رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

مراجعات

عندما قرر زعماء ست دول بمنطقة الجزيرة العربية المطلة على الخليج، تأسيس كيان سياسي وإقليمي للتعاون عام 1981، نظرًا لتشابه الطبيعة الجغرافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، لم يكن متوقَعًا أن يأتى يوم يتعرض فيه هذا الكيان الوحدوي إلى «إعصار» يُهدد وجوده. خلال السنوات الماضية، تعرضت المنظومة الخليجية لخلافات كبيرة، واصطفافات وتباينات واضحة، فى عدد من الملفات الشائكة بالمنطقة، أدت بطبيعة الحال إلى انقسام واضح، أو بالأحرى قطيعة تامة.. لكن الأزمة القطرية، بعثرت الأوراق منذ حوالى ثلاثين شهرًا، ليصبح البيت الخليجي «مستباحًا» إقليميًا ودوليًا.

السياسة القطرية، خلال ثماني سنوات، كانت تغرد «خارج النصّ»، ولم تتوانَ عن ركوب المخاطر والصراع فى بحر السياسة الهائج، فجلبت لها الكثير من الأزمات والمشاكل الحقيقية، جعلتها «فى مهب الريح»، أمام عواصف هوجاء، لم تهدأ تداعياتها حتى الآن.

صحيح أن سياسات الدول عبارة عن اختيارات خاطئة، أو صائبة، لأنها تقرر ما تراه مناسبًا، بناءً على ظروفها ووفقًا لمصالحها، لكننا نتصور أن السياسة القطرية، لم تلقَ ارتياحًا خليجيًا عامًا، فواصلت التحليق خارج السرب، ما استدعى ذلك تراكم المواقف السلبية، وبالتالي تم قطع العلاقات وإحكام الخناق على الدوحة.

ومع استمرار هذا الحصار أو المقاطعة، أصبح الوضع أكثر تعقيدًا وتشابكًا، خصوصًا فى ظل تراشق محموم، وتبادل مسموم للحملات الإعلامية الموجَّهة، واستخدام كافة الأساليب المجرَّمة إنسانيًا وأخلاقيًا، بدءًا من وسائل الإعلام، ومرورًا بمنصات التواصل الاجتماعي.. وليست انتهاءً بالأغاني!!

حقيقة لا ندرى لمصلحة مَن استمرار هذه الأزمة، رغم وساطات خيِّرة حاولت جاهدة حلحلة المواقف المتشنجة، أو إنهاء تلك «الحالة الشاذة»، إلا أنها اصطدمت ببعض التدخلات الإقليمية والدولية، التي تحاول التصعيد بشتى الطرق، لتعزيز الانقسام، وتحقيق منافع اقتصادية، وبالتالي حَلْب دول الخليج حتى الرمق الأخير!

ربما أدرك زعماء الخليج ولو متأخرًا أنهم تورطوا بشكل أو بآخر، مع «الراعي» الأمريكي، الذى لا يُخفى نيَّته المقرونة بالأفعال، فى دخوله على خط «تسخين الأجواء»، لتحقيق مكاسب مالية، كعادته دائمًا في استغلال المواقف بين الأشقاء، وتسعيرها بلغة «السماسرة» وتجار الحروب والسلاح!

الآن، ربما تنجح الرياضة هذه المرة في إصلاح ما أفسدته السياسة، فى ظل مؤشرات للتهدئة لا تخفى على متابع، خلال الآونة الأخيرة، ولذلك نتصور أن بداية المصالحة ستكون خلال ساعات، عندما تستضيف قطر بطولة كأس الخليج لكرة القدم في نسختها الرابعة والعشرين، بمشاركة كافة دول مجلس التعاون، رسميًا وجماهيريًا.

ما يجعلنا أكثر تفاؤلًا هو أن التاريخ قد يُعيد نفسه، وما قصة «دبلوماسية كرة الطاولة» ببعيدة عن الأذهان، حيث مثَّلت بدايات تطبيع العلاقات بين واشنطن وبكين، فى سبعينات القرن العشرين، سببًا لزيارة الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون.. كما أنه على مدار عقدين من الزمان، تم استخدام الرياضة كمقدمة لتطبيع العلاقات بين الولايات المتحدة وكوبا، في عهد بيل كلينتون، انتهت بزيارة باراك أوباما إلى هافانا.

أخيرًا.. رغم وجود نماذج سلبية كثيرة، تم خلالها توظيف الرياضة، فى إثارة العداء وتأزم العلاقات بين الشعوب والدول، أو حتى وصول الأمر إلى حد اندلاع وإشعال الحروب، إلا أننا أصبحنا الآن أكثر تفاؤلًا ببداية حقيقية وانفراجة وشيكة، فى تحقيق المصالحة الخليجية، فروابط الأخوة والتاريخ والجغرافيا والدم واللغة والدين، بين شعوب الخليج، ستبقى دائمًا أكبر من أى خلاف.. ولا عزاء لـ«نافخى الكير».

[email protected]