عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل


"القلوب مش زي زمان نفسي أشوف واحد سلكان"!
بعد أن ترددت كثيرا في الاستشهاد ببعض هذه الكلمات؛ كان هذا نص ما سمعته وأنا أمسك بريموت التليفزيون متجولا بين قنواته قبل أن أتوجه للنوم، جلست عاجزا عن وضع مسمي لما سمعته، فهل هي أغنية؟!  هل هذا ما يقبل عليه الجمهور المصري؟! هل هذا ما يرضي الذوق العام؟! وقفت أفكر كثيراً، من أين بدأت المشكلة؟ من يؤثر علي من؟ هل يحدد الذوق العام ما يتم عرضه بوسائل الإعلام ، أم أن مضمون وسائل الإعلام هو ما يشكل الذوق العام؟
لقد نشأنا ونحن نستمع لأغاني راقية ومعاني عذبة تحمل في طياتها أطياف وملامح جمالية، وتجسد حالات إنسانية متعددة، فمن منا لم يستمع منذ صغره لأغاني أم كلثوم، وعبد الحليم حافظ، ومحرم فؤاد، ومحمد قنديل؟ ومن منا لم يستيقظ في الصباح علي كلمات أغنية " ياصباح الخير يللي معانا، دا الكروان غني وصحانا" للرائعة أم كلثوم، وغير ذلك من الأغاني الراقية التي كانت تمثل جزءًا من روتين حياتنا اليومية، نسمعها كل يوم دون ملل، نسمعها ولا يكتمل يومنا إلا بها.
وانعكست هذه الحالة والرقي في الذوق الفني للجمهور المصري؛ انعكست بشكل تلقائي علي علاقاتنا الإنسانية، وتعاملاتنا اليومية القائمة علي الحب والاحترام وتقدير الكبير ومراعاة ظروف الغير والرحمة، فليس من فنان همجي، حتي وإن كان هذا الفن لا يعدو كونه تذوقا لمعاني الكلمات.
وسرعان ما بدأت هذه الحالة الإنسانية تتبدد وتتلاشي، وأخذ الابتذال يتسلل لأعمالنا الفنية الدرامية والغنائية، وكانت البداية من وجهة نظري مع عرض فيلم "الكيف" الذي علي الرغم من كونه يقدم رسالة إيجابية للتوعية من أضرار المخدرات، إلا أنه قدم أيضا نمطا لكلمات الأغاني مختلفا عما ألفه المجتمع المصري آنذاك، ومن هذه الكلمات:  "الشكرمون طاخ في التراللي" و "زغرط للكيميا ياض"، ورغم أن كلمات هذه الاغاني قد تم تقديمها في سياق درامي سلبي علي لسان أحد متعاطي المخدرات وهو بطل الفيلم، إلا أنها  لاقت انتشارا ورواجا واسعا وتم تعبئتها علي أشرطة الكاسيت آنذاك، لتصبح إحدي بدايات الغزو للأغنية المصرية، وتوالت بعد ذلك موجات الانحدار في كلمات الأغنية المصرية مرورا بفرقة المدفعجية، وحمو بيكا، والديزل، وشاكوش، إلي أن فرض نفسه ما يسمي بأغاني المهرجانات.
و هناك من يري أن الابتذال في الأغنية المصرية ليس بظاهرة جديدة، إذ ظهرت في أوائل القرن الماضي بعض الكلمات المبتذلة لأغاني قديمة " في زمن الفن الجميل " مثل أغنية " علي سرير النوم دلعني" للتونسية حبيبة مسيكة، وأغنية بعد العشا يحلي الهزار والفرفشة" لمنيرة المهدية، إلا أن هذه الأغاني لم تلاقي نفس الرواج والانتشار التي لاقتها أغاني المهرجانات هذه الأيام، وسرعان ما هجرها الذوق العام للجمهور المصري.
والخلاصة أن الفيصل هنا يكمن في مدي تقبل الذوق العام في المجتمع لألوان الفنون المتنوعة، وهذا ما يتطلب ضرورة العمل الدائم علي إثراء هذا الذوق العام، وتنمية قدرته علي المفاضلة بين المضامين الإعلامية المتنوعة، لاختيار ما يتناسب مع طبيعة المجتمع وثقافته، كما يؤكد علي أهمية التفكير النقدي الذي يكفل القدرة علي تكوين أراء مستقلة عن محتوي وسائل الإعلام، ولكي يتحقق ذلك يجب الاهتمام بالتربية من أجل استخدام أفضل لوسائل الإعلام .