عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مسافة السكة

 

 

 

 

من يُتابع أحداث التاريخ ينتابه شعور بالفرح وأيضًا الأمان، فمشهد وفاة الرئيس الأسبق حسنى مبارك جعلنى أتأمل كثيرًا! فدائمًا نشاهد الجميع يتحدث بإيجابية عقب وفاة الشخص، بل يظهرون الحقائق ويشيدون فى أعماله ولم يحدث ذلك وهو حي! فتعلمت أن أعمل وأتحرك نحو هدفى فى صمت وستتحدث أعمالى عنى ونجاحى سيُحدث ضجة، وحتى ولو مجهودك لم يقدره البعض وأنت حى، فبالتأكيد سيأتى يوم ويتحدث عنه الجميع حتى ولو كان هذا اليوم عقب وفاتك!

فالكثير لم يعرفهم الناس إلا بعد مماتهم، فالحقيقة فى هذا المقال سوف أعطى نصائح مطمئنة للجميع وأولهم أنا: انشغل برسالتك التى خلقك الله من أجلها واسع نحو هدفك بدون أن تثير بلبلة، فقد شاهدنا أحد الفنانين يستعرض ممتلكاته ظنًا منه أنه يريد أن يشارك جمهوره ولكنه لا يعلم بأن أثار غيرة البعض، وبالتالى أعلنوا الحرب عليه!، فكل من شاهدتهم من المشاهير الذين تركوا بصمة فى قلوب الناس قبل التاريخ كانوا يعملون بصمت فقلب مصر الدكتور مجدى يعقوب طيلة حياته يعمل ويفعل المعجزات ولكنه لم يستعرض ذلك على وسائل التواصل الاجتماعى والكثير من النماذج الناجحة المؤثرة تعمل بصمت وتترك أفعالها تتحدث عنها وتركوا فى غيابهم ضجة.

كما شاهدت العديد من الوزراء الذين تمت مهاجمتهم من قِبل البعض ولكن لم يحركوا ساكنًا وأعمالهم شفعت لهم مما أسكت الجميع، بل على العكس انقلب الذم إلى مدح، ففى حقيقة الأمر فى كل الأحوال لن تسلم من الناس وكلامهم، فسوف تتعرض للانتقادات طيلة الوقت، سواء فعلت الخير أم الشر ولكن ما يشفع لك هو عملك الصالح فى الدنيا والآخرة، ففى الدنيا يومًا ما سوف يذكر الجميع الحقيقة وسوف يشهد التاريخ بذلك والله لا يضيع أجر من أحسن عملًا حتى لو أضاعه الناس، كل إنسان وله مكانة عند الله سبحانه وتعالى وتنعكس تلك المكانة على مكانته عند الناس، فالله سبحانه وتعالى يأخذ بالباطن والله العليم بذات الصدور يأخذ بالباطن، فلو عَرَفَ كل منّا مكانته عند الله ومدى استقامته وعمله الصالح وحَرَصَ على إصلاح نيته مع الله لا يعبأ بكلام الناس أى لا يُغره مديح الناس ولا ذمّهم، فاحرص على أن يكون تقييمك من الله وليس الناس! ومن وصية الإمام على بن أبى طالب كرم الله وجهه لابنـه الحسن: «إن كنت عالماً عابوك، وإن كنت جاهلاً لم يرشدوك، وإن طلبت العلم قالوا: متكلف متعمق، وإن تركت طلب العلم قالوا: عاجز غبى، وإن تحققت لعبادة ربك قالوا متصنع مراء، وإن لزمت الصمت قالوا: ألكن، وإن نطقت قالوا: مهذار، وإن أنفقت قالوا: مسرف، وإن اقتصدت قالوا: بخيل، وإن احتجت إلى ما فى أيديهم صارموك وذموك، وإن لم تعتد بهم كفروك، فهذه صفة أهل زمانك».

فالجميع يتكلم بالسوء! والبعض يشعر بالضيق من هذا الكلام سواء أكان الكلام مباشرًا أو على مواقع التواصل الاجتماعى، سواء أكان الكلام أمام عينيك، أو من وراء ظهرك، البعض ينتابه شعور بالضيق والحزن من هذا الكلام، ولكن دعنى أقل لمن يشعر بالضيق من كلام الناس: من أنت حتى لا يتكلم الناس عنك؟ فقد تكلموا على الله سبحانه وتعالى وقالوا إن الله فقير ونحن أغنياء! قالوا عن الله جل جلاله إن الله ثالث ثلاثة، حتى الأنبياء والرسل وزوجاتهم لم يَسلموا من كلام الناس! فقد اتهموا عائشة زوجة الرسول عليه الصلاة والسلام بالزنا، كما تحدث الناس عن سيدنا أيوب وزوجته وشمتوا فى ابتلائهم، وأكثر من تأذى من كلام الناس موسى عليه السلام، فالأهم من تكون أنت عند الله وليس عند الناس، فالناس متقلبون من معك اليوم ليس معك غدًا، ومن يحبك اليوم يكرهك غدًا، صديقك اليوم عدوك غدًا والعكس، بعض الناس لا يمتلكون إلا الكلام فلا يعجبهم شيئًا فعندما يرون امرأة جميلة يتهمونها بالفتنة! وعندما يرون امرأة قبيحة يشفقون عليها! وعندما يرون إنسانًا غنيًا يتهمونه بالنصب! وعندما يرون إنسانًا فقيرًا يتهمونه بالتكاسل عن العمل! عندما يرون إنسانًا يتكلم كلامًا حكيمًا يتهمونه بالفلسفة، وعندما يرون إنسانًا يتكلم كلامًا غير مهم يتهمونه بالتفاهة! هكذا هو كلام الناس، على أى حال لن تسلم من كلام الناس!

 

 

كلية الحقوق - جامعة الإسكندرية

[email protected]