداية ظهوره كان السبب وراء انتشاره بهذه السرعة الفائقة وكان السبب فى هذه الأعداد الهائلة من الوفيات!! إنه وقت ينبغى أن نتعلم فيه من الصينيين كيف واجهوا هذه الجائحة وكيف انتظموا جميعا فى خطط مواجهته كأفراد وكدولة وكمجتمع حتى نجحوا فى السيطرة عليه رغم أنهم بعاداتهم الغذائية الخاطئة كانوا السبب فى وجوده وانتشاره؟

إن الدولة المصرية فعلت وتفعل كل ما عليها فى مواجهة الأزمة قولا وأفعالا وهى تراهن على وعى الشعب وقدرته على مواجهة أى أزمة بالجدية الواجبة!! فهل يعود المصريون إلى رشدهم ويواجهون الأزمة بعقول واعية وبسلوك أكثر جدية ونضجًا وانضباطًا؟! أرجو ذلك حتى لا تنالنا الهزيمة المنكرة من هذا العدو اللئيم غير المرئى شديد الشراسة.