رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

رؤية:

- منذ خمسة عشر عاما أذكر أننى كنت على مقربة من الدكتور حسن راتب، وهو يقف فى مدخل مسجد الحامدية الشاذلية يتقبل العزاء فى وفاة المغفور له والده الشيخ كامل راتب «طيب الله ثراه» ولأن الأب رحمة الله عليه كان يتمتع بشعبية غير عادية بين أهله وسكانه، فقد كان المسجد يعج بخليط من البشر.. صفوة المجتمع من وزراء ورجال أعمال وأساتذة جامعات وشبان، وأبناء الجيزة الذى كان رحمة الله عليه يرعاهم ويتبنى قضاياهم.. وإذا بى أرى ابنه الدكتور حسن راتب يتعلق فى رقبة الدكتور كمال حمدى ابوالخير    «أبو التعاون» فى مصر.. وكان خلفه الدكتور محيى الدين الغريب وزير المالية ينتظر دوره فى طابور العزاء.

- هذا المشهد ذكرنى وأنا أسمع خبر وفاة العالم الجليل الدكتور كمال أبو الخير فقد أعادنى الى شريط الذكريات منذ أن بدأ العالم الجليل رحلته بتبنى التعاونيات ثم تأسيسه لمعهد التعاون الذى احتضنته كلية تجارة عين شمس أيام ما كنت فى حى المنيرة، وقت أن كان عميدها رحمه الله الدكتور عبد العزيز حجازي، الذى قدمنى للدكتور أبوالخير أستاذى -رحمه الله- أحمد لطفى حسونة حيث كنت محررا فى الأخبار، وكنت أزور الدكتور أبوالخير فى مكتب متواضع تحت السلم داخل مبنى كلية التجارة، قبل أن ينفرد بمساحة من الارض ويقيم عليها المعهد، كانت مدة الدراسة عامين يمنح بعدها شهادة الدبلوم.. وتحمست لقضية تحويله الى معهد عال وقمت بحملة صحفية فى «الأخبار» على اعتبار أن مصر ليس لديها معهد عال فى التعاون، ونجحت الحملة وأصبح لدينا معهد عال مدة الدراسة فيه ٤سنوات، وتبنى رحمه الله الموظفين الذين لم يستكملوا دراستهم الجامعية ويمنحهم منحا لاستكمال تعليمهم العالي، وكان قرار الالتحاق منه شخصياً.

- أذكر أننى دخلت على الدكتور ابوالخير فى مكتبه وطلبت منه فرصة الاستماع الى واقعة، فطلب من مدير مكتبه صلاح محمود أن يغلق الباب، فقد كانت الواقعة مع أحد زملائي.. جاءنى ومعه طالبة شابة تحمل الثانوية العامة بمجموع لا يؤهلها لاستكمال تعليمها، وادعى أنه خالها وطلب منى مساعدتها بطلب منحة فى معهد التعاون، وفعلا أتيت له بالمنحة وانتظمت البنت فى الدراسة، وبعد شهر جاءتنى نفس البنت مع شاب قريب لها وقدمت لى مظروفا فى داخله الفى جنيه على أمل أن احضر منحة دراسية لقريبها، تملكتنى الدهشة كيف يحدث هذا وانا جاملت خالها، اشترطت لألبى طلبها ان تروى هذه الواقعة أمام العميد، واستدعيتها من مكتب صلاح محمود حيث كانت تنتظر، وروت له أنها دفعت لزميلى فى «الأخبار» ألفى جنيه وطلب منها الصمت، كان أمام الدكتور أبو الخير حل واحد إما أن يبلغ النيابة أو يفصل البنت من المعهد، طلبت منه ماهو أقوى أن يتخذ موقفا فيه حماية لاسمه واسم المعهد، وأن يذهب لوزير التعليم العالى ويطلب منه ضم المعهد الى المعاهد التى تخضع للتنسيق وبالفعل دخل المعهد التنسيق ولم يعد لعميد المعهد صلاحيات فى منح منح دراسية فى المعهد.

- وللحق بعد أن خضع المعهد العالى للدراسات التعاونية لاشراف وزارة التعليم العالى ذاع صيته وارتفعت النسب المئوية للمجموع للقبول فيه، وبقيت إدارته للجمعية المصرية التعاونية وتحت رئاسة الدكتور كمال ابوالخير، وفى يوم من الأيام دعانا الدكتور ابوالخير أنا وصديقه حامد دنيا، وفى هذا اللقاء قدم لنا شابا وسيما، يتمتع بشخصية رجل سابق سنه وقال لنا «يسعدنى أن أقدم لكم الطالب حسن كامل راتب وهو أول رئيس اتحاد يتم انتخابه بالاجماع، وقد نظم معسكرا خلال إجازة الصيف للطلاب فى الاسكندرية، وبالفعل دعانا حسن راتب لحضور أول مهرجان للاتحاد فى معسكر الاسكندرية، وتشجيعا منى اصطحبت المرحوم الكاتب الكبير محمد زكى عبد القادر ومعى المذيعة اللامعة باذاعة الشرق الاوسط درية شرف الدين وسافرنا للمعسكر، والقى كاتبنا الكبير محاضرة والذى قدمه باقتدار هو حسن راتب».

- عدت من المعسكر والتقيت بالدكتور كمال أبو الخير ويومها قلت له «حسن راتب سيكون له شأن عظيم، فقد أعجب به الأستاذ زكى عبد القادر، وسجلت له درية شرف الدين حوارا منفردا عن طموحاته.. واذا بالدكتور أبوالخير يعلن عن سعادته ويقول «إننا فى المعهد نرمى بحملنا على حسن راتب » وتمضى الأيام سريعة ويحصل حسن راتب على بكالوريوس المحاسبة والتعاون بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف ويستكمل دراسته العليا فيحصل على الماجستير ثم الدكتوراه ويصبح فعلا رجل أعمال ناجحا جدا ولم تنقطع صلته بأستاذه، وقد كانت العلاقة واضحة يوم أن استقبله فى عزاء والده، «حسن» كان يمثل الوفاء نفسه، لأن جذوره وأصوله صنعت منه هذا الرجل، فقد اكتسب نفس الشعبية التى كان والده عليها، وقد ظهر الوفاء فى رثاء ووداع أستاذه الدكتور كمال ابوالخير الذى رحل عنا من أيام وأبكاه فى مقال فى صحيفة الدستور تحت عنوان « أبو التعاون كمال ابو الخير.. رحل بجسده وبقيت أفكاره».. سبحان الله أن يجلس التلميذ على كرسى أستاذه، وما أجملك يادكتور أبوالخير وأنت تكرم تلميذك وابنك الدكتور حسن راتب فوق كرسيك قبل أن تغرب الشمس وترحل عنا.

- وداعا يا عظيم، سوف ترحب بك السماء عالما وأستاذا تاركا وراءك تراثا يخلده التاريخ، وسيبقى اسمك محفورا على التعاون فى مصر.