عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لله والوطن

 

ما قاله الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال فعاليات منتدى إفريقيا 2019 حول تحديات جذب الاستثمارات الأجنبية إلى مصر.. يستحق من الحكومة التوقف أمامه وتجميع كل جهاتها المنوطة بهذه القضية.. من أجل دراسة أوضاع الاستثمار الأجنبى وبحث تحدياتها والتعامل معها بفكر جديد.. غير تقليدى.. لأن الاستثمارات الأجنبية وخاصة فى مجالات الصناعات الاستراتيجية والثقيلة التى تتطلب تكنولوجيا متقدمة وآلات عملاقة ورؤوس أموال ضخمة.. كالسيارات والتعدين والكيماويات وغيرها.. هى التى تدر عوائد حقيقية وقيمة مضافة وتضخ القوة فى شرايين الاقتصاد.. بما يعود بالتحسن على جميع مؤشراته وفى مقدمتها السيطرة على التضخم وزيادة الناتج القومى وعلاج عجز الموازنة العامة والتحول إلى تحقيق الفوائض.. وتقوية سعر الصرف بما ينعكس إيجابياً على مستويات المعيشة.

< الرئيس="">

إن هناك جهوداً تبذل منذ سنوات مثلاً لاجتذاب استثمارات الشركات العالمية العاملة فى صناعة السيارات.. أو حتى مكوناتها.. لكن هذه الجهود لم تنجح فى تحقيق أهدافها.. رغم التعهدات المقدمة لهذه الشركات بتوفير «كل شىء» تحتاجه فى نشاطها.

الرئيس لم يقل ذلك ويصمت.. لكنه أتبعه بالتعرض لقضيتين بالغتى الأهمية.. الأولى تتعلق بمسألة «نقل المعرفة التقنية» know how أو بالبلدى «سر الصنعة».. أشار الرئيس إلى أن هناك مجالات للاستثمار أيضاً فى دول إفريقيا.. مثل التعدين.. يمكن استغلالها بشكل أفضل لتعطى قيمة مضافة عالية لهذه الدول إذا قامت بتصنيع خاماتها الطبيعة بدلا من بيعها للخارج.. لكن القضية الأساسية هنا هى: هل الدول المالك لـ «أسرار هذه الصناعات» ستقبل بأن تعطى جزءاً من مكاسبها للدول الإفريقية من أجل أن تتقدم إلى الأمام؟.. تلك مسألة بالغة الأهمية.

القضية الثانية تتعلق بمسئولية الدولة نفسها وأجهزتها المختصة بالترويج للاستثمار.. وهذا يتعلق بشكل مباشر بوزارتى الاستثمار والتعاون الدولى اللتين تتولى حقيبتيهما وزيرة واحدة «معجزة».. وهى نفسها التى قالت أمام نفس المؤتمر: إننا «قدمنا كافة الضمانات التى يحتاجها المستثمرون».. أى لم يعد لديها جديد تقدمه لهم.. وذلك رغم ما قاله الرئيس وتأكيده على أن «جذب الاستثمار تحدٍ كبير» وأن هذا التحدى يتطلب «طرحنا لمشاريعنا بشكل أكثر جذبًا وأكثر فائدة من الواقع الموجود فى الدول التى توجد فيها الصناعات» التى نستهدف جذبها.

< المسألة="">

أنك تمتلك معظم - وليس كل - مقومات صناعة ما.. السيارات مثلاً.. من مواد خام ومصادر طاقة وأيد عاملة أو رأسمال بشرى وجهاز إدارى منظم وأسواق ووسائل نقل ومواصلات وشبكة طرق.. لكن ينقصك أهم هذه المقومات.. وهما الـ  know how ورؤوس الأموال الكبيرة.. ومن أجل أن تحصل عليهما لا بد أن تخوض معارك تنافسية شرسة مع غيرك من الدول التى لها نفس مساعيك ولديها نفس إمكانياتك وتنقصها نفس احتياجاتك.. وهى كثيرة.. ومن أجل ذلك عليك أن تقدم مزايا أفضل ووسائل جذب أكثر فائدة بالنسبة للمستثمر.. ولن تستطيع ذلك ما لم تكن تعرف قدر وماهية ما يمكن أن يقدمه منافسوك.. وهذا هو دور وزارة التعاون الدولى ووزارة الاستثمار والسفارات المصرية فى الخارج و«الملحقيات التجارية» التى تقلص حجمها للأسف وانحسر دورها.. بدعوى توفير الإنفاق!

الأهم من ذلك هو توفر الإرادة لدى الدول المُصدرة لرؤوس الأموال أو ذات الملاءة الاستثمارية.. وأيضاً الدول المصدرة للتكنولوجيا والـ know how.. من أجل أن تثق فيك وتتعامل معك أنت وتفضلك على غيرك وترغب فى «دفعك إلى الأمام».

< هنا="" يأتى="" دور="">

دور الدولة وقيادتها السياسية.. والأمر هنا يتعلق بجزئيتين.. الأولى هى الثقل السياسى والاستراتيجى للدولة الذى يعطيها وضع الأفضلية عند تعاملها مع دول العالم الخارجى.. والثانية تتعلق بمدى قدرة أصحاب القرار السياسى على خلق بيئة داخلية مستقرة.. سياسياً وقانونياً وأمنياً واقتصادياً ومالياً ونقدياً واجتماعياً (الترتيب مقصود حسب الأهمية).. وهى البيئة الجاذبة للاستثمار.

سُئل برايان جريفز القائم على مؤسسة جولدمان ساكس.. تلك المؤسسة الأمريكية التى يقال إنها «الإمبراطورية المالية التى تحكم العالم».. ما هى العناصر الثلاثة الأكثر أهمية فى مواجهة الدول التى تسعى لجذب المستثمرين الأجانب؟

أجاب: إن التحدى الأساسى الأول هو خلق بيئة مالية مستقرة.. ومفتاح الاستقرار هو تحقيق نسبة تضخم منخفضة.. فالمستثمر الأجنبى يعتبر التضخم المنخفض أساس بناء اقتصاد السوق.. والتحدى الثانى هو تحرير الاقتصاد وإعادة هيكلته إلى جانب أولويات أخرى مهمة مثل الشفافية فى كل العمليات الاقتصادية الدقيقة.. فأكثر ما يكرهه المستثمرون هو أن يشعروا بالجهل تجاه حقيقة ما يحدث فى البلد التى يستثمرون فيها أموالهم.. والثقة دائما ما تأتى كنتيجة للشفافية.. وأخيراً فإن المستثمرين الأجانب يهتمون بالحرية المتاحة فى إعادة توزيع المكاسب.. فالقيود التى تقف حائلا أمام خروج المال من البلد تشكل عامل إحباط طارداً للشركات الأجنبية. 

< والآن="">

هل نحن فعلاً تعاملنا مع كل هذه التحديات بنجاح؟.. ما قاله الرئيس هو أننا لم ننجح بعد.. وهذا النجاح ليس سهلاً.. وما زالت أمامنا تحديات تتطلب قرارات صعبة.. كما تحتاج وقتاً يتناسب عكسياً فى طوله مع مدى صدق الدولة فى خلقها لمناخ الثقة اللازم لتحقيق هذا النجاح.