رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لله والوطن

مشهد رد فعل المصريين على «السوشيال ميديا» تجاه نذر الحرب فى ليبيا وشرق الحوض المتوسط واحتمالات المواجهة العسكرية بين مصر وتركيا.. أصبح عبثيًا ومرعبًا للغاية.. رغم ما قد يبدو ظاهريًا من أنه يوحى بـ«صحوة وطنية» إيجابية نحو الخطر المحدق بالبلاد.

•• شعب «السوشيال ميديا»

دق طبول الحرب مبكرًا.. أشعلها قبل أن تشتعل.. أسقط طائرات عسكرية تركية (!!).. أغرق سفنًا حربية محملة بالسلاح (!!).. نشر صورًا للدبابات والمصفحات التركية داخل أراضى ليبيا، والليبيون يطاردونها بالطوب والحجارة قبل أن يتحرك جندى تركى واحد فى اتجاه طرابلس (!!).. ونشر صورًا للدبابات والمدرعات وبطاريات الصواريخ والمدافع المصرية تنتشر بكثافة على الحدود مع ليبيا (!!).. وصوروا الرئيس الجمهورية يتفقد الحشود العسكرية فى المنطقة الغربية (!!).. ونشروا رسائل مفبركة وخبيثة من جنود مصريين يستوصون خطيباتهم وزوجاتهم خيرًا بأمهاتهم بعد أن تم نقلهم إلى جبهة القتال على الحدود الغربية (!!).. وزعموا أن الطائرات المصرية دكت حصون أردوغان فى ليبيا وتم قتل 450 جنديًا تركيًا وهروب 800 جندى والاستيلاء على 74 مدرعة وأسلحة حديثة منهم.. ولا تعلم من أين أتوا بهذه الأرقام (؟!).

تحول «الفيسبوكاوية» جميعًا إلى خبراء استراتيجيين ومحللين سياسيين وعالمين ببواطن الأمور.. وتباروا فى شرح وتقدير الموقف وتوقع تداعياته.. وكأنهم يتحدثون عن دورى كرة القدم ومبارياته ولاعبيه.. وليس عن حرب لو اشتعلت لاهتز لها العالم كله.. فى زمن تحكمه معادلات قوى يمكن أن تؤدى إلى فناء البشرية كلها إذا اندلعت حرب كونية جديدة.. ورغم ذلك تراهم يتحدثون عن «الحرب العالمية الثالثة» الوشيكة وكأنها إحدى ألعاب «البلاى ستيشن» التى يمارسونها فى أوقات فراغهم (!!).

•• الأمر جد خطير

وساعد على ذلك غياب الخطاب الإعلامى السياسى التوعوي.. الشارح لحقائق وأبعاد الموقف المصرى القائم أساسًا على حشد كل قوة مصر لحماية أمنها القومي.. أمنها فقط وليس أمن الآخرين.. دون التورط بشكل مباشر فى حرب واسعة تحقق الغرض الخبيث الذى تخطط له قوى الشر والتآمر من أجل استدراج مصر إلى ما يضر بشعبها ويستنزف قواها ويوقف مسيرة نموها.

فموقف مصر واضح من البداية.. ومن خلال الرسائل الرسمية التى تم تسليمها إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي.. وسجلت مصر بهذه الرسائل اعتراضها ورفضها للتحرك العسكرى التركى فى اتجاه ليبيا.. وما يترتب على ذلك من حقها فى التصدى له حفاظًا على أمنها القومي.. من منطلق حرصها على ألا تتحول الدولة الجارة والشقيقة إلى مستنقع آخر للخراب ومرتع لجيوش الاستعمار الجديد.. فليبيا هى العمق الاستراتيجى للأمن القومى المصري.. وعندما يفكر أردوغان بدفع جيشه اليها فهو فى حقيقة الأمر يستهدف مصر بشكل مباشر.. لأن مصر هى شغله الشاغل.. وهى مصدر قلقه الدائم والقوة الإقليمية العظمى التى يخشاها.. هى الجيش القوي.. والثقل السياسى الهائل.. والمارد الاقتصادى القادم الذى يهدد مصالح الأتراك ويحبط أحلامهم.

•• من أجل ذلك

تأتى أهمية التحرك العسكرى المصرى الحالى فى مياه البحر المتوسط.. والمناورات البحرية و«البرمائية» التى أجراها الجيش المصرى مؤخرًا بمشاركة وحدات رمزية لكل قدراته القتالية.. بحرًا وجوًا وبرًا.. لتكون رسالة واضحة لأنقرة وللعالم كله.. بأن مصر تستعد للحرب.. وأنها لن تصمت تجاه هذا العبث التركي.. وسوف تتصدى له بكل قوتها.. العسكرية «إذا لزم الأمر».

ولك أن تضع تحت عبارة «إذا لزم الأمر» هذه مليون خط.. فبالرغم من مؤشرات التصعيد البادية الآن.. إلا أنه فى تقديرنا لا يمكن أن تحتدم الأمور إلى درجة المواجهة العسكرية الشاملة والمباشرة بين مصر وتركيا فى البحر المتوسط.. لعدة أسباب أهمها أن الرئيس التركى لن يغامر مطلقًا بدفع قواته البحرية والجوية إلى المنطقة للاشتباك المباشر.. وخصوصًا داخل المياه الإقليمية أو الحدود الاقتصادية لمصر.. فى ظل إدراكه التام لتفوق القدرات العسكرية المصرية.. وأيضًا لأن أطرافًا دولية عديدة وقوى كبرى لن تسمح مطلقًا بنشوب «حرب كبيرة» وسوف تتدخل سريعًا للحيلولة دون ذلك.. حماية لمصالحها الاستراتيجية فى المنطقة.. أما مصر فقرار الحرب بالنسبة لها هو آخر الخيارات.. لأن مصلحتها الكبرى تتمثل فى تعزيز الأمن والاستقرار فى ليبيا.. وشاغلها الرئيسى هو حماية حدودها ومنع أى توغل داخل حدودها الغربية من جانب أى من الأطراف المتصارعة فى ليبيا.. خاصة مرتزقة «داعش» الذين جلبهم أردوغان من سوريا إلى الأراضى الليبية.

•• أما ما يجرى على «السوشيال ميديا»

فيجب أن يتوقف فورًا لخطورة تأثيره السلبى على قوة وسلامة الجبهة الداخلية.. ولن يحدث ذلك إلا من خلال إطلاق حملات توعية واسعة للرد على الشائعات وتفنيد الأكاذيب وإيضاح الحقائق والمعلومات الصحيحة.. وهذا هو دور وزارة الإعلام الذى مازلنا ننتظره.