رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

علشانك يا مصر

كنت دائما أقرأ فى الصحف العربية وأتابع على القنوات الخليجية أن هناك أمرًا ملكيًا أو أميريًا بإسقاط ديون بعض المواطنين المتعثرين، وكنت أتمنى أن تأتى مثل هذه القرارات إلى مصر ويصدر رئيسنا قرارات مشابهة.

منذ عدة أيام أطلقت الحكومة والبنك المركزى 3 مبادرات لدعم الصناعة بعد تكليف الرئيس عبدالفتاح السيسى لهما، وكانت الأولى: تمويل الأنشطة الصناعية بمبلغ 100 مليار جنيه والثانية: إعفاء المصانع المتعثرة من الفوائد المتراكمة، والثالثة: تمويل وحدات الإسكان للأسر المتوسطة بمبلغ 50 مليار جنيه والتقسيط على 20 عامًا.

هذه المبادرات الثلاث من أشجع وأقوى المبادرات التى أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى وخاصة مبادرة تمويل الأنشطة الصناعية بمبلغ 100 مليار جنيه وأعتبرها خطوة كبيرة وهامة، خاصة أن البنوك مستعدة الآن لتوفير أى حجم من التمويل وفورًا، ورغم سعادتى هنا استوقفنى ما يحدث لبعض الشركات والمصانع القومية وخاصة شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى وشركة كفر الزيات للغزل والنسيج وشركة النصر للصباغة والتجهيز بالمحلة الكبرى، وشركة سمنود للوبريات والنسيج من تدمير متعمد.. السؤال: هل هذه المبادرة تدخل فى نطاقها هذه الشركات العملاقة أم لها شأن آخر؟.

ودعنى هنا أتحدث عن نموذج واحد من هذه الشركات، وهو شركة سمنود للوبريات والنسيج، فقد  تم إنشاء الشركة منذ عام 83 على مساحة 23 فدانا وبها أكثر من 3000 عامل وعاملة، وكانت فكرة الدكتور أحمد أبوإسماعيل- رحمه الله - وساهم فيها بمبلغ كبير، كما ساهمت فيها أيضا شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى وشركة النصر للصباغة والتجهيز، ووزارة الأوقاف وهيئة التأمينات الاجتماعية، وأخيرًا اشترى بنك الاستثمار حصة كبيرة من المساهمين، واستحوذ على أكبر عدد من الأسهم، وسيطر على مقاليد الأمور بالشركة، ومنذ أن استولى بنك الاستثمار وأصبح الخراب يعشش فى جميع أركان الشركة، فكان هناك 130 نول ماكينة سولزر وبرة وجينز وغيرهما صناعة سويسرية، هذا بخلاف ماكينة السوكر الخاصة بتصنيع القماش الجينز، وكان ينتج أفخم أنواع البنطلونات الجينز الأمريكية، ويتم تصدير البنطلونات إلى أمريكا لأحد المستثمرين باسم أكبر الماركات العالمية.

ومنذ أن تولى المهندس أحمد عبدالهادى رئاسة مجلس إدارة الشركة وانهال عليها الخراب من كل حدب وصوب، وكأن هناك مؤامرة خفية لتدمير الشركة وتعطيل الماكينات وتطفيش العمال ووقف صيانة الماكينات حتى يتسنى للإدارة الهروب من أجور وعلاوات العاملين، ثم فوجئ العمال ببيع 40 نول ماكينة وبر وجينز إلى أحد الباكستانيين بمبلغ 106 آلاف جنيه للنول الواحد رغم أن النول تقدر قيمته بأكثر من 500 ألف جنيه، وتم تحميل الأنوال فى 10 حاويات وتصديرها إلى دولة الباكستان بلد المشترى، المفاجأة الثانية أن تم تشغيل 30 ماكينة لعميل باكستانى لإنتاج الشاش البلاستيك رغم أن الماكينات غير مخصصة لإنتاج هذه النوعية من البلاستيك، بل هي مخصصة لإنتاج القماش، مما يساهم فى تدمير الأنوال المتبقية.

ثم كانت المفاجأة الثالثة أن الشركة عرضت 4 أفدنة للبيع من أصل 23 فدانا من خلال مزاد علنى وتكاتف على المزاد مجموعة من الأشخاص، واشتروا المتر بخمسة آلاف جنيه رغم أنه يتعدى 10 آلاف جنيه، ورغم رسو المزاد على أحد المشترين، إلا أنه لم يفِ بعقد الشراء ولم يسدد الثمن، فتم استرداد الأرض المباعة منه مرة ثانية.

الطامة الكبرى أن رئيس مجلس الإدارة الحاج عبدالهادى وحوارييه من الأقارب والمحاسيب الذين تم تعيينهم فى الشركة، اجتمع بمجلس الإدارة الموقر يوم 28 نوفمبر الماضى، وأصدر قرارًا بضرورة غلق الشركة، وقال فى حيثيات القرار إن العمال يتوقفون عن العمل وإنهم كثيرو الطلبات وإنهم يصرون على الخراب، وقال إن العمال مصرون على الإضرابات والتوقفات مما أثر على عجلة الانتاج! مما أدى لإحجام العملاء وهروبهم من التعامل مع الشركة.. لذا رأى مجلس الإدارة أنه فى حالة توقف وإضراب العاملين بالشركة عن العمل فى الفترة الحالية والمستقبلية، يتم غلق الشركة لأجل غير مسمى لحين الدعوة لعقد جمعية عامة غير عادية طارئة للنظر فى اتخاذ القرار المناسب.. وفوجئ العمال بغلق أبواب الشركة بناء على هذا القرار غير المدروس اجتماعياً وأمنياً، ولم يراع ما تبقى من العاملين فى الشركة الذين وصل عددهم إلى 600 عامل فقط بعد تطفيش العمالة وعدم تعيين أحد.

لم يراع الحاج عبدالهادى رئيس مجلس الإدارة، حالة العمال رغم عدم حصولهم على العلاوات والحوافز منذ سنوات ويعيشون بالكاد، لم يراع الأطفال من أبناء العاملين أو المرضى وأصدر فرماناً بغلق الشركة وبيع أصولها بثمن بخس.

ولولا أن تدخلت الدولة بأجهزتها المهمة، لحدث ما لا تحمد عقباه وسارعت الأجهزة بفتح أبواب الشركة للعاملين، ولهم كل التقدير وعاد العمال إلى مصنعهم شاكرين لهم حسن صنيعهم.

يا سادة: عودة العمال إلى المصنع لم تحل أصل المشكلة، والتى تكمن فى البنك الاستثمارى الذى يريد أن يضحى بالعمال وبعائلاتهم من أجل بيع الشركة. ليس من المعقول أبدًا «أن تأخذ العمال لحم وترميهم عظم» وهناك حلول بديلة طرحتها الدولة لعودة المصانع المهملة والمفلسة والمدمرة إلى الإنتاج بقوة، وها هى مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسي بتوجيه الحكومة والبنك المركزى لتمويل الأنشطة الصناعية المتعثرة والمتوقفة. فهل يمكن لشركة سمنود للنسيج والوبريات أن تستعيد حيويتها بإنتاج أفضل بنطلونات الجينز العالمية والملايات والفوط والباشكير القطن من أجل الحصول على العملات الصعبة؟.. يقولون الجنود لا تهزم وإنما فكر القائد هو المهزوم.. العمال لا يهزمون، من يدير منظومة الشركة هو المهزوم، فهو لم يطور من أدائه ومن أداء الإدارة وفكر العاملين، فتسبب فى هذا الخراب المستعجل.. أو أنه دمر المصنع قاصدًا غلقه لمصلحة آخرين وهنا تكون الجريمة، وبدلاً من غلق المصنع وتشريد العمال يجب محاسبة المسئول الفاشل.

< إلى="" عمال="" سمنود="" لا="" تتركوا="" مصنعكم="" أبدًا="" وعليكم="" بالعمل="" والإنتاج="" ولا="" تخرجوا="" من="" مصنعكم="" أو="" تعطلوه،="" فإن="" في="" ذلك="" مصلحة="" للمخربين="" ويجب="" علينا="" جميعا="" حماية="" مصنعنا="" وبلدنا="" من="" تعطيل="">