رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لله الوطن

سُئل محلل اقتصادى ليبي: ما هى مصلحة ليبيا الاقتصادية من وراء اتفاق التعاون الأمنى والسيادة البحرية الذى وقعه مؤخرا رئيس حكومة الوفاق الوطنى الليبية فايز السراج مع الرئيس التركى أردوغان.. فأجاب: «لم أستطع الوصول إلى شيء ملموس».. لماذا إذن تم توقيع الاتفاق؟.. ولمصلحة من؟.

•• هذا السؤال

أجاب عليه مركز أبحاث اسرائيلي.. واصفا هذا الاتفاق بأنه «خطوة عبقرية» أقدمت عليها تركيا كرد مُحكم على الإعلان قبل عام عن «منتدى غاز الشرق الأوسط» الذى تداعت لتشكيله كل من مصر واليونان وقبرص وإسرائيل وثلاث دول أخرى.. ليس من بينها تركيا التى جرى تجاهلها عمدا.. وأوضح المركز أن عزل تركيا كان يُعد أهم أهداف تدشين المنتدى على الرغم من نفى ذلك من جانب الدول المشاركة.. ولذلك سعت أنقرة الى توقيع هذا الاتفاق من أجل تغيير الواقع الجيو- استراتيجى فى حوض البحر المتوسط.. وبما يعزز مكانة تركيا ويحول دون تمكن كل من إسرائيل وقبرص واليونان من الإقدام على أية خطوة فى هذه المنطقة لا تكون تركيا طرفا فيها.. معتبرا أن المتضررين الرئيسيين من الخطوة التركية الليبية هما قبرص واليونان.. لأنهما ستخسران مساحات واسعة من مياههما الاقتصادية إذا ما دخل الاتفاق حيز التنفيذ.

أما اسرائيل فبدأت كعادتها محاولة الصيد فى الماء العكر.. وقرأنا بالأمس عن أن نتنياهو أجرى اتصالا مع رئيس قبرص.. اقترح من خلاله على قبرص واليونان الاتفاق مع تل أبيب على تنفيذ مشروع شبكة أنابيب لضخ الغاز المستخرج فى شرق المتوسط إلى أوروبا.. وهو الحلم الذى يراود الاسرائيليين دائما.. ويصطدم بعقبات فنية جيولوجية كبيرة تتعلق بعمق المياه ووجود مناطق صخرية فى مساره.. كما يصطدم بمعوقات تمويلية لأنه يحتاج الى تكلفة باهظة.. ولذلك لا يوجد أمام اسرائيل الا التعاون مع مصر فى إطار اتفاق تصدير الغاز الى مصانع الإسالة المصرية لإعادة تصديره الى أوروبا.

•• ومع ذلك.. نسأل بدورنا:

هل أخطأت الدول المؤسسة لمنتدى شرق المتوسط بتركها مساحة فراغ جيوـ استراتيجى مثمثلة فى ليبيا.. ليتسلل منها «لص أنقرة» ويعقد هذا الاتفاق الذى يمثل ورقة ضغط جديدة بيده فى صراعه مع الدول الثلاث.. مصر واليونان وقبرص تحديدا.. هل كان يجب أن تسعى الدول الثلاث منذ البداية لضم ليبيا الى المنتدى؟ ولماذا لم تفعل ذلك؟.

فى اعتقادنا أن مثل هذه الفكرة لم تكن لتغيب عن ذهن قادة الدول الثلاث.. وخاصة مصر.. لكن الوضع السياسى الفوضوى والمعقد فى ليبيا كان بالتأكيد حائلا دون تنفيذ ذلك.. كما أن وجود «الإخواني» فايز السراج نفسه على رأس حكومة الوفاق الوطنى يمثل عائقا لمحاولة إدماج ليبيا ضمن هذا التحالف.. وهو الذى يدين بالولاء الى كل من أنقرة والدوحة ويأتمر بأوامرهما.

سألت السيد حمدى عبد العزيز المستشار الإعلامى والمتحدث الرسمى باسم وزارة البترول المصرية: هل جرت اتصالات مع ليبيا إبان تأسيس المنتدى من أجل دمجها فيه؟.. أجاب بالنفي.. موضحا أن الإعلان التأسيسى للمنتدى ترك الباب مفتوحا أمام جميع الدول الشاطئية فى المتوسط لتنضم إليه.. لكن ليبيا لم تطلب ذلك حتى اليوم.. وبالطبع لن يطلبه السراج.. وسيسعى بكل قوة لتفعيل اتفاقه مع أردوغان.

•• وهذا هو رهان أنقرة

لكن فى اعتقادنا أنه رهان خاسر.. فلن تقف دول المتوسط وفى مقدمتها مصر مكتوفة الأيدى أمام هذه التحركات التركية التى تتعارض مع مصالحها.. ولن تصمت كذلك دول الاتحاد الأوروبى التى كانت قد اعترفت بشرعية حكومة الوفاق على أن تتحول طرابلس إلى قاعدة عسكرية تركية.. ولن تترك روسيا الجيش الوطنى الليبى بقيادة المشير حفتر وحيدا فى مواجهة العبث التركي.. بل إن مثل هذا الاتفاق مع أردوغان قد يعجل بنهاية السراج نفسه.. وسقوط حكومته.. ويبدو أن ذلك سيحدث بسرعة أكبر بكثير مما يتصوره أردوغان.. فالجيش الليبى أصبح فعليا على أبواب طرابلس.. مدعوما من البحر والجو.. وأصبح يوجه ضربات أكثر قوة وتركيزا لقوات التنظيمات المتحالفة مع السراج وتحميه.. وبسقوط السراج ستنتهى المغامرة التركية فى ليبيا.