رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

لقد تساءلنا فى المقال السابق: ما العمل؟! وكان المقصود بالتساؤل كيف ننجو من هذا المصير المظلم الذى ينتظر أمتنا العربية إن لم تعِ التحديات الكبرى التى تواجهها وان لم تكن استجابتها على قدر هذه التحديات الجسام؟!

إن اجابتى عن التساؤل تكمن فى كلمة واحدة هى: الاتحاد، إذ إن التكالب على الأرض العربية والثروات العربية بهذا الشكل الذى نراه لا يمكن للدول العربية أن تواجهه فرادى، كما أن الكيان العربى الذى يجمع العرب الآن وهو «الجامعة العربية» لم يعد قادرا على الحركة السريعة كما أن ميثاق الجامعة العربية يقف حائلا أمام امكانية توحد العرب فى مواجهة أى مشكلة تواجهها إحدى أو حتى معظم الدول العربية، والأطرف من ذلك أنه حتى لو اتفق العرب من خلال الجامعة على موقف موحد ازاء أى مشكلة سواء كانت عربية - عربية، أو عربية - أجنبية، فإن هذا الموقف يظل حبرا على ورق لأن مؤسسات الجامعة ليس لها سلطة تنفيذية ولا تملك توحيد القدرات العربية وتوجيهها لحل هذه المشكلة أو تلك فعليا على أرض الواقع فكأن هذه الجامعة قد أسست لمجرد التنفيس عما يجول بخاطر أعضائها واعلان ذلك كاقتراحات غير ملزمة يتبناها ويستفيد منها وينفذها من يشاء أو كمواقف يستفيد منها من يشاء ويتجاهلها من يشاء حسب رغبة كل دولة من الدول الأعضاء. والأغرب من ذلك أن هذه الاقتراحات والمواقف المعلنة والمعبرة عن رأى الجامعة وحسب ميثاقها لا تكون ملزمة لأحد!

وعلى ذلك وفى ضوء كل ما تواجهه الدول العربية فرادى من مشكلات وتحديات داخلية وخارجية على اختلافها ودرجة حدتها الآن أو فى المستقبل ينبغى على القادة العرب وعلى النخبة المثقفة وصانعة الرأى العام العربى أن تتبنى هذا الاقتراح بضرورة انشاء كيان بديل للجامعة العربية يستفيد من كل امكانياتها المتوفرة بالفعل، كيان يكون قادرا على اتخاذ القرار ويملك امكانيات وآليات التنفيذ. وليس من الضرورى أن يولد هذا الكيان مكتملا، بل يمكن أن يبدأ كما بدأت الجامعة العربية نفسها وكما تبدأ الكيانات ذات الأهداف الوحدوية عادة من بعض الدول المؤمنة بضرورته وينضم لها تباعا الدول الأخرى. لقد قامت الجامعة العربية عام 1945 وسط ظروف دولية واقليمية معينة كانت معظم الدول العربية لا تزال خاضعة للاحتلال ولم يكن بمستطاعها حينئذ أن تفعل أكثر مما فعل مؤسسوها، حيث رفضت العروض الداعية إلى اقامة وحدة عربية متكاملة كما رفض العرض العراقى بتأسيس اتحاد عربى وذلك لأمرين لا يخفيان على أحد؛ أولهما الخوف من رفض الدول الغربية الكبرى المستعمرة اقامة كيان وحدوى عربى وهم بالفعل يحتلون هذه الدول ويملكون السيادة عليها والتحكم فيها بشكل أو بآخر وثانيهما خوف حكام ذلك الوقت على كراسيهم السلطوية من تأثير قيام كيان وحدوى قوى، فضلا عن الخوف من تأثير ذلك الكيان على التفاوت فى الثروات التى تمتلكها بعض هذه الدول دون بعضها الآخر، فلقد خشيت الدول الغنية على ثرواتها من أطماع الدول الفقيرة فيها!!

ومن ثم قام هذا الكيان الذى سمى «الجامعة العربية» ليكون مجالا للحوار والتعاون المحدود بين الدول الأعضاء فى المجالات المختلفة اقتصادية كانت أو سياسية أو عسكرية أو ثقافية حسب الأحوال ودون أن يكون قادرا على اصدار قرارات ملزمة حتى لأعضائه. ومن هنا نلاحظ أنه كان كيانا جامعا لدول ناقصة السيادة بميثاق ناقص الفاعلية لا يمكن لأعضائه أن يتحركوا جماعة لانقاذ أنفسهم أو واحد مهم من خطر داهم يتعرض له.

وهكذا كان حال جامعتنا العربية ولا يزال كيانا ظاهره الوحدة وباطنه اقرار الانقسام وعدم الفاعلية وفقدان القدرة الحقيقية على حل أى مشكلة حتى بين الأعضاء الفرقاء حلا جذريا، ناهيك عن القدرة على حل أى مشكلة يتعرض لها الكيان العربى ككل من الخارج. ومن ثم فنحن بالابقاء على كيان الجامعة العربية بشكلها وميثاقها الحالى نحافظ على كيان شكلى لا تأثير حقيقيا له على أرض الواقع.