رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لله والوطن

هل حقا تحولت الديمقراطية إلى «محنة»؟!.. هذه القضية التى أنفقنا عليها أهم وأخصب سنوات عمرنا ومسيرتنا المهنية والسياسية.. كيف أصبحنا ننظر إليها الآن بحذر وتوجس.. وعيوننا متوجهة نحو دول شقيقة وصديقة عصف بها «الحلم» وفتكت بها أعاصير الطموح.. وطُعنت شعوبها بخناجر مسمومة بأفكار كانوا يتوهمون فيها الطريق إلى الخلاص والنجاة.. وإلى «العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية»؟!

<>

ننظر إلى الأشقاء فى العراق.. تلك الدولة التى تمزقت وزالت ودُمرت باسم الديمقراطية والحرية.. واجتمعت على أرضها شياطين الأرض وجيوش الغرب بزعم إنقاذ شعبها من براثن «الديكتاتور».. فلم يجن هذا الشعب بعد سنوات من الاحتراب والاقتتال والتناحر والفتن والمحن إلا المزيد من إزهاق الأرواح وإسالة الدماء وحرق الأرض وهتك العرض.. والفقر والظلم والخراب !!.

وننظر إلى لبنان الشقيق.. وكيف انتهى بهم الحال إلى أزمة سياسية واقتصادية عاصفة وثورة شعبية اقتلعت كل رموز الطائفية والحزبية والمؤسسات الديمقراطية من جذورها.. ووضعت الدولة على شفا حرب أهلية جديدة.

وننظر الى تجربة الانتخابات التونسية.. ودلالة نتائجها التى أطاحت بجميع مرشحى التيارات السياسية.. ووجهت صفعة قوية للنخب التقليدية.. بصعود مرشح لا يملك تيارًا سياسيًا يسانده ماديًا أو سياسيًا.. وصاحب خطاب معادٍ للأحزاب وللديمقراطية.. ليكون رئيسا للدولة التى ظلت منذ 2011 وحتى وقت قريب قبلة لكل «الثوريين» والحالمين بـ «ربيع الحرية العربى».

<>

ننظر الى حالتنا نحن فى مصر.. مع تجربتين انتخابيتين كاشفتين.. كانت أهم دلالاتهما هى توغل تيار «الإسلام السياسي» فى جسد المجتمع ثم فشله وافتضاح ضعفه وخداعه وتآمره لصالح مشروع وهمى «غير وطني».. وهو ما أدى إلى ثورة شعبية اقتلعته بـ «الدم» من فوق مقاعد الحكم بعد عام واحد من ولايته.. وأيضا كان من أهم هذه الدلالات انكشاف ضعف وهوان وغياب التنظيمات السياسية والحزبية الحقيقية فى الشارع المصري.. وفشلها فى منافسة تيار «الإسلامويين».. لأنها فى الحقيقة لا تمتلك الأدوات أو التنظيم أو الحضور الجماهيرى أو الخطاب السياسى والإعلامى اللازم لتقديم وطرح البديل المقنع للجماهير.. وهو ما أفقد الناس الثقة فى هذه القوى وصرفهم عنها.. كما أفقد الناس الثقة فى المناخ السياسى الحزبى والديمقراطى بشكله القائم.. وبوجه عام.

< نتذكر="">

كتبها المفكر الراحل العظيم لويس عوض فى تشخيصه لـ «محنة الحضارة الغربية مع قضية الديمقراطية».. وخلص فيها إلى «أن أساس المحنة التى تمر بها الحضارة الغربية هى اللبس الناشئ من تحول الديمقراطية من منهج لتحقيق شئ أرقى إلى غاية تُطلب لذاتها.. كما ينسحب الحديث نفسه على تعبير الحرية الذى هو صنو للديمقراطية.. فالحرية ظرف، والحرية حالة، والحرية سبيل لتحقيق حقوق الإنسان ورفاهيته وسعادته.. فإذا تحولت الحرية إلى غاية فى ذاتها أمكن استخدامها فى المباح.. وغير المباح».

< تلك="" هى="">

وتلك هى المحنة التى انتقلت بالفعل من حضارة الغرب إلى بلادنا.. ونحن نمر بمرحلة معقدة الحسابات فى تاريخنا السياسى والاجتماعى.. ونسعى الى التحول نحو الديمقراطية والإصلاح السياسى اللذين طالما جاهدنا وكافحنا من أجلهما.. ذلك التحول الذى كتب علينا فيه أن نقف أمام الخيار: «من أين يبدأ الإصلاح»؟.. هل بإصلاح النظام السياسى القائم نفسه.. من أجل بناء نظام ديمقراطى يناسب خصوصية مجتمعنا وتحولاتنا السياسية.. أم تكون البداية بدعوة المؤسسات السياسية والحزبية إلى «الإصلاح الذاتى» وإعادة بناء هياكلها وتطوير أدواتها من أجل استعادة الثقة الجماهيرية التى فقدتها؟.. أم نتمسك بتنفيذ كل بنود أجندة الإصلاح المطلوب.. على نفس النسق الغربي.. وبما يؤدى إلى تهيئة المناخ الديمقراطى الكامل والملائم؟

وأيضاً.. هل يُكتب علينا أن نقبل بأى قدر متاح من الإصلاح.. وبأى كيفية.. وبلا أى ضمانات لتحقيق «الهدف الأرقى».. فى ظل حالة التربص والتآمر التى تعانيها الدولة القائمة من جانب أعدائها فى الداخل والخارج؟

< وتلك="" هى="">

وإن الوعى بكل أبعاد هذا المشهد.. هو أقل ما يمكن أن يصون لنا ما نطمح إليه من أولى خطوات الإصلاح الذى وعدت القيادة السياسية بتحقيقه بالفعل.. وبما يحفظ هذه الخطوات من العابثين والمتربصين والكارهين والمشككين والمتآمرين.. ويجعلها بحق - وكما قال الدكتور لويس عوض - منهجاً لتحقيق هدف اسمى وليست غاية تُطلب لذاتها.. فيستخدمها المارقون فى كل ما يسعون إليه من عمل «غير مباح».