رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لله والوطن

ضَرَبَ نتنياهو الفلسطينيين فى غزة من جديد.. التصعيد بدأ فى هذه المرة من جانب تل أبيب بعملية اغتيال إجرامية ضد بهاء أبو العطا أحد أهم قيادات «سرايا القدس» الجناح العسكرى لحركة الجهاد الإسلامية فى فلسطين.. وهى جريمة دولة بمعنى الكلمة.. خاصة بعد أن أعلن الصهاينة أنفسهم أن عملية الاغتيال هذه تمت الموافقة عليها والتخطيط لها منذ أكثر من أسبوع عن طريق رئاسة الأركان بجيش الاحتلال وجهاز الأمن العام «الشاباك».. وكان من الطبيعى أن ترد «الجهاد» على هذا العدوان بقصف صاروخى على المستعمرات الإسرائيلية.. ليرتدع الصهاينة ويعلموا أن إجرامهم لابد أن يكون له ثمن.. وحتى لا تتكرر مثل هذه الجرائم من جانبهم كثيرا.

•• لكن

يبدو أن المجرم نتنياهو لم يكن يريد من البداية أن يقف الأمر عند هذا الحد.. وكانت لديه خطة مسبقة الإعداد.. من أجل إشعال الموقف وتصعيده إلى «حافة الحرب».. فاصدر أوامره لجيش الاحتلال بشن غارات جوية على قطاع غزة.. وقصف الأحياء السكنية.. ما أسفر حتى وقت كتابة هذه السطور عن سقوط أكثر من 22 شهيدا أغلبهم من المدنيين العزل فى القطاع.. وإصابة العشرات.

رهان نتنياهو على هذا التصعيد واضح.. وهو محاولة الهروب من أزماته القضائية والسياسية الداخلية.. وغسل يديه من هذه الأزمات.. ولو كان ذلك بدماء الشهداء الفلسطينيين.

نتنياهو يريد افتعال الحرب بفتحه جبهة قتال مع فلسطينيى غزة.. لتغطية عجزه عن تشكيل الحكومة الجديدة.. يريد بهذا التصعيد أن يدفع باتجاه تشكيل حكومة طوارئ لإدارة الأزمة.. برئاسته.. أو باتجاه إجراء انتخابات ثالثة.. بعد أن فشل فى مرتين سابقتين فى الحصول على الأغلبية اللازمة.. وهو ما دفع رئيس دولة الاحتلال إلى تكليف خصمه بينى جانتس رئيس حزب «أبيض أزرق» بتشكيل الحكومة.

فى الحقيقة.. نتنياهو يريد الهروب من الملاحقة القضائية والجنائية فى قضايا الفساد العديدة المتورط بها.. كل همه هو أن يبقى رئيسا للحكومة.. لأن القانون الإسرائيلى ينص على أنه لا يحق لأحد مقاضاة رئيس الوزراء.. اضف إلى ذلك أن نتنياهو يحاول بإشعاله الموقف فى غزة.. القضاء على أى أمل أو فرصة لتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية.. خاصة بعد أن نجحت جهود مصر والقيادة الفلسطينية فى إقناع جميع الأطراف الفلسطينية بقبول إجراء انتخابات شاملة.. وهو ما بدأ الفلسطينيون الاستعداد له بالفعل.   

•• المؤكد

ان هذه الخطوة التصعيدية من الجانب الإسرائيلي.. كانت متوقعة.. ومن أجل ذلك يأتى التحرك المصرى الدبلوماسى النشط والسريع الآن.. استجابة لنداء الاطراف الفلسطينية.. لمحاولة احتواء الوضع والحيلولة دون تحول هذا التصعيد إلى حرب شاملة.. وهى جهود تهدف إلى التوصل إلى اتفاق للتهدئة ووقف إطلاق النار وتثبيت قواعد الاشتباك بين الطرفين.. أخذا فى الاعتبار أنه ليس من مصلحة كل الأطراف أن يتحول الأمر إلى حرب مفتوحة.. فالفلسطينيون جميعا يعلمون جيدا أقصى حدود هذا التصعيد.. ولا يريدون الدخول فى حرب واسعة مع الإسرائيليين تعطلهم عما عزموا واتفقوا عليه.. وهو إجراء الانتخابات.. وما فعلوه هو فقط توجيه رسالة إلى الاحتلال مفادها أن دماء وأرواح الشعب الفلسطينى ليست رخيصة.. وأنهم لن يدفعوا وحدهم ثمن رهانات نتنياهو السياسية الخبيثة.

الاسرائيليون أيضا لا يريدون أن يصل هذا التصعيد الآن إلى الحرب.. لكنهم كالعادة يمارسون مع الفلسطينيين «لعبة حافة الهاوية».. أى الضغط والتهديد إلى ما قبل درجة الانفجار.. ثم العودة للتهدئة.

•• من جانبنا

تتحرك مصر انطلاقا من مسئوليتها الأخلاقية والسياسية تجاه القضية الفلسطينية.. ولدى مصر أيضا مخاوف أمنية على حدودها مع غزة.. وهذا طبيعى أيضا.. لأن اسرائيل إذا اجتاحت غزة بطائراتها وصواريخها.. وربما دباباتها ومدرعاتها.. فأين سيذهب سكان القطاع الا أن يتجهوا غربا عبر الحدود المصرية؟

حدث ذلك من قبل.. عام 2008 عندما اقتحم الآلاف من الفلسطينيين الخط الحدودى مع سيناء تحت ضغط الحصار الاسرائيلى ونقص المواد الغذائية والاحتياجات المعيشية.. ولا ترغب مصر بالطبع أن يتكرر ذلك.. وهو ما كان وراء حرصها دائما على تخفيف الحصار على القطاع.. ووراء قرار فتح معبر رفح أمام الفلسطينيين.

ولا شك أن نجاح الجهود المصرية وجهود أطراف دولية أخرى.. إضافة إلى استجابة قيادات الفصائل الفلسطينية.. فى تهدئة الأوضاع فى غزة سوف يجنب الفلسطينيين خطورة استدراجهم إلى خطة حرب جهنمية توشك على الانفجار.. وأن تجنب هذه الحرب هو فى حد ذاته مكسب كبير ليس للفلسطينيين فقط.. ولكن لمصر أيضا ولأطراف عديدة أخرى.

•• المهم الآن

أن تنجح جهود التهدئة.. وأن تلتزم اسرائيل بها.. وأن تستجيب الفصائل الفلسطينية لهذه الجهود أيضا.. كل الفصائل.. بما فى ذلك «سرايا القدس».. لأنها إن لم تفعل ذلك ستمنح نتنياهو فرصة جنى كل الأرباح وحده.. الأرباح من وراء التصعيد.. ومن وراء التهدئة أيضا!!