رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

شوفها صح

 

 

 

 

إذا استطعنا أن نعبر مرحلة صدمة التجاعيد والمشيب بسلام فنحن إذاً على شفا الوقوع فى بئر التساؤلات اللامتناهية عن تلك المرحلة التى نسلَم تجاوزاً بأنها فاجأتنا.

وفى هذه القضية تحديدا أعشق أقوالنا المأثورة وأمثالنا الشعبية التى تمثل حقا خلاصة تجربة خليط متنوع من البشر على اختلاف تجاربه وقناعاته، منذ سنوات عديدة وفى سن الشباب كنت اسمع فى اوقات الشدة أو اليأس عبارة «انت صغير ولسة العمر قدامك». كانت تلك الجملة كفيلة برسم خطة العمر ومشروع المستقبل من جديد وهدم ما شرعنا البدء فيه.

كانت البدايات عديدة ومتاحة فإذا التحقت بكلية اكتشفت فجأة أنها لا تناسبك فمن الممكن جدا أن تحول اوراقك إلى اخرى حتى وان خسرت عاما كاملا ما المشكلة «فالعمر لسة قدامنا».

اذا التحقت بالعمل فى مكان ما ولم يعجبك راتبك أو لم تشعر بالراحة مع الزملاء أو حتى شعرت بالملل من النظام السائد بإمكانك أن تتركه وتبحث عن آخر. حتى فى أمور العلاقات الإنسانية إذا ارتبطت بشخص وبعد فترة قد تمتد لسنين وأيا كان شكل العلاقة حتى وان وصلت لمرحلة الزواج يغريك شبابك بالابتعاد ويصبح «الفرار من الحب» سهلا نسبيا فإذا كان عماد الحب الأمل فـ«طول العمر يبلّغ الأمل».

أما وقد بلغت من العمر عدد سنين هى فى واقع الأمر كثيرة فأنا إذاً فى مأزق بكل معنى الكلمة. لقد تبين لى أن العمر أصبح خلفى وليس أمامى. مرت مرحلة الطفولة والصبا تركت فى ذاكرتى لقطات مازالت حية «منها ما يحيا ذاتيا ومنها ما يحتاج دوما لأن أرويه بكثرة التذكر أو محاولات النسيان يتساوى فى ذلك حلو الحياة ومرها ما أثرى تكوينى وأنعشه وما خدشه وكسره وآلمه.

 عبرت مرحلة الرشد والنضج بعد مراهقة خاملة محاطة بتعقيدات ذاتية واجتماعية لكن فيها ومضات حياة كانت خير زاد فيما تلاها من سنين عشت مرحلة الشباب واحسبها تمر علينا جميعا محلقة بجناح يسع الدنيا ارضا وسماء يتجاوز الطبيعة وحدودها حرية ويمد الجذور عمقا فى تصنيف مراحل تقدم العمر يقولون انك بداية من سن الحادى والثلاثين وببلوغ الأربعين تكون قد وصلت إلى قمة التفكير بعقلانية وواقعية وهو ما اعتبره عيبا وليس ميزة.

أعتقد اننا وقتها نفقد متعة «اللاعقلانية» لنبدأ مرحلة جافة بائسة تخضع للمنطق وحسابات عواقب الامور فتودع رسميا روح المغامرة والمخاطرة و.. تكون إذا قد خسرت فرصتك فى الخطأ.. فما أتعسك وانت تنضم إلى «نادى الكهولة».

وانت تفقد بمرور الزمن «كروت الغفران» فنحن نغفر للأطفال أخطاءهم وللمراهقين كثيرا من حماقاتهم وللشباب هفواتهم وجنوحهم وحماسهم الذى يمكن أن يلحق الضرر بالغير فلكل مرحلة عمرية مما سلف مساحة من التبرير تتناسب مع حجم الخطأ والضرر وتتوافق على تلك المساحة المجتمعات مع بعض الاختلافات التى تفرضها القيم والعادات والتقاليد التى تمنح لكل مجتمع شىء من الخصوصية فى معايير «الصح والغلط» حتى فى المجتمع الواحد قد تتسع أو تضيق مساحة تبرير الأخطاء.

لكن فى كل الأحوال ستجد أن تلك المساحة من «الغفران» تضيق كلما اتجه منحنى العمر لأعلى حتى تصل إلى حلقة «التلاشى» ثم تبدأ فى الاتساع مرة أخرى لتصل إلى اقصاها فى مرحلة الشيخوخة وقتها سيسامحك الجميع على أى خطأ ترتكبه كما كنت طفلا لا يحاسب على كثير من أخطائه بل وسيمنحونك كثيرا من التماس العذر بل والشفقة والتدليل.

فى الواقع انت فى مرحلة ينتظر منك الناس الحكمة ولا يتوقع منك «سقطة» فلا انت بطفل ل ينتهى الأمر بعبارة «عيل وغلط» كما أنك لا تحمل جواز المرور المسمى بـ«طيش الشباب»!!

إذاً حقيقة الأمر أنك تستقبل العقد الخامس من العمر لتودع معه فرصة الخطأ أو بشكل أدق من فرصة أن يغفر لك الناس أخطاءك أضف إلى ذلك أن الزمن قد لا يمنحك أصلا فرصة «تصحيح هذا الخطأ».

للحديث بقية