رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لله والوطن

واقعة غريبة شهدها مجلس النواب منذ عدة أيام.. وانتظرنا بعدها ردود فعل رسمية لإجلاء حقيقتها.. لكن ذلك لم يحدث حتى الآن.. مع أن الأمر يتعلق بواحدة من أخطر القضايا والملفات الأمنية المسكوت عنها.. وهى فوضى تداول الآثار وعالمها السرى وتجارتها السوداء.

•• قبل أيام

وقف النائب سعيد حساسين تحت قبة البرلمان.. ليلقى بيانا عاجلا موجها إلى وزير الآثار.. محذرا ومتسائلا عن سبب عدم التحرك فى مواجهة من يقومون بالتنقيب عن الآثار.. وتحديدا فى منطقتى كرداسة وأبو رواش الغنيتين بالآثار الفرعونية فى محافظة الجيزة.. وكاشفا أن الآثار تُباع فى الشارع بعد قيام الأهالى بالحفر باستخدام اللودر.. وأنه تقدم بطلب إحاطة لوزير الآثار ولكن «لا حياة لمن تنادي».. على حد قوله!.

قال النائب حساسين: «بعد أيام سنجد الآثار فى لندن وأمريكا وعدد من الدول ولكى نستعيدها سنتكلف المليارات».. مطالبا بضرورة التحرك السريع للحفاظ على آثار مصر المنهوبة.

رد فعلى الدكتور على عبدالعال جاء غير متوقع بالمرة.. حيث طلب من النائب حساسين إبلاغه بأسماء الذين ينقبون عن الآثار فى كرداسة.. وقال له: «هاتلى أسماءهم وأنا هاتصرف معاهم لو الحكومة لم تتحرك»..!!

•• لا نعرف

هل يستطيع النائب حساسين أن يفعل ما طلبه منه رئيس البرلمان فعلاً؟.. وهل هذه هى مهمته وأدواته كعضو برلمان؟.. والأهم هو كيف «سيتصرف» رئيس مجلس النواب كممثل لسلطة تشريعية.. وليست تنفيذية؟.. وماذا سيفعل مع الحكومة إذا لم تتحرك؟.. وهل هذا أيضاً اختصاصه أو يمتلك صلاحيات لتنفيذه؟

الأسئلة تبدو عبثية.. لكن الواقعة فى مجملها مهمة جدا.. وتمس هذه القضية الخطيرة المتمثلة فى انتشار تجارة الآثار.. وفوضى أعمال التنقيب عنها.. والتى تزايدت بشكل لافت جدا بعد يناير 2011.. ويعلم الجميع أن هناك أشخاصا استطاعوا بالفعل تحقيق ثروات خرافية من هذه التجارة المحرمة.. ومازلنا نتذكر ما كشفت عنه السلطات الإيطالية فى منتصف عام 2017 حول ضبط «حاوية دبلوماسية» جرى استخدامها فى تهريب أكثر من 23 ألف قطعة آثار مصرية.. وهو رقم مذهل ومهول.. أثار الكثير من التساؤلات المشروعة والمنطقية.. حول كيفية استخراج وتهريب هذه الكمية الضخمة من الآثار.. بعيدا عن أجهزة الدولة وخرقا لإجراءاتها الرسمية الخاصة بحماية الآثار؟!. كيف خرجت من مصر ولم يتم اكتشافها؟.. وكيف حصل المهربون عليها؟.. ومن هم؟.. وماذا يمنع أن تكون نفس الوسيلة قد تم استخدامها فى تهريب آلاف القطع الأخرى من الآثار؟.. ثم ما الموقف الرسمى من ذلك؟.. ولماذا تتباطأ الدولة فى التحرك رسميًا من أجل استجلاء حقيقة الأمر واسترداد الآثار المهربة ومحاسبة المتورطين فى تهريبها؟.

•• هناك شهادة خطيرة

سبق أن أدلى بها الباحث الأثرى أحمد عامر.. قال فيها بالنص: «إن تجارة الآثار المصرية أصبحت موردا ثابتا للتجار والمغامرين.. وهناك صفقات بمئات الملايين.. بل وأصبح سوق الآثار المصرية فى الخارج من أهم مصادر الثروة.. وللأسف الشديد أن الجميع يعلم ذلك.. وأن تجارة وتهريب الآثار كانت مجالاً واسعاً تورطت فيه أسماء كبيرة ما بين التجار والمهربين والمسئولين.. كما أن آثار مصر أصبحت الآن مشاعاً بيعاً وشراءً.. حيث أصبحت مورداً للمهربين والتجار.. وهو يُعتبر من أن أهم مصادر الثروة فى مصر الآن هى تجارة الآثار.. وأصبح لصوص الآثار يستغلون مواقع التواصل الاجتماعى لتجنيد علماء الآثار المتخصصين فى علم المصريات».

وتحدث «عامر» عن أشكال تهريب الآثار وأهمها «الحقائب الدبلوماسية» التى تتمتع بحصانة خاصة ولا تخضع للمراقبة والتفتيش.. مطالبا بتعديل قانون حماية الآثار وخاصة مواده الخاصة بالعقوبات.. ليتم تغليظها لأن المواد الموجودة حالياً غير كافية لحماية الآثار من المهربين على الرغم من أن قيمة الأثر نفسه لا تقدر بثمن.. وفى ظل ضعف القانون نفسه نجد أن أى مهرب أو تاجر آثار يجازف ويغامر بشكل كبير نظراً للأموال الطائلة التى سوف يحصل عليها.. لذلك لابد من تشديد العقوبات على كل من يتم القبض عليه وبحوزته آثار.

•• هذا تحديدا

هو الدور الحقيقى الذى يستطيع البرلمان القيام به كمجلس وظيفته الرقابة والتشريع.. تشديد العقوبات فى قانون الآثار.. وتشكيل لجنة عاجلة لتقصى الحقائق حول ما ورد فى بيان النائب حساسين واستدعاء كل الأطراف المعنية بالرقابة والحفاظ على الآثار لمساءلتها ومحاسبتها عن تقصيرها فى مواجهة هذه الظاهرة.. وهذا هو ما ننتظره الآن من الدكتور على عبدالعال رئيس مجلس النواب.