رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لله والوطن

النظام الأثيوبى خاسر لا محالة.. إذا كان يراهن على صبر مصر أمام مماطلاته وألاعيبه المكشوفة فيما يتعلق بملف سد النهضة.. ذلك الملف الذى أبدت فيه مصر حتى الآن مرونة وسعة صدر غير مسبوقين فى مثل هذه القضايا الحساسة والمصيرية.. فمصر لن تخضع لابتزاز الإثيوبيين.. ولن تشترى منهم حقها وحصتها القانونية والتاريخية من مياه النيل.. وكما قالها لهم الرئيس عبد الفتاح السيسى فى خطاب رسمي: «لن يتم تشغيل سد النهضة بفرض الأمر الواقع ولا بُد من الحِفاظ على حصّة مِصر المائيّة كاملة».. فأى مساس بحصّة مِصر من المياه يعنى «إعلان حرب» ومصر جاهزة لذلك.

•• بالأمس

تم الإعلان عن أن مصر قامت منفردة بالتوقيع بالأحرف الأولى على «اتفاق واشنطن» لتسوية الأزمة الذى توصل إليه الوسيط الأمريكي.. ولم توقعه اثيوبيا التى غابت عمدا عن اجتماع واشنطن المحدد للتوقيع.. وهذا استمرار لسياسة المماطلة والابتزاز التى تتبعها فى هذا الملف طوال سنوات الأزمة.. والسودانيون أيضا لم يوقعوا الاتفاق.. لأنهم (بصراحة) لا يريدون إغضاب صديقهم الإثيوبي.. كما أنهم كانوا يعارضون من البداية دخول طرف دولى رابع كوسيط فى الأزمة.

وما نستطيع أن نؤكده الآن هو أن رسالة مصر من وراء هذا التوقيع هى التأكيد على أننا مازلنا ماضين فى الطريق الصحيح لاستنفاد كل وسائل الحل التوافقى السلمي.. قبل أن يكون الحل العسكرى هو خيارنا المتبقى الوحيد.

مصر ماضية فى طريق تدويل أزمة سد النهضة.. ولم يكن إدخال الولايات المتحدة كوسيط فى الأزمة إلا من أجل جمع المزيد من الأدلة والبراهين على المماطلات الإثيوبية المدعومة من الدوحة وتل أبيب وأنقرة.

•• التدويل ربما يكون حلاً

لكن طريق التدويل.. أى اللجوء الى المنظمات الأممية ومحكمة العدل الدولية.. مرهون بموافقة الطرف الاثيوبى على التحكيم.. وبالطبع لن يوافق الاثيوبيون لأنهم يعلمون أن التحيم الدولى لن يكون فى صالحهم.

من هنا كانت أهمية الوساطة الامريكية التى طلبتها مصر.. فالولايات المتحدة تمتلك تأثيرًا قوياً على الجانب الإثيوبى ومن المفترض أنها تستطيع الضغط عليه.. وهو ما حدث بالفعل.. وسيكون هذا الموقف الأمريكى الذى انتهى الى التوصل الى اتفاق ارتضته جميع الأطراف ثم انسحبت منه أديس أبابا ووقعته مصر.. داعمًا لمصر إذا ما بدأت خطواتها العملية نحو سيناريو التدويل.

السيناريو وفقًا لخبراء القانون الدولى يتضمن أن تذهب مصر أولا إلى الاتحاد الأفريقي.. من أجل الحصول على دعم الدول الأفريقية.. ثم يتم نقل  الملف إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن للمطالبة بتفعل مواد القانون الدولى الخاص ببناء السدود على الأنهار المشتركة بين عدة دول.. والمطالبة أيضاً بموقف حاسم تجاه المماطلة الإثيوبية التى باتت الآن واقعًا ثابتًا لا شك فيه.. بشهادة الولايات المتحدة التى لن تستطيع بعد ذلك إعاقة أى قرار يصدره مجلس الأمن فى هذا الشأن.

•• وما هى الخطوة التالية

ربما يكون هذا هو سؤال الساعة بالنسبة لقضية سد النهضة.. والإجابة التى نتصورها هى أن مصر عليها الآن أن تبدأ مسيرة «تدويل الأزمة».. ليس فقط بطلب وساطة المجتمع الدولي.. بل أيضا باتخاذ إجراءات رسمية وقانونية حاسمة.. وقد تكون بداية هذه الإجراءات هى إقامة دعوى قضائية أمام القضاء الدولى ممثلا فى محكمة العدل الدولية.. للحفاظ على حقوقها المائية التى تكفلها جميع الاتفاقيات الدولية.. وللمطالبة على أقل تقدير بوقف أعمال بناء سد النهضة لحين الوصول لحل بين الطرفين.

لكن ذلك لن يتحقق حسب إجماع خبراء القانون الدولى  إلا بعد اللجوء إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة والمنظمة المختصة التابعة لها.. وهى منظمة الأغذية والزراعة «فاو».. إذ يحق لمصر أن تتقدم الى الأمم المتحدة بطلب رأى استشارى لتقديمه لمحكمة العدل الدولية عن طريق الأمم المتحدة.. مثلما فعلت السلطة الفلسطينية فى قضية الجدار العازل.. إذ إنه وفقًا لنصوص القضاء الدولى لا يجوز رفع قضية من دولة ضد دولة أخرى بطريق مباشر.

•• ومع ذلك.. فإن التدويل قد لا يقود الى الحل.. إذا ما تقاعست المنظمات الدولية عن الاضطلاع بمسئولياتها تجاه هذا الملف الساخن.. وووقتها ستكون القوة هى الحل الأوحد أمام مصر.. لكن فاتورة هذا الحل باهظة التكاليف.. اقتصاديًا وسياسيًا وأمنيًا.. واجتماعيًا.