رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

شوفها صح

لماذا ننكر التقدم فى العمر؟ ولماذا تقترن علاماته بالصدمة والحزن؟ كان يجب أن أتوقف للحظات وأنا أتحسس بضعة خطوط ظهرت فجأة على وجهى . فى الحقيقة هى لم تظهر فجأة فعلا ربما أتجاهلها منذ فترة لكنها تأبى إلا أن تثبت حضورها لتلحق بأخواتها من مؤشرات مزعجة كأنها تجذبنى رغما عنى إلى واقع الأمر الذى أهرب منه دوما ..

لقد كبرت بما فيه الكفاية لأسمح لبعض الأمراض المزمنة بالتسلل إلى جسدي. وصرت أتوجه الى مكان أقراص الدواء بشكل «آلى» كل صباح مغمضة العينين . كبرت بالقدر الذى يمنحنى مزيدا من المشيب  الذى صار قويا ليعلن عن نفسه صراحة فوق رأسى بعد أن ظل سنوات يختبئ بين الخصلات السوداء ثم يستسلم بسهولة للأصباغ وال«هاى لايت»، ذلك الاختراع الهائل الذى يكسب الشعر برمته ألوانا فاتحة ليتوه الأبيض فى الثلجى فى الذهبى فأبدو كفتاة عصرية مرحة تمشى على الموضة «بالصدفة».

لكن يبقى الوجه هو قمة المواجهة الشرسة بين ما نعتقده عن أنفسنا وما صار اليه حالنا بالفعل.. إنها تلك الخطوط التى تملك من الجرأة ما يمنحها تفويضا للعبث بملامحى تختار ما كنت أعتقد أنها من علامات الحسن لتحيلها إلى دلائل ومستندات  ضد شبابى بل وطفولتى . وكنت أظن أننى مازلت هناك !!

المدهش أننى طردت من حزمة بدائل التعامل مع تلك الأزمة كل ما يتعلق بمحاولات التهدئة وإعلان الهدنة مع «بوادر الشيخوخة».

وبصراحة شديدة جدا أنا لا أؤمن بمساحيق وكريمات سحرية تعيد الشباب ولست من ذلك النوع الذى يقتنع حتى بالوصفات الطبيعية لمواجهة تلك الأزمة، ولا أنكر أن الأمر يتعلق بالتكاليف الباهظة التى يمكن لامراة أن تدفعها ثمنا لمجرد محاولة الهروب من التجاعيد.

كما أن العواقب ليست دائما على مستوى الأحلام فى هذه القضية. وأنا لست ممن يحبون المغامرة ولا أتحمل نتيجة مخاطرة.

إذن لم يعد أمامى سوى الفلسفة والتأمل بعمق فى معنى الشعر الأبيض والتجاعيد. ووجدتنى مرتاحة جدا لنظرية أن تفخر بكل ما يطرأ عليك من تغيير. وترحب بكل علامات ومؤشرات «العجز» على اعتبار أنها شاهد على تجربتك الانسانية فى الحياة. فكل خط يظهر على الوجه هو مؤشر خبرة وسر من أسرار ماضيك فيه ضحكاتك ودموعك .أسلوبك الخاص جدا الذى عالجت به تجاربك فى الحياة وصار يحمل توقيعك أنت وحدك.

ربما الأمر أشبه بخريطة مشوار عمرك كله تظهر ببطء شيئا فشيئا لتخبر الآخرين عنك .ربما لتخبرك أنت شخصيا عن ذاتك.

أعجبتنى الفكرة ، جعلتنى أنظر إلى «ثنايا الجلد» باحترام وتوارت شيئا فشيئا نوبات الغضب والحزن التى تعترينى كلما نظرت فى المدى.

لم أعد أفكر فى إمكانية التحايل على ما آل إليه حالى بل أفكر كيف أستمتع بما وصلت إليه. وكلما لمحت مشروع تجعيدة جديدة تحت عينى ابتسمت، والمدهش أننى كلما ابتسمت ظهرت تجاعيد أخرى حول فمى كأنها كانت خائفة منى فأعطيتها الأمان فحلقت فرحة حول موضع الابتسامة.

أنا فعلا «مش أنا»

حسنا ..إذا..فمن أنا ؟