رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هذه الدنيا

لم يكن هناك أى مبرر للجدل الذى أثاره البعض حول موعد الاحتفال بعيد الميلاد المجيد الذى تعتمده الكنيسة القبطية منذ أكثر من 1700 عام والذى يوافق يوم 7 يناير من كل عام، حين حاول البعض إضافة 25 ديسمبر لهذا التاريخ بحيث يختار الأقباط الموعد الذى يحلو لهم، كل حسب موقعه، إذ إن فتح هذا الباب يخل بثوابت الكنيسة القبطية وهى كنيسة ذات تاريخ عريق وتخضع لقوانين تنظم كل شئ داخلها.

والقضية بدأت برسالة من الأنبا سيرابيون أسقف لوس أنجلوس يطالب فيها بإضافة 25 ديسمبر كموعد جديد للاحتفال بعيد الميلاد بعمل احتفال إضافى للعيد يبدأ برفع بخور عشية وتسبحة نصف الليل ليلة 24 ديسمبر، ثم صلاة باكر والقداس الإلهى بحسب طقس العيد صباح 25 ديسمبر دون كسر الصوم(!!) وهذا يعنى أن أقباط أمريكا يحتفلون بالعيد مع استمرار صوم العيد!!.. والعجيب أن هذا الرأى وجد من يدافع عنه معللًا بأن أحد كهنة كندا لم يستطع الخروج للصلاة يوم 7 يناير بسبب تراكم الثلوج، فلا مانع من أن يحتفل بالعيد يوم 25 ديسمبر.. ولا نعلم ماذا يفعل هذا الكاهن لو تصادف سقوط الثلوج والجليد يوم 25 ديسمبر؟ هل نحدد له موعدًا ثالثًا يتناسب مع الظروف الجوية؟ وهل يصح أن تُترك المسائل الإيمانية عُرضة للأهواء الشخصية من أجل قطعة لحم أو باكو شيكولاتة؟! وقد دفعت هذه الآراء الغريبة كلا من الأنبا مايكل أسقف فيرجينيا والأنبا أغاثون أسقف مغاغة والعدوة لإصدار بيان علمى يوضحان فيه خطورة هذه الفكرة على وحدة الكنيسة، وحفل الرد بالأسانيد العلمية والطقسية الموثقة ومنها:

أن الأعياد المسيحية مُرتبطة ارتباطا وثيقًا بالتقويم القبطى الذى هو امتداد للتقويم المصرى المعمول به منذ دخول المسيحية مصر وحتى الآن ( ومن جانبى أضيف أن القضية ليست 25 ديسمبر أو 7 يناير إذ إن الكنيسة تُعيد يوم 29 كيهك طبقا لما حدده الآباء الذين حسبوا 9 شهور من يوم البشارة الذى يوافق 29 برمهات، وهو ما كان يجب أن يستوعبه صاحب الاقتراح ويدرك أن الكنيسة التى ينتمى إليها ومؤتمن على شعبها لا يجب الزج بها فى هذا الجدل، علمًا بأن الأقباط ليسوا الوحيدين فى العالم الذين يحتفلون يوم 7 يناير حيث تشاركهم طوائف المسيحيين فى أوكرانيا واليونان وروسيا، وطائفة السريان، بل حتى الكاثوليك الأوكرانيين يحتفلون 7 يناير).

لقد سبق أن طُرحت هذه الفكرة فى عصر البابا كيرلس السادس، وأصدر المجمع المقدس للكنيسة بيانًا جاء فيه: «قد اجتمع المجمع المقدس فى المدة ما بين 14 و25 ديسمبر سنة 1959 بأمر وتحت رئاسة غبطة البابا المعظم الأنبا كيرلس السادس بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية وقرر أنه لا تغيير ولا تبديل ولا تزحزح عما تم تسليمه من الآباء الرسل الأطهار بخصوص تثبيت الأعياد القبطية الأرثوذوكسية على أساس التقويم القبطى (المصرى) الذى حدد جميع الأعياد طبقًا لنصوص الكتاب المقدس وقوانين الرسل الأطهار(دسقولية الكنيسة)».

ونفس الأمر تمسك به مُعلم الأجيال البابا شنودة الثالث، حيث قال فى حديث مُسجل بالصوت والصورة نصًا: إن توحيد الأعياد خطر عظيم إن لم يسبقه توحيد العقيدة، وقلنا ومازلنا نقول إن الوحدة المسيحية لا يصح أن تكون وحدة مظهرية أو شكلية، وإنما يجب أن تكون وحدة فى الايمان والعقيدة.. وخلص البابا شنودة فى رأيه إلى أن هذا خطر عظيم ننبه إليه، يجب البدء بالخلافات الايمانية وبحث الفروق اللاهوتية والعقيدية أولًا أما مسألة الأعياد فتأتى أخيرًا جدًا.

وأعود إلى البيان الذى أصدره أسقفان أحدهما يخدم فى أمريكا والآخر فى مصر حيث أوضحا أن قبول وتبنى مواعيد غربية (ولو إضافية) لعيد الميلاد قد يترتب عليه أن البعض من الرعاة والشعب البسيط ربما يتخيلون أنه تمت الوحدة مع كنيسة ما فيتخلون عن إيمانهم أو معتقداتهم.. وحذرا من أن هذا قد يترتب عليه بلبلة وشوشرة وانقسام وانفصال جزئى قد يترتب عليه انقسام وانفصال كلى بين الداخل والخارج.

ما سبق ملخص بسيط جدًا لمواقف معتبرة تدرك قيمة وتاريخ الكنيسة القبطية، وأعتقد أن من يسعون بُحسن نية لتقريب مواعيد الأعياد باعتباره خطوة نحو الوحدة فى حاجة إلى قراءة تاريخ كنيستهم جيدًا قبل الزج بها حتى ولو بُحسن نية. فالطريق إلى جهنم مفروش دائما بالنوايا الحسنة.

[email protected]