رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مجرد كلمة

مضت خمس سنوات على رحيل الدكتور نعمان جمعة.. رئيس حزب الوفد الأسبق... وكان أوصى كريمتيه الدكتورة إيمان والدكتورة غادة والسيدة الفاضلة زوجته.. بألا يقام له عزاء.. نعمان الفدائى والسياسى ومحامى الحريات وعميد الحقوق ورئيس الوفد والخطيب المفوه.. معقولة لا يقام له عزاء، ومن هنا كتبت هذا المقال منذ خمس سنوات..

لا عزاء.. لا بكاء.. لا دموع.. منكم أيها البشر.. فأنا ذاهب لربى وربكم.. هكذا أوصى د. نعمان جمعة.. وهكذا كانت كلماته لابنتيه الدكتورة إيمان والدكتورة غادة

وقبل صعود الروح لبارئها..

رحل وحيداً بناء على وصيته ورغبته.. وإيماناً منه بأن طريقه لن يكون للبشر، ولا جماعة، ولا حزب.. ولكن طريقه لرب الأرباب.. طلب ألا يعزيه أحد هكذا هو نعمان جمعة.. فهو لم يستأذن أحداً فى صباه عندما رأى وطنه فى محنة.. فهب مقاوماً ومدافعاً عن تراب الوطن فى بورسعيد ضد العدوان الثلاثى ضمن المقاومة الشعبية.. حتى اعتقلته قوات العدوان وهو مازال صبياً فى مقتبل العمر.. هكذا سجل التاريخ.. وهكذا سجلت الأهرام فى صفحتها الأولى فى عام 1956.. سجل التاريخ بحروف من نور قصة كفاح ونضال شاب حمل روحه على كفيه وذهب مقاوماً عدواناً يستهدف وطنه.. فيقدم لنا قدوة لمن يعرفون كيف يكون قدر الأوطان.. لم يستأذن أحداً يوم وقف وحيداً ضد الجميع، رافضاً ضرب العراق من أمريكا والغرب فى بداية التسعينيات.. مطالباً بالحل العربى لتحرير الكويت واصفاً بوش الأب بشرطى المنطقة.. فكان أبعدهم نظراً عندما كان يحذر ويصرخ من نبضات قلبه وفى سطور نبضات مقاله.. تأتى الأيام لتؤكد وتثبت قوة عروبته وعمق رؤيته.. فأمريكا لا تريد تحرير الكويت بقدر تنفيذ مخططها.. وإحكام السيطرة على ثروات الخليج.. وتقسيم العراق.. وإبادة شعبه.. أطفاله ورجاله ونسائه.. لم يستأذن أحداً، ولم يستجب لأحد ولم ينافق أحداً.. ويتفجر منه بركان الغضب والغليان ليكشف كم كان غيوراً على الإسلام والمسلمين.. عندما وجد جزارى الصرب ينهشون ويذبحون المسلمين، ويبقرون النساء ويحولون صربيا وكرواتيا إلى مقابر جماعية للمسلمين فى تآمر من الأمم المتحدة.. وأمينها العام فى ذاك الوقت.. فيسطر بنبضاته على صفحات «الوفد»، وفى مؤتمراته حرفياً بأن على كل وطنى مصرى مسلم أو قبطى أن يتبرأ من جريمة ومن تواطؤ بطرس بطرس غالى أمين عام الأمم المتحدة فى جريمة إبادة شعب البوسنة والهرسك.. مسجلا فى سطور نبضاته أن الوطنية المصرية مسلمة وقبطية ترفض جريمة الأمين العام للأمم المتحدة حتى إن كان مصرياً.. لم يصرفه نبوغه وتفوقه العلمى فى مصر أو السوربون ولا أناقته وشياكته عن النضال من أجل وطنه.. مؤمناً بأن الوفد ليس حزبا وإنما أمة، وأن الأحزاب والتيارات تموت ولكن الأمم تبقى.. فكان الرجل الثانى ومهندس إعادة الوفد بعد فؤاد باشا سراج الدين زعيم الوفد وخليفة النحاس.. فلم يكن فؤاد سراج الدين ذاك السياسى المحنك والتاريخ الحافل بالنضال، وخبير فرز معادن الرجال إلا أن يختار رجلاً مثل نعمان.. فكان نعمان رجل المهام الصعبة ووقود معارك الوفد وخطيبه وكاتبه.. وأستاذ الأجيال الذى لا يشق له غبار.. وصقراً للمعارضة وفارساً فى محراب العلم والجامعة.. ولم يكن لأهل العلم والقانون إلا أن يختاروا نعمان عميداً لحقوقها ضد أقوى رجال النظام وهو مفيد شهاب.. وينطلق نعمان بحقوق القاهرة ليعيد لها مجدها قبل 1952 التى احتل خريجوها مواقع السلطة والسياسة.. وأصبح طلابها محل فخر ذويهم بأنهم فى كلية عميدها نعمان.. ورغماً عن النظام ومخططاته تتجدد ثقة أساتذة القانون، وأهله فى نعمان، ويختارونه لمرة ثانية عميداً لكلية الحقوق جامعة القاهرة.. فيتآمر النظام وأبواقه وترزيته فى إصدار تشريع يمنع انتخاب عمداء الكليات ويشرعون باطلاً مضمونه تعيين عمداء الكليات.. عن طريق تقارير الأمن وأبواق السلطان.. ويعيش الوفد مجداً مع سراج الدين ورجاله ونائبه الأول نعمان الذى سطر تاريخاً يفخر به كل محب للحريات وحقوق الإنسان.. ويلبى سراج الدين فى شهر أغسطس عام 2000 نداء ربه.. فيلتف أبناء وتلاميذ وجموع الوفد ويختارون نعمان جمعة.. رئيساً للوفد ليسطر صفحات من نضال حزب الأمة ويحفظ للحزب تاريخه ومجده ويواصل مرحلة نضال ضد فساد واستبداد النظام الحاكم.. ثم يخوض نعمان معركة من أجل هذا الوطن.. هى معركة تستهدف مصرية هذا الوطن وعروبته وإسلامه ووحدته وسلامة بنيانه.. وهى قضية التمويل الأجنبى المشبوه.. الذى استشرى من خلال مخطط الغرب والأمريكان، تعاونهم مافيا التمويل المشبوه مستهدفة وطناً وأحزاباً.. فكانت معركة نعمان.. حتى إن شوهوه، فهو لم يعرف الدموع.. حتى إن حاصره الموت يوماً من كل جانب.. فقد ظل شامخاً أنيقاً خطيباً مفوهاً أستاذاً وعميداً كاتباً فارساً رئيساً للوفد وزعيماً.. لا يعرف الخوف من السجون، فقد اعتقله العدوان الثلاثى فى 56.. لا يعرف الدموع، وإن منعوا عنه الماء والطعام والدواء.. لا يعرف الحزن، وإن شوهوا نضاله فسيظل ثوبه ناصع البياض.. نعم أيها الصامد فى حياتك صباك وهرمك لا تنتظر من أحد عزاء.. فالله أعلم بمن ظلموك.