عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لله والوطن

 إعلان وزير الخارجية الأمريكى مايك بومبيو أن بلاده لم تعد تعتبر المستوطنات الإسرائيلية «متعارضة مع القانون الدولي».. ليس الموقف الوحيد الذى يفضح الانحياز الأمريكى للإسرائيليين وضد القضية الفلسطينية.. قضية العرب الأولى والأساسية.. فقد ظهر هذا الانحياز واضحا خلال الشهور الأخيرة الماضية فى عدة قرارات.. قد يصل عددها إلى 9 قرارات وفقا للخارجية الفلسطينية، وعلى رأسها الاعتراف الأحادى الجانب بالقدس عاصمة لإسرائيل وسيادة إسرائيل على الجولان السورى.

•• خطورة الإعلان الأمريكي

أنه يكشف كيف تتصور إدارة الرئيس ترامب أن الولايات المتحدة هى «دولة فوق القانون الدولي».. وأنها مؤهلة أو مخولة بإلغاء قرارات الشرعية الدولية والقوانين والاتفاقيات الدولية التى تعتبر الاستيطان بشكل عام «جريمة حرب».

كما تتمثل خطورة الإعلان الأمريكى الداعم للاستيطان الإسرائيلى أيضا.. فيما يمكن أن يترتب عليه من إجراءات إسرائيلية عدوانية وجائرة.. أقربها هو اتخاذ قرارات بضم «غور الأردن» وأغوار الضفة الغربية فى فلسطين المحتلة.. بما يعد نسفا لجميع الأسس القانونية والمرجعيات الشرعية الدولية الخاصة بجهود حل الصراع العربى الإسرائيلى.. وذلك ضمن مخطط أمريكى - إسرائيلى لتصفية القضية.. ودعم الوضع الانتخابى الحرج للرئيس ترامب بالتغول على حقوق الشعب الفلسطينى.. وهو ما يضع المنطقة بكاملها على حافة بركان قابل للانفجار.

•• الثابت

أن قضية الاستيطان هى إحدى القضايا الرئيسية التى أدت إلى توقف المفاوضات السياسية بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى منذ عام 2014.. حيث يصر الفلسطينيون على وقف الاستيطان الإسرائيلى فى الأراضى العربية المحتلة.. باعتبار أن بناء هذه المستوطنات هو خرق للقانون الدولى وقرارات الشرعية الدولية.. وإجراء يقتل حل الدولتين ويقوض فرص تحقيق السلام الشامل.. بينما تواصل إسرائيل البناء فى الضفة الغربية.

وهذا يعكس بوضوح مدى الاستخفاف والصلف والغرور من جانب دولة الاحتلال.. المسنودة والمدعومة بأصدقائها الأمريكان.. تجاه «الشرعية الدولية» الممثلة فى القرارات التى تصدرها الأمم المتحدة.. والتى لم يحترم الكيان الصهيونى قرارا واحدا منها.. ولم يحاسبه أو يعاقبه أحد.. طالما ظل «الفيتو» الأمريكى حاضرا دائما.

•• وسيتكرر ذلك الآن أيضا

فليس أمام السلطة الفلسطينية فى إطار ما يمكن أن تتخذه من إجراءات لمواجهة هذا الإعلان الأمريكى.. إلا أن تتجه إلى المؤسسات الدولية.. مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة ومحكمة الجنايات الدولية ومجلس حقوق الإنسان الدولى.. وهنا سيكون «الفيتو» الأمريكى حاضرا بالطبع.

يذكرنا ذلك بما حدث فى نهاية ولاية الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما.. عندما امتنع عن استخدام الفيتو ضد القرار الأممى الخاص بإدانة الاستيطان الإسرائيلى فى الأراضى الفلسطينية.. ذلك القرار الذى كانت مصر قد طلبت طرحه للتصويت ثم تراجعت عن طلبها.. ثم عادت وصوتت بالموافقة عليه عندما قدمته 4 دول أخرى.. وهو ما أثار لغطا وجدلا واسعين فى وقتها حول أسباب هذا الموقف المصرى.. وحول أسباب عدم استخدام أوباما «الفيتو»؟.. وهل كان ذلك مؤشرا على استيقاظ الضمير الأمريكى فجأة؟ أم أن أوباما بعد أن تحرر من سيطرة اللوبى الصهيونى فى بلاده.. ولم يعد فى حاجة لمساندته فى الانتخابات.. أراد أن يدق «إسفينا» بين هذا اللوبى والإدارة الأمريكية «الجمهورية» ومرشحها الرئاسى آنذاك «ترامب» انتقاما لـ«الديمقراطيين» وهزيمة مرشحتهم هيلارى كلينتون؟.

وكانت هذه التساؤلات منطقية فى ظل حقيقة أن الولايات المتحدة لم يسبق لها أن وافقت على أى قرار.. ولو بتوجيه اللوم وليس الإدانة لإسرائيل.. داخل الأمم المتحدة.. كما أن إدارة الرئيس الأمريكى أوباما لم تتخذ موقفا واحدا طوال ثمانى سنوات قضاها فى الحكم تجاه الاستيطان الإسرائيلى فى الأراضى المحتلة.

ولذلك كان الاحتمال الأخير «احتمال الإسفين» هو الأكثر واقعية واقترابا من الحقيقة.. وهو ما دعانا حينها إلى القول بأن هذا التحول الأمريكى فى الموقف من الاستيطان سينتهى حتما فور تسلم «ترامب» مهام منصبه.. وهو ما حدث الآن بالفعل.

•• حسنا

نفترض أن الفلسطينيين ذهبوا إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن.. وتم طرح مشروع قرار ضد الإعلان الأمريكى وبالتأكيد على عدم شرعية الاستيطان.. ولم تستخدم واشنطن الفيتو «وهذا مستبعد».. فهل ستلتزم إسرائيل بهذا القرار الأممى؟

مرة أخرى نتذكر ما حدث فى نهاية عهد أوباما.. ففور التصويت بالموافقة على إدانة الاستيطان.. أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلى- فى تحد سافر ومهين- عدم اعترافه وعدم التزامه بالقرار.. بل شرعت دولة الاحتلال فى بناء بؤر استيطانية جديدة.. وكالعادة تقاعست المنظمة الدولية عن اتخاذ أى إجراءات من شأنها إلزام إسرائيل بتنفيذ القرارات الأممية.. فما الحل إذن؟

هنا يبرز دور المجتمع الدولى.. والدول الكبرى التى انبرت معبرة عن رفضها الإعلان الأمريكى الجديد.. إذ لا يكفى أبدا أن ينتهى موقف هذه الدول عند الرفض.. بل لا بد من أن تتوحد خلف مشروع قانون يتم تقديمه إلى الأمم المتحدة بفرض عقوبات ضد إسرائيل إذا لم تلتزم بوقف الاستيطان.. حتى لو استخدم ترامب «الفيتو».. حتى يتحمل الرئيس الأمريكى مسئوليته التاريخية عما سيترتب على القرارات الخرقاء المنحازة لدولة الاحتلال من تداعيات سلبية وخطيرة.. ليس على القضية الفلسطينية وحسب.. ولكن على النظام الدولى بشكل عام.