عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

وسائل الإعلام لا تعمل لخدمة الحقيقة أو تثقيف الناس، إنها تعمل فقط لمصلحة مَنْ تمثل «ناعوم تشومسكى»، فى بداية حقبة السبعينيات كتب عالم الاجتماع الأمريكى الشهير هربرت تشيلر دراسة نقدية معمقة عن وسائل الاتصال الأمريكية ودورها المشبوه فى تغييب الوعى الجمعى وكيفية تلاعب نخبة شيطانية لديها المال والنفوذ والمعرفة بعقول الأمريكيين وصناعة نسق عام مضلل بطريقة مثيرة وجذابة. نشرت هذه الدراسة المهمة فى كتاب تحت عنوان المتلاعبون بالعقول «minds Mangers» تمت ترجمته إلى العربية سنة 1999.

يفضح تشيلر أكبر عملية غسيل مخ فى تاريخ البشرية يتم فيها تخدير القطيع قبل ذبحها بل ويجعلها تسمتع وهى تشاهد برامج أجهزة التلفاز التافهة وتستمع إلى البرامج الإذاعية الديموجاجية وتقرأ عناوين الصحف الكاذبة وتلهث وراء أرقام استطلاعات الرأى المفبركة كل ذلك يتم بحرفية وإتقان لا مثيل له، لأن عملية تضليل المجتمع يجب أن تكون ناعمة وخفية، فحدود الإنفاق على هذه الآلة الجهنمية غامض ومريب. لا يوجد أدنى شفافية فى معرفة الملاك الحقيقيين لهذه الآلة أو أهدافهم والسؤال المطروح: لماذا يتم رصد كل هذه الميزانيات الهائلة التى تصب فى شرايين وسائل اتصال لها صبغة عالمية تؤثر بشكل مباشر على طريقة تفكير الناس. يطرح تشيلر رؤية تحليلية لآليات التأثير والسيطرة على العقول من خلال عمليات جمع ونشر المعلومات فى محاولة جادة لفهم طبيعة صناعة الثقافة الأمريكية المعقدة التى يتم تصديرها إلى شتى بقاع الأرض. فيذكر بخبث أن عدد موظفى وكالة المخابرات المركزية فى بدايتها فقط 200 ألف موظف! وأن شركة مثل والت ديزنى الترفيهية ما هى إلا أداة سياسية لترسيخ النمط الأمريكى مما حذا بالصين ألا يشاهد أطفالها البطة دونالد أو أن مجلة رصينة مثل ناشيونال جيوجرافيك لها دور مشبوه فى بث الأهداف الاستعمارية للعم سام.

ربما يتحدث الكتاب عن حقبة غابرة فى نطاق محلى من القرن المنصرم، إلا أنه يؤسس نظرية حتمية الهيمنة الإعلامية لأنها السلاح الفتاك فى أحكام السيطرة على العقول ومن ثما السيطرة على العالم، خاصة المجتمعات الهشة والفقيرة معرفيًا التى لا حول لها ولا قوة. أما فى عصر ما بعد الحداثة فحدث ولا حرج فوسائل التواصل الاجتماعى تحرك البشر كالدمى.

دعونا ننظر إلى أنفسنا بتجرد فخلال العقد الحالى حدثت سيولة إعلامية جرفت سيولًا من القنوات الموجهة من كل حدب وصوب استثمر فيها مليارات الدولارات من الدوحة واسطنبول ولندن...الخ وتم فيها صناعة حفنة من «نجوم اليوتيوبر» على كل نوع: الكوميدى والمتمرد والمتدين عملوا بحرفية على التلاعب بعقول شرائح اجتماعية وعمرية مختلفة أغرقوهم بطوفان من الشائعات المختلطة بمعلومات تبدو للوهلة الأولى أنها حقيقية مؤكدة.

حسنًا اللعب فى الوعى كفيل بإرباك المشهد ونشر الفوضى وإشاعة البلبلة مازال الهدف الأول من هذة الخطة الدولية هى أنت وأنا. ألا تذكر كم مرة انسقنا وراء حملات إعلامية مضللة دون تروي، كم مرة كنا عناصر فعالة لتأليب الناس وحشدهم بدون أن ندرى؟

كم من مرة وجدنا أنفسنا مندفعين على مواقع التواصل الاجتماعى لحدث ما اكتشفنا أنه بعد فوات الآوان أنه كذب مبين؟ مما لا شك فيه أن الحدث المزيف ينتشر أسرع من الحقيقي. اللعبة اقتصاديًا تدار سياسيًا، واللعبة السياسية تدار إعلاميًا. لك أن تعلم أن أبانا الذى يجلس على قمة الإعلام هو من أن يتحكم فى عقلك ووعيك. فهو الذى يسمح لك أن ترى وتسمع ما يريده ويحجب عنك ما لا يريده.