رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لله والوطن

من واجبنا جميعا التصدى لمحاولات «البعض» شيطنة الأزهر الشريف والتشكيك فى دوره التاريخى كمؤسسة ترمز إلى وسطية وسماحة دين الإسلام.. ومن واجبنا أيضًا التوعية والتنبيه إلى محاولات الخلط بين الأزهر وموقفه كمؤسسة.. وبين ما يصدر عن بعض شيوخه أو رموزه من آراء شخصية أو اجتهادات يشوبها أحيانًا بعض الخطأ ويجانبها الصواب.

لكن نرى كذلك أنه لا يجب أبدًا التهوين مما يوجه إلى المنشآت التعليمية التابعة للأزهر.. كالمعاهد والجامعات.. من انتقادات لوجود مواد فى مناهجها تحتاج إلى مراجعة وإعادة تقييم.. نظرًا لما تحتويه من أفكار وأحكام تشكل نفس القواعد الفكرية التى تنطلق منها عقائد الغلاة والمتطرفين وتنظيمات الإرهاب.. وخاصة ما يتعلق منها بقضية «الجهاد».. والعلاقة بين الدين وسلطة الدولة.. وبين المسلم و«الآخر».. والموقف من العلم.. وقدسية النصوص الدينية والموقف من الاجتهاد فى تفسيرها.. وغير ذلك مما لا يتسع المجال لحصره من القضايا الفكرية.  

•• ومن أجل ذلك

فإننا نختلف مع فضيلة الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف فيما ذكره بالأمس فى دورة تدريبية لمعلمى التربية الدينية بمشاركة وزارة التربية والتعليم.. من حكم قاطع بأن الدراسة بالأزهر.. تحديدًا فى المدارس والمعاهد والجامعات الأزهرية.. تحصن الطالب وتمنع اختطافه من جانب المتطرفين.

نقول له: عفوًا معالى وزير الأوقاف.. فإن خطورة هذا الكلام تتمثل فى أننا لو ارتكنا إليه فإنه يبدو وكأنه دفن للرؤوس فى الرمال.. وإغفال واضح لوجود مشكلة حقيقية لم يتم التعامل معها بشكل حاسم حتى الآن.. تتعلق بضرورة تنقية المناهج الدراسية الأزهرية.. وأن هناك بالفعل شواهد لارتباط فكر التطرف لدى الكثيرين من خريجى الأزهر بما درسوه من من مناهج فقهية.. وعلى أيدى بعض الشيوخ والأساتذة والمدرسين الذين يعتنقون الأفكار المتطرفة.. ويشكلون القاعدة التعليمية لبناء الخطاب الدينى «المشوه» السائد.

•• كلنا

نتعامل مع خريجى المدارس والمعاهد والجامعات الأزهرية.. ونعلم جيدًا ما يضمره الكثيرون منهم.. من مواقف سياسية تتعلق بما حدث من تطورات وصراعات سياسية مرت بها مصر خلال الـ 8 سنوات الماضية.. وصعود ثم انهيار دولة «الإخوان».. وأيضًا مازلنا نتذكر تلك المعارك الدامية اليومية التى كانت تشهدها الشوارع المحيطة بالمؤسسات التعليمية الأزهرية.. وتحديدًا المدينة الجامعية لطلبة الأزهر التى تحولت إلى «خلية إرهاب».. يخرج طلابها يوميًا للاشتباك مع قوات الأمن.. وينظمون المظاهرات المعادية للدولة وخصوصًا بعد 30 يونيه 2013.. بزعم دفاعهم عن «الدولة الإسلامية» التى أنهت الثورة وجودها وعن «الحكم بشرع الله» الذى يتوهمون أنه تحقق فعليًا بصعود أحد فصائلهم إلى الحكم.. وهو «الإخوان».. مع أن ذلك لم يحدث واقعيًا.. ولم نشهد فى عام حكم الإخوان الأسود أى تعديل أو تغيير للقوانين السارية بزعم عدم توافقها مع أحكام الشريعة الإسلامية.. كما أنهم لم يسنوا أى قوانين «شرعية» جديدة تضاف إلى ما هو قائم من قوانين.

•• ونعود

ونحذر من خطورة أن يغيب عن المؤسسات الدينية الرسمية.. أن المجتمع يعانى مشكلة حقيقية بسبب استغلال الدين وتحريف مفاهيمه وخطابه.. وتطويعهما سياسيًا من أجل تحقيق أغراض فئة خبيثة من المضللين والمرتزقة والتجار والخونة والعملاء.. كما نحذر من أن تتحول فكرة تجديد الخطاب الدينى إلى شعار فارغ المضمون يتشدق به فئة قليلة من «أهل الدين» فى المجالس والمؤتمرات والاحتفاليات دون وجود آليات حقيقية لهذا التجديد.. بينما تظل مناهج العلوم الدينية بالجامعات والمدارس وكذلك خطابات بعض الأئمة على منابر المساجد.. على نفس حالها.. إذ تشكل مفارخ وحاضنات للفكر المتطرف والإرهابى المنحرف.. فتلك مصيبة عظيمة.

قلنا من قبل: إن الخطاب الدينى الذى ندعو إلى تجديده فى إطار الحرب ضد الإرهاب.. لا ينفصل عن تجديد الفكر الدينى نفسه.. ولذلك لم يتغير أو يتجدد الخطاب الدينى حتى الآن رغم كل ما يبذل من جهود لذلك.. لأن أحدًا لم يجرؤ على الاقتراب من منطقة تجديد الفكر.. الذى أصابه التشوه والغلو والعطب على أيدى سماسرة السياسة وتجار الدين وأنصاف الجهلاء من «أصحاب العمامات المستأجرة» فى فضائيات الفتنة والتطرف.. لكن لا أحد يريد التصريح بذلك خشية أن يفتح هؤلاء «نار جهنم» أمامه ويرمونه بالكفر والزندقة والتآمر على الدين.. ومحاولة تغيير ثوابته!

•• واليوم نقول:

إننا لن نغير من هذا الوضع المؤسف إذا أبقينا رؤوسنا مدفونة فى الرمال.. وإذا حاولنا تصدير فكرة «إن كل شىء تمام» و«انه ليس فى الإمكان أبدع مما كان».. وطالما بقينا مشغولين بشعارات فارغة جوفاء عن محاربة الإرهاب بالتوعية والتثقيف والتعليم وتحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير فرص العمل للشباب وتقويم وتأديب الإعلام.. بينما يظل الحديث عن إصلاح الخطاب الدينى وتنقية المواد الفقهية من التطرف مجرد «حبر على ورق».