رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

رؤية:

 

 

 

 

- العالم الدكتور طارق صفوت أستاذ الأمراض الصدرية بطب القاهرة حذرني من الاصابة بالالتهاب الرئوي بعد استضافتي الدائمة للملعونة «الانفلونزا».. أكد أن هذا القاتل يفترس كبار السن من خلال النزلات الشعبية الحادة، ولذلك ينصح كل من اقترب من الستين الي ما فوق، أن يكون حذرا ولا يعرض نفسه لتيارات هوائية عند إصابته بنزلة شعبية، وعليه أن «يستكن» يعني يحبس نفسه في البيت ويبعد عن أي تيار هواء..

- الانفلوانزا الملعونة اعتادت زيارتي مرة أو مرتين في السنة وهي الوحيدة التي تجبرني علي الاعتزال عن كل الناس، ولكم أن تتخيلوا عندما تزورني صغري بناتي «وسام» ومعها توأماها «مريم وملك» أجد نفسي معزولا عنهما ولأنهما في عمر الزهور لم يكتملا العام الثاني فأسمع بالدق علي باب غرفتي وفي صوت طفولي بريء «ديدو.. ديدو» ما أجمل هذا الصوت، وأضغط علي عواطفي ولا أستجيب للتخبيط، خوفًا عليهما من نزلة البرد..

- أسعد واحدة في تواجدي في البيت هي «سمية» زوجتي، لأنني اعتدت أن أقضي يومي كله خارج البيت، حتي يومي الجمعة والسبت اللذين لا أعمل فيهما، أرجئ جميع مقابلاتي لهذين اليومين لكي تكون عندي فسحة اللقاء، من هنا تشكو زوجتي، ومع أنها تتمني أن نجلس سويا كأي زوجين، لكنها حزينة بسبب تواجدي في البيت لأكثر من أسبوعين، ومعظم الأيام راقدا في السرير، وكثيرا ما كانت تخرج لاجتماعات في روتاري الجزيرة ثم تعود وتراني مشغولا في القراءة أو التليفون ثم تسألني متي نجلس سويا نتكلم في شئون الأولاد وأنت في البيت.

- الانفلونزا الملعونة حرمتني من المشاركة في تعزية ابنتي وأختي الصغري د.مايا مرسي في وفاة ابنها الشاب، لأنني مهما أرسلت لها من برقيات التعازي بخلاف ما أكون متواجدًا بجوارها فهي الابنة التي أفتخر بحب المصريين لها، لا تتصوروا عندما أعطتني زميلتي الكاتبة وفاء الغزالي سماعة التليفون فقد كانت عندها في البيت لتخفف عنها آلامها ووجدتها فرصة أن تفاجئها بصوتي، وفي صوت حزين أسمع صوت مايا وهي تقول لي «ازيك يابابا.. مايا علي الخط.. وتخرج مني الكلمات وأنا أقول لها.. الله يثلج لك صدرك يامايا ويخفف عنك آلامك ويقوي ايمانك، لسنا لنا شيء في انفسنا فكلنا ذاهبون إليه، لكن متي فالله اعلم».. وأسمع نصيحتها وهي تطالبني بأن أنتبه لصحتي، ثم أعربت عن رغبتها لزيارتي.. شعور جميل جدا من إنسانة راقية، تحاول أن تنتصر علي وجيعتها، فالحدث أكبر، وجرح الحزن أعمق، والشفاه لا تتوقف عن التمتمة وهي تحمد لله..فعلا الحمدلله يامايا ياعظيمة.

- فعلا المرض وحش جدًا، لكنه ضريبة ومن يقول الحمد لله، يجد اليسر.. فقد كانت إقامتي في البيت فرصة لإعادة أوراقي وحساباتي مع نفسي، كيف يستعد الانسان للقاء ربه، هل بالصلاة أو بالاقتراب منه والتحلي بأخلاق المصطفي الحبيب الغالي سيدنا محمد عليه السلام، لقد كنت سعيدا وأنا في رحلة نفسية مع اذاعة القرآن الكريم استمتعت بآيات من الذكر الحكيم وبصوت المرحوم السيد النقشبندي والشيخ عبد الباسط عبد الصمد..

- وبسبب الملعونة اعتذرت لصديقي الوزير المحترم اللواء خالد فودة محافظ جنوب سيناء، فقد كان مصرًا علي سفري الي شرم الشيخ لأقضي أجمل يوم لأشهد الاحتفال بفعاليات مهرجان شرم الشيخ التراثي واستقبال محبي رياضة الهجن بالعالم الذي سيشرفه الرئيس عبد الفتاح السيسي وضيفه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد الامارات.. وكان اللواء فودة قد أرسل بطاقة دعوة من معالي رئيس الوزراء لشخصي لحضور هذه الاحتفالية، وبالاتصال مع عمدة وشيخ أساتذة الأمراض الصدرية الاستاذ الدكتور عوض تاج الدين أشار إليّ بأنه من المستحب الاعتذار خوفًا من لفحة هواء شديدة في المطار قد ينتج عنها مالا يحمد عقباه.

- فهمت أن الالتهاب الرئوي قاتل، وهنا تذكرت صديقا عزيزا علي نفسي، المرحوم المستشار فتحي نجيب رئيس المحكمة الدستورية العليا في اوائل الالفية عام ٢٠٠١ عندما أصيب بنزلة برد في مارينا تحولت الي نزلة شعبية، وعندما قرر السفر الي القاهرة لارتباطه بمواعيد في المحكمة، نصحوه بعدم السفر لكن التزاماته اهم من أي اعتذار، وأثناء العودة وهو داخل السيارة تعرض للفحة هواء شديدة، رفعت من درجة حرارته قبل أن يصل الي بيته، فاتجه الي المستشفي وبقي فيها أياما تحت العلاج، وفجأة يودعنا فتبكيه مصر كلها لأنه كان صديقًا للجميع، صغارا وكبارا، كان محبا لرجل الشارع الضعيف، كان كريما مع الفقراء، رحم الله فتحي نجيب الذي ترك لنا اسما مشرفا.. فقد مات بالالتهاب الرؤي ومن يومها وأنا في حالة رعب أبدي مخاوفي كلما زارتني الملعونة الأنفلونزا.. أنا لا أخاف من لقاء الله لكني أخاف من المرض، أسأل الله أن يخفف آلام كل مريض ولا يرينا مكروهًا في عزيز لدينا.