رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

العالم قرية صغيرة وخاصة فى عالم الاقتصاد الذى تتأثر فيه الدولة الصغيرة بما تفعله الدول الكبرى؛ وفى الواقع أن التحدي الحاسم للأجيال الجديدة هو ما قد تعانيه من استشاريِّي السياسات الاقتصادية،  وكيفية  العمل على الحد من مخاطر استماع صانعي السياسات فقط إلى الخبراء ذوي الآراء المنحازة إلى أهدافهم. لذلك جاء كتاب «عندما يتصل الرئيس» When the President Calls، للمؤلف سيمون بومايكر في عام 2019، ليذكرنى الى أيّ مدى ابتعدنا عن تلك التحليلات المتكاملة للواقع الاقتصادي. وأنَّ المستشارين الاقتصاديين لرؤساء الولايات المتحدة على مدار نصف القرن المنصرم، بدايةً من ريتشارد نيكسون، ووصولًا إلى دونالد ترامب، سمحوا لمسؤولي البنك المركزي والخزانة بتنفيذ أفكارٍ ليست لها ضوابط.

وهذه الأفكار المجردة، التي كثيرًا ما توصَف بمصطلحاتٍ مستعارة من الرياضيات أو الفيزياء (مثل سرعة تداوُل النقد)، لا تحظى بإجماع آراء الخبراء، ولا يمكن بالضرورة تطبيقها في اقتصاداتٍ أخرى. وثمة كتابان جديدان يشيران الى روح تنوُّع الفِكر ، وكلاهما من إنتاج مؤلِّفَين حازا جائزة نوبل في الاقتصاد، وهذان الكتابان هما: «جدالٌ مع الموتى الأحياء» Arguing with Zombies للأكاديمي الاقتصادي بول كروجمان، و«أفكارٌ اقتصادية جيدة للأوقات العصيبة» Good Economics for Hard Times للأكاديميَّين أبهيجيت بانيرجي، وإستر دوفلو. وصدر كتاب بانيرجي ودوفلو قبل شهرٍ من حصولهما على جائزة نوبل لعام 2019، التي تَقاسَماها مع الأكاديمي الاقتصادي مايكل كريمر. ويأتى الكتاب نتيجة لما يقرب من عقدين من الأبحاث، التي تطرح للرأي العام تجارب ميدانية للسياسات في البلدان منخفضة الدخل؛ من سياسات تحسين نتائج التعليم إلى سياسات استخدام التطعيمات المتوفرة.

أمَّا كتاب كروجمان ا، فيتيح نظرة متأملة إلى أخطاء العقدين الماضيين، و«الموتى الأحياء» في عنوان كتابه تمثلهم النظريات والسياسات الاقتصادية التي كان من المفترَض في الأدلة أن تقضي عليها، لكنَّها تعاود الظهور مرارًا وتكرارًا؛ مثل فكرة أنَّ انعدام المساواة ضرورة لتحقيق النمو الاقتصادي. وفي عالَمٍ ما زال يعاني آثار الأزمة المالية لعام 2008، يوجه كروجمان كلماتٍ قاسية للاقتصاديين الذين يتشبثون بالطرق القديمة. أحد الأمثلة البارزة على تلك الطرق هو «منحنى لافر»، المُسمَّى تيمنًا بآرثر لافر، الذي أصبح فيما بعد المستشار الاقتصادي للرئيس الأمريكي رونالد ريجان.

ومن الواضح أنَّ بومايكر قد استمتع بفرصة محاورة لافر، الذي يُقال إنَّه رسم فكرة المنحنى على منديلٍ أثناء تناول وجبة الغداء في أحد أيام عام 1974 مع اثنين من مسؤولي البيت الأبيض، هما: دونالد رامسفيلد، وديك تشيني. زعم لافر عندئذ أنَّه إذا زادت الحكومات الضرائب المفروضة على ذوي الدخول المتواضعة، وخفَّضت الضرائب المفروضة على الأثرياء، فقد تتمكن بهذين الأمرين من زيادة الإيرادات، وتعزيز النمو.

وبالطبع لا يوجد إجماعٌ على دقة «منحنى لافر» من عدمها. وتتعرض الفكرة لانتقاداتٍ، حتى من بعض الاقتصاديين المحافظين البارزين، من أمثال جريجوري مانكيو. ومع ذلك أصبح المنحنى أساس التخفيضات الضريبية، بدايةً من قرار الرئيس الأمريكي ريجان بتخفيض نسبة الضريبة على الدخل في أعلى الشرائح الضريبية، من 70% إلى 28%، وذلك خلال الفترة من أوائل الثمانينيات إلى منتصفها. وقد اكتشف بومايكر أنَّ لافر ما زال مسرورًا بفكرته، وواثقًا منها، إذ قال له في مقابلتهما: «هذه فكرتي المفضلة، وقد أحببتُها. وكانت تلك أفضل فاتورة ضريبية في تاريخ الولايات المتحدة».

بالطبع نحن لا ننادى بطرح سردياتٍ كبرى تفوح منها رائحة الفِكر الاقتصادي القديم، ولكن أيضًا نتمنى  سماع النهايات السعيدة للأفكار الاقتصادية؛ ونحلم بألا نكون مثل الرئيس الأمريكي السابق هاري ترومان الذى كان يفضل الاقتصاديين ذوي الرأي الواحد؛ لأنَّه لا يحب سماع عبارة «من ناحيةٍ أخرى»؛ على عكس باراك أوباما الذى يعد استثناءً في هذا الصدد، إذ كان يتخذ القرارات بعد سماع ميزات الأفكار الاقتصادية وعيوبها. نحن نحتاج الى الاقتصاديين الذين يملكون القدرة على تنظيم صفوفهم عبر مدارس الفكر الاقتصادي المختلفة.