رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

لقد أدركنا فى المقال السابق أننا بالفعل لا نملك كعرب دولا وشعوبا كيانا وحدويا فعالا نستطيع من خلاله مواجهة أى تحد يهدد مصالحنا العربية وندافع به عن وجودنا، وغياب هذا الكيان الوحدوى الحقيقى هو سبب هواننا على أنفسنا وعلى الآخرين. إننا نملك كل المقومات التى تجعلنا نعيش فى اطار كيان وحدوى قوى شبيه بالاتحاد الأوربى على الأقل؛ فهو قد تأسس بعد معاناة الأوربيين من حربين عالميتين طاحنتين فكان الاتحاد بديلا للصراع والحروب بين الأشقاء الأوروبيين رغم اختلاف اللغات والأجناس والأعراق وكان السبيل الأمثل ليحل بينهم التعاون والشراكة محل التنافس والصراع وأصبح لأوربا من خلاله صوت مسموع وقوي ينافس العملاقين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتى سابقا!

ولدينا فى العالم العربى تجربة وحدوية عظيمة ورائدة متمثلة فى دولة الامارات العربية المتحدة التى أسسها المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان حاكم أبو ظبى والشيخ راشد بن مكتوم حاكم دبى وانضمت اليهما بقية الامارات منذ عام 1971م، ولم يكن ممكنا لهذه الامارات المتفرقة أن تحقق هذه الطفرة الهائلة من التقدم والنمو، فضلا عن المكانة الدولية الرفيعة بدون هذا الكيان الاتحادى الرائع الذى صمد ونما باطراد حتى أصبحت دولة الامارات وشعبها كيانا واحدا بحق يعلو فوق الصراعات ويعم فيه خير الجميع على الجميع فلا يفرق بين هذا الفرد أو ذاك ابن هذه الامارة أو تلك.

إننا بلا شك نعى ونؤمن بأن فى الاتحاد قوة وأننا نملك معا كدول وشعوب عربية كل المقومات التى تجعلنا فى مصاف الدول الكبرى المتقدمة لو تحقق الحلم العربى الذى لا يزال يراودنا منذ مطلع الخمسينيات من القرن الماضى. وأعتقد أن ما نعيشه وما نواجهه من تحديات جسيمة يجعلنا نعيد التفكير فى تحقيق هذا الحلم لتحويله تدريجيا إلى واقع!

إن رؤيتى لتحقيق هذا الحلم الذى يطمح إليه كل فرد على الأرض العربية تتلخص فى قيام «اتحاد الدول العربية» كبديل للجامعة العربية، بحيث يقوم ميثاق هذا الاتحاد الجديد والممكن تحققه على أرض الواقع لو توافرت الارادة السياسية لدى بعض الحكام العرب الذين سيكونون النواة الأولى لانشائه على المبادئ التالية:

1- ينشأ اتحاد فيدرالى بين الدول العربية لا يتعارض مع الحفاظ على النظام السياسى لكل الدول الأعضاء.

2- تتشكل السلطة السياسية العليا فى هذا الاتحاد من مجلس رئاسى يضم حكام ورؤساء الدول الأعضاء ويتناوبون على رئاسته سنويا. وتصدر قراراته بأغلبية الثلثين وتكون ملزمة لجميع الأعضاء.

3- يرأس رئيس الاتحاد مجلسا اتحاديا للوزراء الذين يختارون لمدة محددة حسب الكفاءة المطلقة بعد أن يتم ترشيحهم من الدول الأعضاء.

4- يقوم هذا الوزير الاتحادى برئاسة اجتماعات مشتركه بين كل الوزراء المعنيين فى الدول الأعضاء لدراسة وتقديم الاقتراحات ومشروعات القوانين والقرارات، وتصدر قرارات هذا المجلس الوزارى أو ذلك بأغلبية الثلثين وتعتمد من رئيس السلطة العليا للاتحاد ومن ثم تكون ملزمة للجميع ويتم تنفيذها على أرض الواقع.

5- يمكن الاكتفاء فى البداية بوزارات معينة مثل الدفاع والداخلية والمالية والاقتصاد والتعليم والثقافة والاعلام والسياحة.

6- يتم انتخاب برلمان عربى موحد بالتمثيل النسبى لكل الدول الأعضاء بحسب ما بتم الاتفاق عليه. وتحدد اختصاصاته فى اصدار التشريعات والقوانين التى تيسر عمل الاتحاد واقتراح ومراقبة تنفيذ المشروعات الاتحادية.

7- يتم التشاور بين الدول الأعضاء حول مصادر التمويل وميزانية الاتحاد بما يحقق الأهداف المشتركة للدول الأعضاء وحسب امكانيات كل دولة وميزاتها النسبية.

إن قيام هذا الاتحاد لن يصدم أحدا من القوى العظمى اليوم، لأنه ليس ضد المصلحة المباشرة لأحدها، كل ما هنالك أنه سيكون حائط صد منيعا ضد الارهاب وضد أطماع البعض فى الأرض العربية والثروات العربية، كما أن قيام هذا الاتحاد حق أصيل من حقوق أى دول وأى شعوب تريد أن تحقق مصالحها المشتركة دون أن تعادى أو تتعدى على أحد، فالدول العربية قد سبق لها الاعتراف باسرائيل كإحدى دول المنطقة ولا يمكن للدول العربية أن تظل تحت تهديد المخططات والمؤامرات الغربية لتقسيمها وتفتيتها واستنزاف ثرواتها. إن ارادة الشعوب من ارادة الله ولقد عانت الشعوب العربية طويلا من الاحتلال الغربى ومن المخططات الاستعمارية المتوالية للسيطرة على الثروات العربية والاعتداء على أراضيها وآن لها أن تمتلك ارادتها المستقلة وتوظف امكاناتها لخدمة ورفاهية شعوبها مثل كل الدول المتحضرة فى العالم. إننا على مشارف عقد جديد من الألفية الثالثة ربما يكون هو البداية لدورة حضارية جديدة تتوازن فيها القوى وتتحقق العدالة بين الجميع، فهل آن للعرب أن يتحدوا ويصنعوا مستقبلهم المشترك، متعالين على خلافاتهم وصراعاتهم الضيقة ومخاوفهم المزيفة وبعيدا عن الاستقطابات والهيمنات من الآخرين، هل آن لهم أن يتحولوا - عبر هذا الاتحاد الذى ندعو إليه - من مفعول بهم إلى فاعلين مشاركين فى حضارة العصر وتقدم الانسانية؟! هل يكون هذا العام بالفعل هو عام ولادة اتحاد الدول العربية من رحم كل هذه المآسى التى نشاهدها والآلام التى نعانيها؟!

[email protected],com