رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لله والوطن

القرار الذى أصدره الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء، بإحالة بعض الجرائم من النيابة العامة إلى محاكم أمن الدولة طوارئ.. ومنها جرائم التجمهر وتعطيل المواصلات والترويع والتخويف والمساس بالطمأنينة «البلطجة».. وكذلك الجرائم الخاصة بشئون التموين وجرائم الأسلحة والذخائر.. هذا القرار نعتبره خطوة مهمة فى الطريق الصحيح للمواجهة الجادة والفعالة لظاهرة البلطجة والعشوائية والفوضى التى انتشرت بشكل مرعب فى المجتمع.. حتى لو كان البعض يعترض على ذلك باعتباره ان محاكم الطوارئ تمثل قضاءً استثنائياً، يرفضونه باعتبار أنه لا يليق بـ«مصر الثورة».. مع أن هذه «الثورة» التى يتحدثون عنها بالفخر والإجلال هى التى ولدت من رحمها البلطجة وغيرها من كل أشكال الانحلال والانحدار والانفلات المجتمعى التى مازلنا نعانيها منذ عام 2011 حتى الآن.

•• كلنا نعلم

أننا نعيش حالة انفلات اجتماعى وانحلال أخلاقى عارمة.. اقرأ صفحات الحوادث ونوعية الجرائم الأخلاقية والعائلية التى تنشرها.. وانظر إلى مدى الانحدار الأخلاقى والفُجر والفُحش الذى يمارسه بعض الشباب على مواقع السوشيال ميديا.. وفى الشوارع أيضا.. لترى حقيقة ما وصلنا إليه.. هناك مرض عضال أصاب جسد المجتمع المصرى كاملاً.. سرطان يحتاج إلى علاج خاص.. واستثنائى.. على جميع المستويات.. السياسية والأمنية والاقتصادية والثقافية والدينية.. والقضائية أيضاً.

أسباب ذلك معروفة أيضاً: التفكك الأسرى.. انحطاط التعليم.. التجريف الثقافى.. انهيار القيم الأخلاقية والدينية.. سموم الإعلام الأصفر.. الغزو الفكرى الخارجى.. فشل أجهزة الإدارة.. غباء المنظومة الأمنية.. فوضى استغلال تقنيات الاتصال المتطورة.. سوء توزيع الثروات وإهدار مبدأ العدالة الاجتماعية.. انتشار «الجهل المقنَّع» بين الفئات المتعلمة.. والأكثر تعليماً.. توحش الأنظمة السياسية واستغلالها الشعب لتحقيق أطماعها الشخصية.. واحتكارها لمقاليد الحكم والسلطة.. المخدرات.. وأضف فوق ذلك غياب العدالة الناجزة بسبب بطء إجراءات التقاضى.

•• وقد آن الأوان

وأصبح حتمياً أن تقف الدولة وقفة حاسمة وجادة مع هؤلاء البلطجية والمجرمين والمنفلتين الذين أصبحوا يحكمون الشوارع.. ويفرضون سطوتهم جهارا نهارا على البشر.. ويمارسون أعمال ترهيب وابتزاز وفرض إتاوات.. دون رادع.. حتى بتنا جميعاً نخاف مواجهتهم، ونستسلم لإجرامهم.. حتى إن رجال الأمن أنفسهم لم يسلموا من بطش هؤلاء؟.

لا يمكن أبداً أن يستمر التراخى فى مواجهة ظاهرة البلطجة التى انتشرت بشكل سافر بعد يناير 2011 وبعد الانفلات الأمنى الذى ساد البلاد.. وانكسار حاجز الخوف والرهبة بين هؤلاء البلطجية وبين رجال الأمن.

ولا يمكن أيضاً التعامل مع هذه الظاهرة الكارثية باعتبارها أمرا واقعا.. لدرجة أن بعض المسئولين أطلقوا دعوات تعنى ضمنياً «تقنين البلطجة».. مثل تقنين عمل «سياس الأرصفة» الذين هم فى حقيقتهم بلطجية يمارسون فرض الإتاوات على أصحاب السيارات.. وكذلك تقنين عمل سائقى «التوكتوك» البلطجية الذين تروع جرائمهم المجتمع.. من أعمال خطف وسرقة واغتصاب.. وقتل أيضا.

•• نقول:

إن التراخى فى مواجهة هذه الظاهرة الخطيرة يعد اعترافاً ضمنياً من الدولة.. بعجز أجهزة الأمن.. بل انهيار الدولة بالكامل.. فالدولة التى لا تستطيع تطبيق القانون ومواجهة المجرمين هى دولة فاشلة.. وعاجزة.. الحكومة التى تفشل فى مواجهة البلطجة.. هى حكومة خائنة لأهم دور أوكله إليها الشعب.. بحكم الدستور.. الذى ينص على أن «سيادة القانون أساس الحكم فى الدولة».. كما أن الحكومة باعتبارها «الهيئة التنفيذية والإدارية العليا للدولة» ملزمة بحكم الدستور بأن «تكفل للمواطنين الطمأنينة والأمن وتسهر على حفظ النظام العام».. فإذا عجزت الحكومة عن تطبيق وإنفاذ القانون.. فإنها تفقد أساس وشرعية بقائها فى الحكم.

وهنا.. لا يجوز التعلل بضعف الإمكانيات.. المادية والبشرية.. أو بقوة الخصم وتوحشه.. فالدولة مسئولة مسئولية كاملة عن تطوير امكانياتها.. بأى ثمن.. للحفاظ على الأمن وسيادة القانون.. لأنهما أهم عناصر قوة الدولة.. ولأن القوة والصرامة فى حماية الشعب.. هما فى حقيقتهما أساس الحفاظ على هيبة الدولة بأكملها.. وهذه الهيبة خط أحمر لا يمكن تجاوزه.

•• وأيضاً

لا يجوز القول إن القرار الذى أصدره رئيس الوزراء مؤخرا هو تعزيز لمفهوم القضاء الاستثنائى والقوانين الاستثنائية.. فهذا مردود عليه بأن محاكم أمن الدولة طوارئ لا ينطبق عليها مفهوم القضاء الاستثنائى.. إذ إنها لا تختلف عن غيرها من المحاكم.. ولا تطبق قوانين خاصة غير ما ينص عليه القانون الجنائى.. الفارق فقط هو أن أحكام هذه المحاكم لا يجوز التصالح فيها.. ولا الطعن عليها أمام المعارضة الاستئنافية.. ولكن يجوز تقديم الالتماس لرئيس الجمهورية فقط.. وهو الذى يصادق على تنفيذها أو وقفها.. كما أنه إذا كان هذا القضاء سيساعد على تحقيق العدالة السريعة والناجزة فى مثل هذه الجرائم الخطيرة التى تروع المجتمع.. فمرحباً به حتى لو كان «استثنائياً».