رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أمريكا تتخلص دائمًا من عملائها بعد انتفاء الحاجة منهم؛ حقيقة مؤكدة تثبتها الايام؛ فإذا كان مقتل زعيم داعش أبوبكر البغدادى كان بمثابة مسألة وقت لا أكثر ولا أقل؛ فهذا ينطبق أيضا على تصفية قاسم سليمانى؛ التى تتعدى ترامب وما قيل عن أنها وسيلة للهروب من المحاسبة الداخلية وإجراءات العزل، فالموضوع يتعدى ذلك بكثير؛ وتحركه الدوائر العليا لصنع القرار فى الولايات المتحدة الأمريكية. فمنذ فترة تابعت بشغف كتاب «مارك مازيتي»: «الـ(CIA) جيش أمريكا السرى وسلطة إدارة الحروب؛ والذى يؤكد تحوّل الـ«سى.أى.أي» بعد أحداث 11 سبتمبر إلى آلة قتل سرية دولية؛ وإن كان ذلك من وجهة نظر المتابعين للأحداث سبق ذلك بكثير ؛ ولكن مازيتى بصفته مراسلاً للأمن القومى استطاع الدخول إلى مكاتب الـ»سى.آى.إيه»؛ ليكشف معلومات عن الحروب سرية فى العالم، وليعرفنا بشخصيات أدت أدواراً ميدانية غاية فى البشاعة وأعتقد أن قاسم سليمانى من هؤلاء؛ لأنه تنطبق عليه المواصفات، حتى وإن لم يذكر فى الكتاب.

 والمؤلف أشار إلى شخصيات تشبهه؛ مشيرا إلى «حروب الظل» التى تتحكم فى العالم؛ و قصة التنافس الحاد بين مؤسسات أمريكية عملاقة ثلاث: الـ«سى.آى.إيه» و«البنتاجون» و»البيت الأبيض». والمؤامرت الداخلية بين عناصر هذه المؤسسات للاستحواذ على القرار الرئيسى فى إدارة جرائم أمريكية الخارجية. والتبرير غير المباشر عن كيفية أن الاستخبارات عادت ما تحصل على ترخيص بقتل من أسماهم «أعداء أمريكا»؛ وهم فى الحقيقة كانوا عملاءها؛ وسط سلسلة من الإفشاءات المرعبة، والمضحكة أحياناً، عن محاولات الاغتيال التى قامت بها الوكالة بالبيت الأبيض؛ وحكايات الترخيص التى شرعت من الاستخبارات للاستفادة من كيفية استخدام هذا الترخيص.

وللأسف أن: تلك حقبة طويلة من الإجرام الأمريكى الذى كانت تمارسه الاستخبارات فى العديد من البلدان التى كانت تتدخل فى شؤونها سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، من خلال تصفيتها لكل من يمثّل عقبة أمامها وأيضا حلفائها بعد انتهاء مهمتهم ؛ فهى لم توقف القتل يوماً. وهناك مؤشرات على استمرار تجنيد وتدريب منفذى الاغتيالات فى الولايات المتحدة. وهناك مؤسسة العالم الغربى الأمنية (Western Hemisphere Institute for Security Cooperation) التابعة لـ»وزارة الدفاع الأمريكية» ومهمتها تدريب الهيئات الأمنية والعسكرية، والتى تدعى أنها محصورة بدول أمريكا الجنوبية ويتخرج منها نحو 1000 إنسان معدّ لممارسة القتل سنوياً من هذه المؤسسة. وهناك الكثير من الجدل حول الأغراض الحقيقية لهذه المؤسسة، ويسمى المعارضون هذه المؤسسة «مدرسة الاغتيالات». وهناك حرب سرية أخرى بين أركان القادة فى وكالة الاستخبارات نفسها، فى عملية تنافسية شديدة ليكون هو صاحب الفضل فى السبق الإجرامى. فقد بات مدير الوكالة قائدًا عسكرياً يدير حرباً عالمية خفية بواسطة فريق قليل العدد وبدون الكثير من الإشراف. استخدموا هذا مع تنظيم القاعدة ورئيسها آنذاك «بن لادن» فى كابول وقندهار فى أفغانستان وفى باكستان وغيرها من الدول.

يبدو أن الكذبة الكبرى التى باتت معروفة عن الأمريكيين بملاحقة الإرهاب والقضاء عليه، ما هى إلا وسيلة تصفية العملاء ؛ وخاصة أن فى العرف الأمريكى، كل شيء وعكسه يحدث ؛ وهذا ما فعلوه مع أسطورة "أسامة بن لادن" واختراعهم إياه بهدف مقاتلة السوفيات وبعدما انقلب عليهم حوّلوا كل جهودهم «الجبارة» وإمكانيات أعظم دولة فى العالم لملاحقة أطياف رجل واحد يختبئ فى ظله آلاف. وهى فى سبيل هذا الهدف اخترعت الوكالة العديد من الأجهزة الاستخباراتية المدرّبة خصيصاً على القتل والتجسس. وهم فى ذلك لا يثقون بأى جهاز استخبارات آخر فى العالم.

بل بالعكس يعملون على اختراقها؛ وتحويل ضباطها إلى العمل لصالح الولايات المتحدة من خلال التجسس على بلدانهم. وعمليات «المطاردة» فى كل مرة لها مواصفاتها التى غيّرت من إملاءات الحرب الجديدة من قواعد لعبة التجسس، وأضفت مهمة جديدة ؛ تعتمد على الحصول على معلومات مفصّلة عن أفراد محددين، ولا تهم كثيراً كيفية جمع تلك المعلومات، ونتيجة لذلك أصبحت وكالة الاستخبارات أكثر اعتماداً على أجهزة التجسس الخارجية؛ بل وانفتحت فى علاقاتها الاستخباراتية بعد أحداث 11 سبتمبر على أجهزة استخبارات؛ وهناك وثائق تاريخية تشهد على التعاون الكبير بين تلك المخابرات والمخابرات الأمريكية؛ ولم يعد خفياً على أحد كيف تقام الورش التدريبية الأمنية والعسكرية لهؤلاء ؛ والمعروف أن الرؤساء الأمريكيين ومنهم ترامب استخدموا سلطة «العمل الخفي» لإرسال الوكالة فى عمليات تخريب وحملات دعاية وتزوير انتخابات ومحاولات اغتيال. وهل تريد دليلاً أكثر من هذا على أن امريكا تخلصت من عميلها قاسم سليمانى ؛ الدليل ببساطة أن ابنة سليمانى تحمل الجنسية الأمريكية ؛ رغم أنها ناشطة إسلامية ؛ بل الغريب أن العديد من أبناء المسئولين الإيرانيين وقادة الحرس الثورى، يحملون الجنسية الأمريكية.